الخميس 08 آب , 2024 04:37

رون ديرمر: عقل نتنياهو وربما يكون خليفته

رون ديرمر

لعلّه أقل وزراء حكومة نتنياهو، حضوراً وتصريحاً في وسائل الإعلام الإسرائيلية والأجنبية، لكنه بالتأكيد الأخطر بينهم، حتى لقّبه البعض بيد نتنياهو الخفية، ومنهم من وصفه بنتنياهو الجديد. إنه رون ديرمر الذي يعتبر أبرز وأكبر مستشاري بنيامين نتنياهو السياسيين، والذي يشغل منصب وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي منذ سنة 2022.

فما هي أبرز وأهم المحطات في حياة ديرمر وكيف استطاع أن يصبح ذا مكانة كبيرة عند نتنياهو؟

_ من مواليد الـ 16 من نيسان / أبريل 1971. ونشأ في ميامي بيتش بولاية فلوريدا الأمريكية، لأم من أصول بولندية وألمانية، ووالد انتخبه الحزب الديمقراطي لشغل منصب عمدة ميامي بيتش لفترتين، كما تولى لاحقاً شقيق ديرمر "ديفيد"، نفس المنصب لثلاث فترات، نيابة عن الحزب الديمقراطي، قبل الانزياح نحو الجمهوريين لاحقًا. وتتمتع عائلته بعلاقة وثيقة بشقيق الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن.

_في سنة 1993، تخرج ديرمر من كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا مع التركيز على المالية والإدارة. وأثناء وجوده هناك، كان عضوًا في أخوية زيتا بيتا تاو الصهيونية، وعضواً مؤسساً لبرنامج التراث اليهودي الذي يديره الحاخام مناحيم شميدت. وأكمل درجة البكالوريوس الأخرى في الفلسفة والاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة أكسفورد بإنكلترا. وأثناء دراسته في أكسفورد، شغل منصب رئيس جمعية "L'Chaim"، التي يرأسها الحاخام شموئيل بوتاش، وهي منظمة طلابية لترويج "الثقافة اليهودية" في الحرم الجامعي.

_ هاجر ديرمر إلى فلسطين المحتلة في العام 1997، ولعب كرة القدم في الدوري الإسرائيلي.

_بدأ الظهور في عالم السياسة سنة 2001، حينما بدأ بشكل دوري بكتابة عمود في صحيفة "جيروزاليم بوست"، وذلك بعد أن سمعت الصحيفة عن إمكانياته الكتابية من خلال كتابة خطاباتعضو الكنيست نتان شيرانسكي الذي عمل مستشاراً له منذ سنة 1995.

_ بالاشتراك مع ناتان شارانسكي صدر له في سنة 2004 كتاب بعنوان "قضية الديمقراطية" (تم ترجمته الى العبرية بعنوان "ميزة الديمقراطية"). وقد انتشر الكتاب حول العالم بشكل كبير نتيجة تبنّي الرئيس الأميركي السابق جورج بوش له وللأفكار الواردة فيه، بل ودعى الجميع لقراءته. واللافت أن ديرمر يصف فيه الحرب ما بين الإسرائيليين والفلسطينيين، باعتبارها إحدى الجبهات الوحيدة في حرب عالمية بين المجتمعات الحرة والدكتاتوريات (بما يتطابق بشدة مع ما ورد في خطاب نتنياهو أمام الكونغرس في تموز / يوليو 2024).

_تعرّف على نتنياهو سنة وأصبح أحد الذين يكتبون خطاباته، ثم أصبح مستشاراً استراتيجياً له سنة 2003.

_ في سنة 2005، عيّنه نتنياهو مُلحقاً اقتصادياً لإسرائيل في واشنطن حتى العام 2008، واضطر من أجل ذلك التنازل عن جنسيته الأميركية.

_في سنة 2009، ومع عودة نتنياهو لسدّة الحكم، اختاره ليكون أحد كبار مستشاريه بعد أن كان أحد أهم مستشاري حملته الانتخابية، وأوكل إليه رئاسة قسم الإعلام في مكتبه، وكان مسؤولاً عن "صياغة الخطابات والرسائل" لا سيما في المجالين السياسي والأمني، وكذلك مسؤولاً عن قسم "الهسباراه" في مكتب رئيس الوزراء. 

_عيّنه نتنياهو في منصب سفير الكيان لدى الولايات المتحدة الأمريكية من سنة 2013 حتى سنة 2021.

وقد ناقش حينها مساعدو الرئيس الأمريكي باراك أوباما، فكرة رفض تعيينه وعدم قبول أوراق اعتماده، باعتباره ناشطا سياسيا يمينيا وليس دبلوماسيا، لكنهم أسقطوا الفكرة.

