الخميس 02 أيار , 2024 04:46

لماذا لا يزال غانتس داخل الحكومة؟

نتنياهو وبيني غانتس

كثيرة هي التحديات والمعضلات التي تعصف برئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ترخي بظلّها على توترات تحاصره من كل مكان، وتطال وجوده السياسي المأزوم، خارجياً، تأتي علاقته المتوترة مع الولايات المتحدة الأميركية في قلب المشهد، جرّاء مقاربته للحرب على غزة، أما داخلياً تشتعل الخلافات مع خصومه السياسيين/المنافسين، ضمن حكومته الحالية أو المعارضة بطبيعة الحال، وعلى رأس قائمة خصوم نتنياهو يأتي الوزير في مجلس قيادة الحرب، بيني غانتس.

منصب رئاسة الوزراء

غانتس الذي أدخله نتنياهو إلى حكومة الحرب من أجل خلق الوحدة في حالة الطوارئ هو الوحيد بين السياسيين الذي تفوّق على نتنياهو في استطلاعات الرأي، حيث ترتفع أسهمه سياسيًا، وسط الانقسام الحاد الذي تشهده الحكومة الإسرائيلية ومجلس الوزراء الحربي بشأن كيفية المضي قدمًا في مفاوضات الهدنة.

في هذا الإطار، يُعدّ غانتس الخصم الأول الذي يهدّد وجود نتنياهو السياسي ويحظى بدعم كبير من الجمهور الإسرائيلي، إذ يقدّم نفسه، بديلًا لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو. وكان قد دعا إلى إجراء انتخابات عامة مبكرة في الكيان في شهر أيلول المقبل (طرحْ الانتخابات المبكرة فكرة روج لها الرئيس السابق إيهود باراك في مقال بمجلة foreign affairs في سياق تغيير رأس الهرم في مجلس الوزراء).

كما يسعى غانتس دائمًا للضغط على نتنياهو من خلال تهديده بتفكيك "كابينت" الحرب، في حال استمراره في اتخاذ قرارات مهمة من دون التشاور معه. والواقع أن العلاقة بين نتنياهو وغانتس باتت، في الأيام الأخيرة، في "أسوأ صورة لها" منذ بدء الحرب، طبقًا للمصادر المقرّبة من غانتس، والتي تعرب عن اعتقادها بأن نتنياهو يريد إبعاد رئيس "المعسكر الوطني" عن مراكز اتخاذ القرار. بالإضافة إلى ذلك، يشكّل بني غانتس أيضًا، ورقة ضغط أميركية على بنيامين نتنياهو، والتي تستخدم لتعديل بعض قراراته وسياساته لا سيما تلك التصعيدية.

يسعى غانتس لطرح نفسه كرئيس وزراء محتمل في المستقبل، وقبل كل شيء البدء في التحضير لخروجه من الحكومة، مستغلاً القلق المتزايد الذي تبديه واشنطن من مسار الحرب في قطاع غزة. ولهذا يحاول غانتس بناء شخصية لنفسه، يعزز من خلالها المكانة العالية التي يتمتع بها في أوساط الجمهور كمدافع عن مصالح الكيان. ووفقًا ليوهانان بليسنر، مدير المعهد الديموقراطي الإسرائيلي، فإن زيارة غانتس لواشنطن، "تظهر أن ثقته في نتنياهو في أدنى مستوياتها وأنه قرر التعبير عن صوت آخر في واشنطن".

لماذا لا يزال غانتس داخل الحكومة؟

يسعى غانتس للانقلاب على نتنياهو واستغلال الضغط الأمريكي عليه لتحصيل الدعم وطرح نفسه كبديل عنه. إلّا أنه في ظل عدم توجه نتنياهو إلى الاستقالة ورفضه إجراء انتخابات مبكرة، وعدم وجود ضغط شعبي قادر على إطاحته، من جهة، وعدم قدرة غانتس على فرط الحكومة وضمّه لكل من هو مستعد لخوض المواجهة مع نتنياهو، من جهة أخرى، ستبقى خطوات غانتس في موقع مراوحة دون نتيجة، لا يبدو سهلاً معها التخلص من نتنياهو سياسيًا، كونه مستعدّ لاتخاذ أي خطوة يحافظ من خلالها على وجوده السياسي إذ يربط مصير الكيان بمصيره الشخصي، الأمر الذي يصعّب على غانتس الإطاحة به في هذه المرحلة. لكن قد يخرج غانتس من الحكومة في أي وقت في حال وجد أن بقائه سيشكل خطراً على مستقبله السياسي، خاصة مع بدء تعرّضه لموجة محدودة من الانتقادات.

لكن، على الرغم من أن كلا الجانبين يواجهان بالفعل صعوبة في التعايش مع بعضهما البعض، إلا أن الحاجة إلى توحيد الصفوف، وتأجيل النقاشات والصراعات الداخلية إلى ما بعد انتهاء الحرب، كان ضرورة بداية معركة طوفان الأقصى مع مرور الكيان بظروف استثنائية وضعت الكيان في خطر أمني ووجودي. لكن مع طول أمد الحرب، بدأت تتلاشى بالفعل محاولات توحيد الجبهة الداخلية، في كل ما يتعلق بالبنية السياسية. ويبقى هناك عنصران يثبتان غانتس في الحكومة: الأول هو صفقة الأسرى، والتي تعتبر عنصرًا أساسيًا في الشراكة؛ ويحاول غانتس استغلاله كورقة ضغط على نتنياهو.

أمّا العنصر الثاني، فهو التطورات المحتملة مع حزب الله في الشمال، حيث يعتبر أن جبهة لبنان تفرض التحدي الأكبر على الكيان وتستوجب التعامل العاجل معه، لإعادة الإسرائيليين قرب الحدود اللبنانية إلى مستعمراتهم، فيكون بالتالي قد أدّى دوراً مهماً يحقق له المزيد من المكاسب على الجبهة الداخلية لا سيما في إعادة الأمن للمستوطنين على الحدود مع لبنان وعودتهم إلى منازلهم.

تتعدد التصريحات والوسائل والإجراءات التي يعتمدها الطرفان في لعبة السلطة واستغلال الحرب لتحقيق مآربهم الخاصة، مع تذكير المجتمع الإسرائيلي دائماً بتضحياتهم من أجل المصلحة الوطنية لـ"إسرائيل". هذه المنافسة التي بدأت باكراً مع بداية الحرب مستمرّة حتى نهايتها، وفي اليوم التالي أيضاً من المرجّح أن تتأجج أكثر، ومن الصعب في الوقت الحالي الحكم على الخارطة السياسية المستقبلية لكلا الطرفين.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور