الأربعاء 26 حزيران , 2024 02:29

اللوبي الاسرائيلي وهندسة الخطاب الأميركي خلال الحرب

قادت إسرائيل حملة ممنهجة استهدفت بها التأثير على الرأي العام الأميركي بما في ذلك أيضاً المشرعين "السود"، منذ بدء حربها على قطاع غزة. هذه الحملة التي دفعت من أجلها أموالاً طائلة، كانت برعاية مباشرة من وزارة الشتات، والتي دفعت بدورها -بالتعاون مع عدد من الجمعيات- أكثر من 2 مليون دولار لشركة تسويق سياسي في تل أبيب للإشراف على آلاف الحسابات المزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي لنشر محتوى مؤيد للحرب من جهة، وللتأثير على المشرعين الاميركيين لتعديل مفهوم ومعايير "معاداة السامية" في القانون الأميركي من جهة أخرى.

بدأت الحملة في تشرين الأول/ أكتوبر ولا تزال نشطة على منصة X. وبحسب وثائق نشرتها منظمة FakeReporter استخدمت مئات الحسابات المزيفة التي تظاهرت بأنها أميركية حقيقية على X وFacebook وInstagram لنشر تعليقات مؤيدة لكيان الاحتلال. وركزت الحسابات على المشرعين الأميركيين، وخاصة السود والديمقراطيين، كزعيم الأقلية في مجلس النواب من نيويورك، حكيم جيفريز، مع منشورات تحثهم على مواصلة تمويل الجيش الإسرائيلي.

وتؤكد الوثائق التي نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية أن شركة الحملات السياسية الإسرائيلية الخاصة على الإنترنت "ستويك" أدارت العملية وتم التعاقد معها من أجل القيام بهذا المشروع.

كما تلقت العشرات من الشركات الإسرائيلية الناشئة في مجال التكنولوجيا رسائل بريد إلكتروني ورسائل واتساب في ذلك الشهر تدعوهم للانضمام إلى اجتماعات عاجلة ليصبحوا "جنوداً رقميين" لإسرائيل خلال الحرب، وفقاً لرسائل اطلعت عليها صحيفة التايمز البريطانية. تم إرسال بعض رسائل البريد الإلكتروني والرسائل من مسؤولين حكوميين إسرائيليين، في حين جاء البعض الآخر من شركات ناشئة وحاضنات أعمال تكنولوجية.

ووفقاً لمصادر تحدثت لصحيفة "هآرتس" العبرية، فإن العملية كانت بتكليف من وزارة شؤون الشتات الإسرائيلية ولكن نفذها طرف آخر، خوفاً من أن يؤدي كشفها إلى توريط إسرائيل في أزمة.

يمارس اللوبي الإسرائيلي ضغوطاً فاعلة في عدد كبير من القضايا في الولايات المتحدة ويتمتع بنفوذ قوي خاصة فيما يتعلق بملفات المنطقة. ولا يمكن فصل الجهود التي بذلت منذ 7 أكتوبر عن الأجندة التأسيسية الرئيسية لتلك اللوبيات وهي حفظ مصالح الكيان وتعزيز قدراته على الانخراط والتماهي مع دول المنطقة وبالتالي هندسة رواية إعلامية، كانت عملية 7 أكتوبر هي التحدي الأكبر في ظل التأييد العالمي المتزايد للقضية الفلسطينية.

ينبع تأثير اللوبي الإسرائيلي على مراكز القرار من أهمية المانحين اليهود في الحملات الرئاسية، وبحسب التقديرات فإن ما يصل إلى 60٪ من الأموال الخاصة للمرشحين تأتي من المؤيدين اليهود. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر الناخبون اليهود، الذين يقطنون في الولايات الرئيسية، حاسمين في الانتخابات الرئاسية، مما قد يؤثر على سياسات المرشحين تجاه إسرائيل.

وثمة سبيل آخر للتأثير يتعلق بالتعيينات، حيث يعمل اللوبي كوصي، ويمارس حق النقض-الفيتو على المرشحين الذين يعتبرون غير مؤيدين بما فيه الكفاية للكيان. في حين أن المنتسبين إلى اللوبي شغلوا مناصب رئيسية في تشكيل السياسات في الشرق الأوسط على وجه التحديد.

ولجهة التأثير على تشكيل الخطاب السياسي الأميركي بما يتعلق بإسرائيل، تمارس الضغوطات على وسائل الاعلام والجامعات ومراكز الأبحاث (دعم الباحثين المؤيدين لإسرائيل او الذين من الممكن تروضيهم لأجل هذا الغرض). من ناحية أخرى، فإن الوصول للمساواة بين انتقاد السلوك الإسرائيلي ومعاداة السامية في القانون الأميركي هو الهدف الحالي للوبي اليهودي في الولايات المتحدة على ضوء المستجدات التي شهدتها الجامعات الأميركية والتي شهدت على أكبر تأييد للقضية الفلسطينية ين الطلاب وغالبيتهم من الناخبين الشباب وهو ما يؤثر بطبيعة الحال على اتجاه السياسة الخارجية بطريقة او بأخرى، كنتيجة تراكمية لهذا الحدث.


الكاتب:

مريم السبلاني

-كاتبة في موقع الخنادق.

-ماجستير علوم سياسية.




روزنامة المحور