لم يخلُ خطاب رئيس الحكومة لدى الكيان المؤقت بنيامين نتنياهو، منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، من التأكيد على أهداف يراها بنيامين هي قيد وقابلة للتحقيق والتي تتمثل بـ تحقيق النصر "الكامل" على حركة حماس، في حين ورد عن نتنياهو، في بداية عام 2024، أنه يتوقع أن يستمر القتال حتى عام 2025، ويزعم أنّ الضغط العسكري هو الحل الوحيد لتحقيق النصر "الكامل"، لكن يواجه رئيس الحكومة ضغوطًا داخلية وخارجية، والتي من شأنها أن تغير في تحقيق صورة النصر التي يسعى لها، وتتمثل الضغوط الداخلية بـ الخلافات بين قادة الكيان المتعلقة بكيفية إدارة الحرب والضغط من قبل المستوطنين فيما يتعلق بموضوع تحرير الأسرى، أما فيما يتعلق بالضغوط الخارجية فهي متمثلة بصورة الولايات المتحدة ومعها المجتمع الدولي نتيجة عدد الضحايا الفلسطينيين جراء العدوان على غزة.
في هذه الحرب التي لم يشهد مثلها الكيان منذ تأسيسه على أراضينا المحتلة ينشغل رئيس الوزراء في الدرجة الأولى بمستقبله السياسي الذي بات محفوفًا بالمخاطر، ومن الواضح أنّ لدى نتنياهو مصلحة سياسية في الحفاظ على وتيرة العمليات العسكرية في غزة كطوق نجاة له ولما ينتظره والدليل على ذلك رفضه المتكرر لوقف إطلاق النار وعرقلته لأي مقترح يقدّم في هذا مسار، لكن على جانب آخر فإن تهديدًا كبيرًا يواجه المنطقة وهو احتمال أن يتصاعد الصراع وتصبح جغرافية الحرب أوسع من فلسطين لتشمل دول محور المقاومة وهو ما تزعم الولايات المتحدة بأنه أمر لا تريده، إذًا فإن صورة النصر الكامل التي يريد أن يحققها بنيامين نتنياهو، أصبحت تضعف بسبب العوامل هذه على الكيان لذا؛ أصبح لدى نتنياهو خيارات عدة تتعلق بمستقبل الصراع الدائر ومن ضمنها:
- وقف الحرب.
- استمرار الحرب بالوتيرة الحالية.
- تطور التدخل الدولي في قطاع غزة.
ومع اقتراب دخول الحرب على قطاع غزة من شهرها السابع وعدم تحقيق هدف كل من الإدارة الأميركية والكيان المؤقت المتمثل في القضاء على حركة حماس ومع إدراك الجميع أنّ السابع من أكتوبر حصل لكي يغير معالم المنطقة للسنوات القادمة ومع فشل الجميع في وضع حد للحرب أو احتوائها تبقى السيناريوهات مفتوحة وبحيث لا يمكن اختزال أن الصراع هو صراع متمثل بشخص بنيامين نتنياهو إنما في عمق الكيان ووجوده، فإن الارتقاب هو سيد المرحلة وفي حين أنّ لا مؤشر يوحي بالكيفية التي ستضع الحرب أوزارها، ويتبعها احتمالات خطيرة من ناحية التصعيد في المنطقة ككل واتساع جغرافية المواجهة، وفي حين يقول محور الاستكبار المتمثل في الولايات المتحدة الأميركية أنه لا يريد لمنطقة الشرق الأوسط أن تبقى على هذا الحال والهدف هو تهدئة الجبهة إلا أنها لم تعطِ أي إشارة واحدة باتجاه هذه الخطوة وحتى فيما يتعلق بمسرحيتها الأخيرة في عدم وضع الفيتو بمجلس الأمن على قرار وقف إطلاق النار إنما امتنعت عن التصويت ولو شاءت لكانت فعلت لكنها ترى أن في الوقت متسع لكي تحقق وكيلتها في المنطقة أهدافها.
وأما على صعيد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، المأزوم سياسيًا والذي يناور على الجميع إن كان على معارضيه أو على كتلة اليمين أو الولايات المتحدة فـ أمامه ثلاث خيارات قد يكون لهم رابع، إما أن يتجه نحو إيقاف الحرب ويضع مصلحة البلاد في الدرجة الاولى وهذا بحسب ما تظهره شخصية بنيامين لن يفعلها، وإما أن يكون إيقاف الحرب قد يخدم مصلحته في حين استطاع أن يستمر في المراوغة وأن يكسب كلا الطرفين في الكيان وهذا أيضًا احتمال ضعيف، ما سينقله إلى الخيار الثاني وهو استمرارية الحرب في الوتيرة الحالية والذي يحمل له مخاطر كبيرة ان كان على صعيد تأجيج الصراع في المنطقة أو على صعيد الصراعات في كيانه او على صعيد الرأي العام في الشارع الصهيوني، أما فيما يتعلق بالسيناريو الثالث هو أن يقوم المجتمع الدولي بدور "المخلص" عبر استقدام قوات دولية إلى غزة وما يتبعه من تغير في الحكم في قطاع غزة الأمر الذي سيعطي نتنياهو، ورقة دفع للقبول بهذا السيناريو في حين يستطيع القول للشارع الإسرائيلي إنني استطعت أن أدمر وأقضي على جزء من قدرات حماس، ويتجه إلى صفقة تريحه وتضبط من حدة المواجهة بينه وبين المعارضة، أما فيما يتعلق باليمين المتطرف فسيستطيع أن يستميله في تقديم مصالح لاحقة لهم وهنا يعطي للولايات المتحدة ورقة تريحها وأنه امتثل لتوجهاتها، ويقدم للمجتمع الإسرائيلي "الأمان" عبر الترويج للتدخل الدولي في القطاع على أنه الضامن لعدم تكرار السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
الكاتب: زينب رعد