الثلاثاء 30 كانون الثاني , 2024 02:26

واشنطن تضرب عكس مصالحها: كيف يتأثر الاقتصاد بتوترات المنطقة؟

التوترات في الشرق الاوسط

أعلنت وكالة التصنيف الائتماني أنها ستخفض تصنيف إسرائيل إذا اتسعت الحرب لتشمل جبهات أخرى. ويعد هذا الأمر من جملة التداعيات الاقتصادية الواسعة التي تسببت بها التوترات في الشرق الأوسط وعلى غير صعيد. وفي الوقت الذي يراقب المستثمرون الدوليون بورصة النفط وسلاسل التوريد، تستعد واشنطن إلى انخراط أكبر في العمليات العسكرية بعد اعلان مسؤوليها قرار الرد على الضربة التي استهدفت قواتهم في الأردن. من ناحية أخرى، فإن حسابات الإدارة الأميركية التي تتطلع إلى تجديد فترة رئاستها، ترتكز على حقيقة رئيسية: الحفاظ على استقرار الأسواق المالية وأسواق الطاقة.

على مدى العقود الماضية، كانت الأزمات السياسية العسكرية في الشرق الأوسط سبباً رئيساً في إحداث أزمات اقتصادية عالمية ومنها ما استمر لسنوات. أصبح هذا الامر لصيقاً لأي حسابات في المنطقة. وعلى هذا الأساس وضعت الحكومات الغربية تحديداً مشاريعها ولأجله افتعلت الأزمات العسكرية مرات عديدة، ونأت بنفسها عنه مرات أخرى.

اليوم، ونتيجة لما تشهده الحكومات الغربية من أزمات داخلية نتيجة الحرب أوكرانيا، حيث كانت أول المتضررين وأكثرهم تأثراً، إضافة إلى الحسابات الأميركية في مختلف الحزبين والطامحين للوصول إلى البيت الأبيض، فإن توقيت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، جاء على عكس رغبة غربية حيث تتأثر مصالحها تباعاً وعلى غير صعيد.

ويشير رئيس البنك المركزي الأميركي جاي باول، أن مجلس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي يراقب الصراع في الشرق الأوسط والبحر الأحمر عن كثب خوفاً من أن "التوترات الجيوسياسية" يمكن أن تشكل مخاطر مهمة على النشاط الاقتصادي العالمي". مضيفاً ان "الشرق الأوسط أصبح بطاقة جامحة للاقتصاد العالمي، حيث يراقب المستثمرون ارتفاع أسعار الغاز الذي يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع التضخم وتعطيل جهود البنوك المركزية لخفض الأسعار".

في حين أكد بنك MUFG في مذكرة بحثية صادرة عنه، أنه من غير المرجح أن يكون للاضطرابات تداعيات مستدامة على الطاقة (النفط الخام والغاز الطبيعي المسال) وأسعار السلع الأوسع نطاقا على أساس الدرجة الأولى، لأن إعادة توجيه السفن تعرقل سلاسل التوريد العالمية، وليس الإنتاج الحجمي الذي لا ينبغي أن يتأثر بشكل مباشر".

يتطلع المسؤولون الغربيون والأميركيون إلى الهجمات التي تشنها القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر على أنها "الأخطر". في حين أدى التصعيد الأميركي البريطاني في نلك المنطقة إلى "أكبر تحويل للتجارة الدولية منذ عقود وتعليق مرور أكبر 5 خطوط حاويات في العالم، المسؤولة عن نقل 65% من طاقة الشحن العالمية. حيث انخفضت حركة المرور بنحو 39٪ منذ بداية أيلول/ ديسمبر، مما أدى إلى انخفاض بنسبة 45٪ في حمولة الشحن، وفقا لأرقام مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد).

كما حذرت وكالة الطاقة الدولية من تقلب أسعار الغاز هذا العام، حيث يخلق الصراع في الشرق الأوسط وأوكرانيا "نطاقاً واسعاً بشكل غير عادي من عدم اليقين". وقالت هيئة مراقبة الطاقة الغربية، من جهتها، في تقريرها الفصلي، إن القضايا الجيوسياسية مثل الحرب في أوكرانيا والتوترات المتزايدة في الشرق الأوسط وتعطل الشحن والتأخيرات المحتملة لبدء التشغيل في محطات الغاز الطبيعي المسال الجديدة "تمثل جميعها مخاطر على التوقعات الحالية، مما قد يؤجج تقلبات الأسعار حتى عام 2024".

أمام هذا المشهد تقف الولايات المتحدة في خانة من الخيارات من الضيقة. اذ ان قرار وقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بيدها أولاً كما أنها باتت ضرورة أميركية ايضاً بعد ارتفاع تكلفة تدخلها المتطرف إلى جانب كيان الاحتلال في المنطقة. وعلى الرغم من أن الهجمات اليمنية لم تستهدف أي سفن محايدة، لكن الاقتصاد العالمي هش سريع العطب، وأي تصعيد على أي من الجبهات بجعل الأمور أكثر سوءاً.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور