الجمعة 31 كانون الثاني , 2025 03:26

السفير الصيني الجديد في "إسرائيل".. لإصلاح العلاقات المتوترة بين البلدين؟

الرئيس الصيني شي جين بينغ ونتنياهو

مع مرور 33 عاماً على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين كيان الاحتلال والصين، تُطرح من جديد طبيعة العلاقة التي تجمع البلدين، في ظل التطورات الدراماتيكية التي مرت بها المنطقة، وانعكاسات حرب غزة على موقف الصين، ودورها المتنامي في الشرق الأوسط، وديناميتها مع اللاعبين الإقليميين ومصالحها الاقتصادية.

في 29 تشرين الثاني/نوفمبر، عينت بكين شياو جيون تشنغ سفيراً جديداً لها لدى "إسرائيل"، في إشارة إلى جهود الصين الرامية إلى إصلاح العلاقات المتوترة بين البلدين.

ذكر شياو جيون تشنغ، السفير الصيني الجديد لدى دولة الاحتلال، أنه "في 24 كانون الثاني، يناير 1992، أقامت بكين وتل أبيب علاقات دبلوماسية على مستوى السفراء، مما فتح فصلاً جديداً في تاريخ علاقاتهما الثنائية، وفي آذار/ مارس 2017، أعلنتا عن إقامة شراكة ابتكارية شاملة، مما يمثل معلماً تاريخياً جديداً في العلاقات الثنائية، وعلى مدى السنوات الـ33 الماضية، شهدت صعوداً وهبوطاً". 

وأضاف في مقال نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم"، أن "الصين أصبحت اليوم أكبر شريك تجاري لدولة الاحتلال في آسيا، وثاني أكبر شريك تجاري في العالم، فضلاً عن كونها أكبر مصدر للسلع المستوردة إليها، حيث تحظى السيارات الكهربائية المصنوعة في الصين برواج كبير لدى الإسرائيليين، وتمثل ما يقرب من 70 في المائة من سوقهم المحلية".

ولفت إلى أن "التحديات التي تواجه العلاقات الثنائية بين بكين وتل أبيب تتمثل في التغيرات الإقليمية، وكيفية التعامل معها، فمنذ أكتوبر 2023، واجه تطور علاقاتهما تحديات معينة، ويرجع ذلك أساساً للصراعات الإقليمية المستمرة، ورغم اندلاع حرب غزة، فقد اختار 20 ألف عامل صيني البقاء في وظائفهم في كيان الاحتلال، فيما تواصل شركة "هاينان" للطيران تسيير رحلات مباشرة بينهما، وتخطط لزيادة وتيرتها".  

في هذا السياق، يعدّ تعيين الدكتور شياو جون تشنغ، الذي يتمتع بخلفية دبلوماسية غنية في الشرق الأوسط، محاولة من بكين لإصلاح العلاقات المتوترة مع إسرائيل في أعقاب أحداث السابع من أكتوبر، بحسب مقال لمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، الذي يشير إلى أنه "خلال فترة سلفه، وصلت التجارة الثنائية إلى مستويات قياسية، لكن ثقة الإسرائيليين في الصين تضررت بشدة بسبب سياساتها. وعلى النقيض من سلفه، فإن الخلفية الدبلوماسية الغنية التي يتمتع بها شي في الشرق الأوسط والنشاط الذي أظهره منذ توليه منصبه في أوائل ديسمبر/كانون الأول تشير إلى فرص للتعاون الاقتصادي والدبلوماسي".

يضيف المقال "مع ذلك، طالما استمرت بكين في دعم خصوم إسرائيل خطابياً، وتوفير شريان حياة اقتصادي لإيران ووكلائها، ونشر الدعاية المعادية للصهيونية والإرهاب، وحتى مع استمرار حملات التضليل المعادية للسامية من خلال آلة الدعاية الخاصة بها، سيكون من الصعب استعادة الثقة بين البلدين. ومن المؤكد أن بداية إدارة ترامب الثانية والضغوط المتوقعة من جانبه لتقليص علاقات إسرائيل مع الصين لن تكون مفيدة في هذا السياق".

من الناحية الاقتصادية، يذكر المقال حجم العلاقات الاقتصادية التي تجمع الصين بكيان الاحتلال "فبالرغم من أن سلوك الصين يتناقض في كثير من الأحيان مع المصالح الوطنية لإسرائيل، فإن الحفاظ على علاقة مستقرة مع الصين يصب في مصلحة إسرائيل. الصين هي ثالث أكبر شريك تجاري لإسرائيل، لكن إسرائيل ليست المستفيد الوحيد من هذه العلاقات. وتعتبر إسرائيل مصدراً للتكنولوجيا المتقدمة بالنسبة للصين، خاصة في الوقت الذي تغلق فيه أبواب الغرب أمام بكين. وعلاوة على ذلك، وعلى الرغم من صغر حجمها، فإن السوق الإسرائيلية تشكل منطقة اختبار ملائمة للعديد من الشركات الصينية قبل دخول السوق الغربية، حيث تشترك في معايير وتفضيلات مماثلة مع إسرائيل".

ويؤكد الكاتبان توفيا جورينج وأوفير ديان بأنه "على الرغم من البراغماتية وحسن النية، فإن اعتبارات الواقعية السياسية لا تزال تلعب دوراً في هذا الصدد. منذ بداية حرب إسرائيل مع حماس، برزت الحكومة الصينية كناقد صريح لإسرائيل قولاً وفعلاً، وحليفة لأعدائها اللدودين".

ويضيفان "جهود الوساطة الصينية بين إيران والمملكة العربية السعودية وبين الفصائل الفلسطينية مجرد مثال أحدث على طموح الصين المتنامي للعب دور أكبر في المنطقة. وفي الواقع، تستخدم الصين نفوذها المتنامي لتقويض علاقات الولايات المتحدة في المنطقة. وبما أن إسرائيل حليف قوي للولايات المتحدة، فقد قال محللون صينيون لمؤلفي هذا المقال إن بكين ستواصل "استخدام إسرائيل كعصا لضرب الولايات المتحدة". وعلى غرار حرب روسيا في أوكرانيا، استغلت وسائل الدعاية الصينية أيضاً الحرب لشن حملة تضليل ضد الولايات المتحدة".

لا شك أن الصين لها مصالحها الإستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط، ويبدو بأنها تحاول أن يكون لها موقف متوازن في الصراعات التي تعج بها المنطقة، ومن الواضح أنها تحاول أن تقلل من التوترات التي اجتاحت علاقتها مع كيان الاحتلال بعد أحداث طوفان الأقصى، بتظهير حجم التعاون الواسع بين البلدين على المستوى الاقتصادي، دون أن تتنازل عن مواقفها بدعم القضية الفلسطينية التي اعتمدتها منذ بداية 7 أكتوبر، بالإضافة إلى توثيق علاقاتها مع أعداء "إسرائيل"، والأهم التأثير على نفوذ الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط في سياق التنافس الصيني-الأميركي.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور