الجمعة 26 كانون الثاني , 2024 03:30

اشتباكات أميركية يمنية في باب المندب: "توازن ردع" من نوع آخر!

الاشبتاكات اليمنية الأميركية في باب المندب

أحبطت القوات المسلحة اليمنيّة محاولةً أميركية لكسر الحصار المفروض على السفن المتجهة إلى كيان الاحتلال، في عمليّة نوعيّة استمرت فيها الاشتباكات لساعتين متواصلتين. هذه الأحداث أعادت إلى الذاكرة، عملية "توازن الردع الثانية" التي استُهدفت فيها منشأتي بقيق وخريص منتصف أيلول/ سبتمبر عام 2019، لما حملته من تداعيات، أبرزها ارتفاع أسعار النفط إلى أعلى مستوى منذ 30 عاماً، وأثّرت على مسار الحرب حينها. في حين أن عملية أول من أمس، حظيت بامتياز إضافي، حيث وقعت في مسرح عملياتي خارج سيطرة صنعاء، وفي ممر استراتيجي دولي يعني العالم بأسره.

أعلن المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع، عن اشتباك مع عدد من المدمرات والسفن الحربية الأميركية في خليج عدن، وباب المندب أثناء قيام تلك السفن بتقديم الحماية لسفينتين تجاريتين أمريكيتين. وكشف العميد سريع عن أن العملية اسفرت عن إصابة سفينة حربية أميركية إصابةً مباشرة وإجبار السفينتين التجاريتين الأميركيتين على التراجع والعودة.

كان اللافت، في تأكيد سريع على أنه قد أطلق خلال العملية عدد من الصواريخ الباليستية التي وصلت إلى أهدافها، واستمرار الاشتباكات لأكثر من ساعتين. فماذا يعني ذلك؟

في تفنيد عسكري سياسي للعملية يمكن إحصاء عدد كبير من الدلالات:

أولاً، قدرة القوات المسلحة اليمنية على احباط محاولة كسر الحصار التي أرادت فيها واشنطن تحدي صنعاء بالإصرار على تمرير السفينتين بمؤازرة سفينة حربية وفتحت لأجل ذلك النيران، لكنها لم تنجح.

ثانياً، ان العملية جاءت بعد أكثر من 100 غارة نفذتها الطائرات الأميركية البريطانية على أهداف عسكرية يمنية زعمت التصريحات الغربية الرسمية، أنها قد حققت غايتها. وهذا دليل إضافي على تطبيق صنعاء لإجراءات الدفاع السلبي -مبنية تحت الأرض او في جبال محصنة- منذ بدء عمليات التصنيع العسكري والصاروخي، التي لم تبن بظروف طبيعية كأي دولة، بل تحت القصف المستمر لسنوات.

ثالثاً، استمرار العملية لساعتين متواصلتين دون القدرة على تحديد مكان اطلاق الصواريخ او القدرة على استهدافها، يفضي عن فشل استخباراتي أميركي-بريطاني. بالمقابل، فإن استخدام الصواريخ الباليستية، التي تفرض صعوبة في نقل منصاتها من مكان إلى آخر اثناء الاشتباكات -بعكس الهاون-، يدل على جهوزية صنعاء ومرونتها العسكرية.

 رابعاً، طيلة سنوات الحرب على اليمن، كان الهدف السعودي الأميركي كف يد صنعاء عن الوصول إلى باب المندب وخليج عدن. لكن العملية الأخيرة أسقطت المشروع الذي أنفق لأجله مليارات الدولارات خلال 9 سنوات. وبقراءة لخريطة الانتشار، يتبين أن الأماكن التي جرت فيها الاشتباكات ليست في البحر الأحمر، وفي مناطقة ليست خاضعة لسيطرة حركة أنصار الله.

دخلت المواجهة بين اليمن والولايات المتحدة فصلاً جديداً منذ اتخاذ واشنطن قراراً بالتدخل العسكري المباشر لوقف العمليات المسلحة. لكن العملية الأخيرة أوضحت لدى الإدارة الأميركية جدية صنعاء في الذهاب بعيداً إذا اقتضى الأمر لتحقيق هدفها المتمثل بإطباق الحصار بحرياً، على إسرائيل.

الواقع، ان طبيعة رد واشنطن على العملية سيأخذ مسارين: إما المضي بعملياتها التي تأخذ طابعاً سياسياً يشي برغبة الإدارة الأميركية في تقديم صورة مَن يحمي الممرات المائية وبالتالي الحفاظ على وتيرة تحت سقف محدد. او التصعيد بوتيرة العمليات العسكرية وهو ما قد يجعل من رقعة المواجهات أكثر اتساعاً وهو ما سيضع الأسواق النفطية الدولية في حالة من عدم اليقين.


الكاتب:

مريم السبلاني

-كاتبة في موقع الخنادق.

-ماجستير علوم سياسية.




روزنامة المحور