الإثنين 16 أيلول , 2024 03:54

"سدي تيمان" معسكر جرائم الحرب في حق الأسرى الغزّاويين

معسكر "سدي تيمان"

إنّ "سدي تيمان"، الذي يشار إليه غالبًا باسم "غوانتانامو إسرائيل"، سيئ السمعة بسبب معاملته للأسرى الفلسطينيين، ويقع داخل القاعدة العسكرية التابعة للقيادة الجنوبية بالجيش الإسرائيلي، وقد أعيد افتتاحه مع اندلاع الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بغية احتجاز الفلسطينيين الذين أسروا من القطاع اثناء المعارك، وكذلك عناصر "وحدة النخبة" من كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، الذين تم أسرهم خلال معركة طوفان الأقصى.

وتضم القاعدة العسكرية -التي أقيمت في أوائل أربعينيات القرن الماضي خلال فترة الانتداب البريطاني، وتقع على بعد نحو 10 كيلومترات شمال غرب مدينة بئر السبع- أيضاً مقراً بديلاً لمديرية التنسيق والارتباط في غزة، التي يفترض أن تعمل في حالات الطوارئ على حدود غزة، وكذلك منشآت الاعتقال التي استخدمت أيضاً خلال العمليات العسكرية السابقة في غزة. وقد احتجز الجيش الإسرائيلي خلال معركة "الفرقان" التي تسمى إسرائيليا "الرصاص المصبوب" عام 2008، وخلال معركة "البنيان المرصوص" أو ما تسمى إسرائيليا "الجرف الصامد" عام 2014 مئات المعتقلين الفلسطينيين من غزة.

كما احتجز خلال طوفان الأقصى نحو 1500 غزي، وذلك بموجب أمر عسكري صادر عن وزير الدفاع يوآف غالانت تنفيذا لقانون "المقاتلين غير الشرعيين الإسرائيلي". وأقيمت منشآت الاعتقال داخل القاعدة العسكرية، ليكون الإشراف على المعتقلين من قبل الجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية، دون أن تكون لسلطة السجون الإسرائيلية أي صلاحية بشأنها، وذلك بغية التكتم على الانتهاكات التي تنفذ ضد المعتقلين، وعدم الكشف عما يجري بمنشآت الاعتقال أو السماح بالزيارات.

تشير التقارير الصادرة عن المنظمات الدولية الحقوقية إلى أن المعتقلين في سدي تيمان محتجزون دون توجيه اتهامات إليهم، وغالباً ما يتم تصنيفهم إسرائيليا على أنهم "مقاتلون غير شرعيين"، وهو ما يحرمهم من الحقوق القانونية الأساسية مثل الوصول إلى المحامين. وحتى منتصف عام 2024، وردت تقارير عن احتجاز حوالي 849 فرداً في ظل هذه الظروف، مع احتجاز العديد منهم في أقفاص مكتظة، معصوبي الأعين ومقيدي الأيدي في جميع الأوقات. وقد وثق المبلغون عن المخالفات ومنظمات حقوق الإنسان انتهاكات منهجية، بما في ذلك:

- التعذيب الجسدي والنفسي: أفاد المعتقلون بتعرضهم للضرب وإجبارهم على اتخاذ أوضاع مجهدة وخضوعهم للعزل لفترات طويلة. وقد عانى البعض من إصابات بالغة أدت إلى بتر الأطراف بسبب التكبيل المستمر.

- الاعتداء الجنسي: ظهرت مؤشرات ودلائل حول ارتكاب جيش الاحتلال العنف الجنسي في حق المعتقلين، مع تقارير تشير إلى أن الحارسات انخرطن في ممارسات مسيئة ضد المعتقلين الذكور.

- الوفاة والإهمال الطبي: وردت تقارير عن وفاة ما لا يقل عن 36 معتقلاً أثناء احتجازهم، لأسباب غير مفسرة في كثير من الأحيان. وأعرب المهنيون الطبيون العاملون في المخيم عن مخاوفهم بشأن معاملة المعتقلين، بما في ذلك الرعاية الطبية غير الكافية والإهمال.

كان رد فعل المجتمع الدولي قوياً على ما كشف عنه سدي تيمان. وعلى الرغم من هذه الدعوات إلى التحرك، يزعم المنتقدون أن التدابير التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية لإغلاق المعسكر ربما تكون محاولة للتهرب من المساءلة وليس جهداً حقيقياً لمعالجة الانتهاكات. وقد تم نقل العديد من الأسرى إلى مرافق أخرى، مما أثار المخاوف من أن سوء المعاملة قد يستمر في أماكن أخرى.

إن الوضع في سدي تيمان يسلط الضوء على انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وللقانون الدولي الإنساني، والحاجة الملحة إلى إجراء تحقيقات مستقلة في معاملة الاشخاص المحميين وفقا اتفاقيات جنيف لعام 1949. وتؤكد أوجه التشابه بين سدي تيمان وخليج غوانتانامو على المخاوف المستمرة بشأن قانونية وأخلاقيات ممارسات الاحتجاز العسكري في مناطق الصراع، وخاصة فيما يتصل بمعاملة الأفراد المصنفين باعتبارهم محميين قانونياً، ولكنهم متهمون بارتكابهم أفعال تهدد الأمن القومي.

من هذا المنطلق يدور التساؤل حول "قانون المقاتلين غير الشرعيين" الذي يستخدمه جيش الاحتلال لتبرير انتهاكاته وجرائمه في حق الأسرى والمخطوفين من المدنيين (المحميين بمقتضى القانون الدولي الإنساني) في "معسكر غوانتنامو إسرائيل" وكيف يعتبر هذا القانون بمواده وسيلة تنفيذية لأبشع الجرائم والانتهاكات لأبسط حقوق الانسان. لذلك سنعرض في الورقة المرفقة أدناه العناوين التالية:

- استخدام قانون المقاتلين غير الشرعيين الإسرائيلي انتهاك للمواثيق الدولية.

- دلائل ممارسة أبشع الانتهاكات بحق المدنيين المحميين دوليا.

- معسكر سيدي تيمان: يحمّل الاحتلال مسؤولية ارتكاب جرائم الحرب.





روزنامة المحور