في تلك الفترة قاد عملية تأثير واسعة في الكونغرس، خاصة في صفوف النواب الجمهوريين، وعمل معهم سنة 2015، لترتيب جلسة مشتركة في الكابيتول لكي يلقي خلالها نتنياهو خطاباً، وهو ما حصل حينها.

كما عمل خلال تلك السنوات على إقناع الشركات الكبرى والدول لوقف التعامل مع إيران وسحب الاستثمارات منها أو أي شكل للعلاقة الاقتصادية معها.

_خلال فترة دونالد ترامب الرئاسية، عمل بشكل وثيق مع صهر الأخير، جاريد كوشنر، بشأن اتفاقيات أبراهام التطبيعية مع الإمارات والبحرين والمغرب. وقد نقل موقع "واللا" الإسرائيلي حينها، بأن نتنياهو قال لأحد المقرّبين منه، أنه يرى في ديرمر ورئيس الموساد وقتئذ يوسي كوهين، الشخصين المناسبين لـ"قيادة الكيان".

_ قبل أن يتسلّم منصب وزير الشؤون الاستراتيجية سنة 2022، حصل على منصب باحث كبير في المعهد اليهودي للأمن القومي في أميركا (JINSA). أمّا مهامه في الوزارة، فقد فهي تتركز بـ: مكافحة المشروع النووي الإيراني، تعزيز اتفاقيات التطبيع، إدارة العلاقة مع أمريكا.

_ خلال معركة طوفان الأقصى، شغل منصب عضو مراقب في "مجلس الحرب الإسرائيلي" المكون من خمسة أعضاء الى جانب نتنياهو ويوآف غالانت وبيني غانتس وغادي آيزنكوت. ويُبيّن هذا التعيين (كونه لا يملك أي "خبرة عسكرية") وغيره من المؤشرات، حجم الثقة التي يوليها له نتنياهو، الذي قام بإرساله إلى الولايات المتحدة الأمريكية في أكثر من مرة (منها برفقة وزير الحرب غالانت) وتحديداً خلال فترات التوتر في العلاقة ما بين حكومة الكيان والإدارة الأميركية قبيل الهجوم العسكري الإسرائيلي على رفح (التوتر بسبب الاختلاف على طريقة الهجوم وليس المبدأ)، وكذلك خلال فترة ما زعمه نتنياهو من تعليق بعض شحنات الدعم العسكري لإسرائيل.

كما تم إرساله في إحدى الزيارات غير العلنية الى الإمارات، لكي يعرض أمام وزير الخارجية الإماراتية عبدالله بن زايد ومبعوث الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط بريت ماكغورك، خطة نتنياهو لليوم التالي في غزة.

وبما يشير الى مدى مكانته عند نتنياهو أيضاً، علّق آيزنكوت على طريقة إدارة نتنياهو لكابينيت الحرب ذات مرّة في مقابلة أجراها مع إذاعة "ريشت بيت" قائلاً: "لقد كان نتنياهو يُدير كابينيت الحرب بدكتاتورية، وهو لا يستمع إلّا للوزير ديرمر...".

_ وصفته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، بأنه قناة الاتصال الرئيسية ما بين نتنياهو وإدارة بايدن، وأنه على اتصال دائم مع المسؤولين الأميركيين (في مقدمتهم جيك سوليفان وأنتوني بلينكين)، الذين اختلف معهم حول بعض القضايا عندما كان سفيرا في واشنطن.

أبرز مواقفه وآرائه

_أثناء وجوده كسفير في واشنطن، اصطدم مع أوباما بشأن الاتفاق النووي الإيراني، الذي عارضته إسرائيل بشدة، وبشأن توسيع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة.

_ هو كما رئيسه نتنياهو من أشدّ معارضي ما يُعرف بـ"حل الدولتين"، ويؤمن بقوة بـ "الخطر الإيراني"، والاستيطان اليهودي، وضرورة "تعديل المناهج الفلسطينية".

_ في حفل عشاء خريجي مدرسة وارتون سنة 2014، قال ديرمر في خطاب له إنه اختار الالتحاق بهذه المدرسة بعد قراءة كتاب دونالد جيه ترامب فن الصفقة. وهذا ما يكشف بأنه من المقربين جداً الى الحزب الجمهوري، لذلك أعرب مساعدو البيت الأبيض عن غضبهم من ميله باستمرار نحو الجمهوريين.

_يصف أصدقاؤه ولاءه الشخصي لنتنياهو بأنه لا يتزعزع، إلى درجة أنه تلقى سنة 2018 اللوم بالنيابة عن نتنياهو بسبب إحدى فضائح الأخير. ويُنظر إلى ديرمر على أنه بديل لنتنياهو، ووصفته المجلة اليهودية الإلكترونية "تابلت" ذات مرة بـ"دماغ بيبي".


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور