الجمعة 29 آذار , 2024 03:29

نتنياهو: ثقب إسرائيل الأسود

بنيامين نتنياهو

"هوس نتنياهو بمصيره كحامي لإسرائيل كان سبباً في إلحاق أضرار جسيمة ببلاده". بهذه العبارات لخّصت صحيفة "أتلانتيك" الأميركية مقالاً بعنوان "بنيامين نتنياهو أسوأ رئيس وزراء إسرائيلي على الإطلاق". يتحدّث المقال بشكل مفصّل عن رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو ويجري تقييماً لتاريخيه السياسي معتبراً أن مقياس نجاح قادتها هو الأمن الذي يقدمونه لمواطنيهم، وفي حالة نتنياهو فإن يوم 7 أكتوبر يعني أن التاريخ سوف يذكره دائماً باعتباره أسوأ زعيم لإسرائيل على الإطلاق.

تطغى على سلوك رئيس الوزراء المصالح الشخصية، واعتبارات بقائه في الحكم، على حساب مصلحة إسرائيل العليا، فمقاربة القرارات الاستراتيجية المتخذة من قِبل صانع القرار(نتنياهو) تدخل ضمن حسابات مستقبله السياسي. يعتبر الكاتب أنشيل فيفر في المقال المذكور أعلاه، أن نتنياهو سياسي سيئ تفوّق على جميع منافسيه من رؤساء الوزراء السابقين لكيان الاحتلال، بحيث أنه " جلب المتطرفين اليمينيين إلى التيار الرئيسي للحكومة وجعل نفسه والبلاد مدينة لهم" بالإضافة إلى أنه "اتخذ قرارات أمنية فظيعة جلبت خطراً وجودياً على البلد الذي تعهد بقيادته وحمايته" أما عن سمته الشخصية التي يتم دائماً وصفه بها من قبِل العديد من الكتاب الذين درسوا شخصيته، أنه شخص أناني، كالكاتب شاؤول كيمحي الذي حلل سمات شخصية نتنياهو، وأعتبر أن نتنياهو يمثل عدد من الأنماط السلوكية ذات البعد الأناني، والنجاح الشخصي أكثر أهمية بالنسبة له من الأيديولوجية، أما فيفر في مقال "أتلانتيك" فقد رأى أن "أنانيته لا مثيل لها: فقد وضع مصالحه الخاصة قبل مصالح إسرائيل في كل منعطف". وفي سياق آخر، في معرض الحديث عن رغبته في العودة لمنصب رئاسة الوزراء يقول الكاتب "لقد استهلك طموح نتنياهو إسرائيل. ومن أجل استعادة منصبه والبقاء فيه، ضحّى بسلطته ووزع السلطة على السياسيين الأكثر تطرفاً. منذ إعادة انتخابه عام 2022، لم يعد نتنياهو مركز السلطة، بل أصبح فراغاً، وثقباً أسود اجتاح كل الطاقة السياسية في إسرائيل. وقد أعطى ضعفه لليمين المتطرف والأصوليين الدينيين سيطرة غير عادية على شؤون إسرائيل، في حين تُركت شرائح أخرى من السكان لملاحقة سعيها الذي لا ينتهي لإنهاء حكمه".

يحاول نتنياهو تضليل الرَّأي العام الإسرائيلي، وإطالة أمد العدوان، للتهرب من استحقاقات مرحلة ما بعد الحرب، والتنصل من تحمل مسؤولية نتائج فشل الحرب. يزدري نتنياهو بشكل صريح سيادة القانون وذلك على خلفية قانون الإصلاح القضائي، وتهم الفساد المنسوبة إليه، وضع نتنياهو المتطرفين في مناصب السلطة وأصبح أسيراً لهم، بالإضافة الى أنه يستغل الخلافات الروتينية داخل الحكومة التي أصبحت مسلسلاً لا ينتهي، تظهر عند كل قرار سياسي يجب أن تتخذه القيادة السياسية، فيلعب نتنياهو على هذه التناقضات، كجزء من إدارة الصرعات الداخلية، كما يمارس التضليل خصوصاً في ملف الأسرى، وكل ذلك يصب في إعادة تلميع صورته أمام الجمهور الإسرائيلي، في هذا الصدد يعتبر الكاتب بأن نتنياهو " يفعل ما كان يفعله دائماً: إنهاك وتشويه سمعة خصومه السياسيين على أمل أن يثبت للجمهور المنهك والمصدوم أنه البديل الوحيد. حتى الآن، هو فاشل. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الأغلبية الساحقة من الإسرائيليين تريد رحيله. لكن نتنياهو يقاوم الدعوات لإجراء انتخابات مبكرة حتى يعتقد أنه على مسافة قريبة من الفوز". لا يمكن إنكار أن نتنياهو لا يزال يمتلك قاعدة شعبية واسعة داخل المجتمع الإسرائيلي، إلا أن هذا التأييد أصبح أكثر مرونة، ويتآكل بشكل دوري لصالح منافسه بيني غانتس. ضمن هذا السياق أظهر استطلاع رأي إسرائيلي، بتاريخ 8/3/2024، أن "عضو مجلس الحرب (كابينيت الحرب)، بيني غانتس، هو الأنسب لمنصب رئيس الوزراء في بلاده بنسبة 48 %".

يختم المقال: "لقد أدى سعي رجل واحد إلى السلطة إلى تحويل إسرائيل عن مواجهة أولوياتها الأكثر إلحاحاً: التهديد الإيراني، والصراع مع الفلسطينيين، والرغبة في رعاية مجتمع واقتصاد غربيين في الزاوية الأكثر إثارة للجدل في الشرق الأوسط، والتناقضات الداخلية بين الديمقراطية. والدين، الصدام بين الرهاب القبلي وآمال التكنولوجيا المتقدمة. إن هوس نتنياهو بمصيره كحامي لإسرائيل كان سبباً في إلحاق أضرار جسيمة ببلاده".


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور