السبت 01 حزيران , 2024 12:36

7 أشهر على الطوفان والخلاف بين معسكر نتنياهو والجيش يتصاعد

نتنياهو وبن غافير وسموترتش - الجيش الإسرائيلي وطوفان الأقصى

في اللحظة التي كان مجاهدو المقاومة الفلسطينية يجرون أسراهم من ضباط وجنود ومجندات فرقة غزة والوحدات النخبوية التي تعمل في الجنوب إلى أماكن اعتقالهم، لم يعد جيش الاحتلال "جيش الشعب" كما كان يسميه المستوطنون منذ العام 1948. فقد تكفلت القطعة البارعة التي نفذها المقاومون الفلسطينيون بثلاث ساعات صبيحة 7-10-2023 بالإطاحة بـ 75 عاماً من البناء لآلة القتل تلك والتي يتفاخر الإسرائيليون بأنها "حمت" دولتهم المؤقتة من الذوبان في بحر من الأعداء في منطقة غرب آسيا.

الانشقاق القيادي

من المهم الإشارة في هذا الصدد، إلى تفاقم أسباب النزاع بين كافة الأطراف داخل معسكر الاحتلال للخروج بتقدير وخلاصة نهائية لما قد يمكن استشرافه من تحولات في الإطار القيادي لدى الكيان المؤقت.

حيث أنه منذ البداية برز صراع خفي وبعيداً عن التداول حول من سيتحمل المسؤولية على إخفاقات "7 أكتوبر" وعلى عدم القدرة على إدارة النزاع المسلح الجاري في غزة وتمكن الخصم وهو المقاومة من تعطيل كافة مبادرات الكيان وعدم تمكينه من تحقيق أي هدف من أهدافه.

فنتنياهو وعلى جانبيه الايمن بن غفير والايسر سموريتش حارسيه اليمينيين المتطرفين سارعوا منذ البداية إلى اغلاق أي منفذ يمكن للجيش والاستخبارات النفاذ منه لإطلاق عملية التحقيق والمحاسبة الفورية للمسؤولين عن "إخفاقات 7 أكتوبر" من مدنيين وعسكريين، ومواجهة دعاوى تفيد بأن نتنياهو وطاقمه اليميني تجاهلوا كل التحذيرات التي قدمت حول عملية كبيرة وشيكة تعد لها المقاومة الفلسطينية. فيما لوح فريق نتنياهو بورقة عدم تزويد رئاسة الحكومة بتقارير وافية تمكنها من الحكم على ما كانت تحضر له المقاومة في غزة.

تبين أن العضوين الرئيسيين في حكومة الحرب بني غانتس وغادي ايزنكوت قد استطاعا حمل ملف الدفاع عن الجيش معهما إلى غرفة الحرب، واستطاعا استقطاب وزير الدفاع يؤاف غالانت ورئيس الاركان هرتسي هاليفي للدفاع عن سمعة الجيش التي سعى نتنياهو وفريقه لتشويهها.

مع استمرار المعارك واستمرار تدخل رئيس الحكومة ومكتبه بكل شاردة وواردة تخص الجيش بما فيها وقف وتغيير الخطط العسكرية المقررة لاقتحام مناطق في غزة وتحويلها إلى مناطق أخرى. تنامى وازداد الارتباك في صفوف الفرق والالوية المقاتلة في غزة وانعكس على خططها الخاصة وتحول في النهاية إلى إخفاقات في الميدان.

وهذا ما كان يعمق الهوة بين المستوى السياسي والمستوى العسكري ويرفع من حدة الاستقطاب داخل منظومة صنع القرار، ويمنع من اتخاذ قرارات صائبة أو جدية بل كانت معظم القرارات الكبيرة عرضة للفشل بسبب عدم الانسجام. وكما تسبب التردد في الحسم والانجاز والفوضى العارمة في خطط التشغيل التي اعتمدها الجيش بتراكم مصفوفة الفشل.

إذاً، لماذا هذه الازدواجية بين خطة عسكرية غير محددة الاهداف وبين أهداف افتراضية وضعتها حكومة اليمين والتي تعتبر مستحيلة التحقق.

ثمة من كان يراهن (في الجيش والحكومة) على أن مجرد خوض هذه الحرب يعني استعادة جزء من المشروعية الشعبية للحكومة والجيش والتي تحطمت في مستعمرات غلاف غزة صبيحة السبت 7-10-2023. وثمة من اتكأ على المظلة الامريكية التي اعطت لجيش العدو مهلة مفتوحة لتحقيق الأهداف.

إلا أن واقع الميدان ضرب كل تلك المعادلات وجعل فرصة كسر وتحطيم الجيش "هراوة إسرائيل" قابلة للتحقق مع الصبر والتكيف مع الزمان والاستمرار بمواجهة الفوران العسكري الإسرائيلي عبر استراتيجية الألف جرح التي تنفذها المقاومة منذ 7 أشهر بالتمام والكمال، وإذا كان جيش الاحتلال قد أخذ تفويضاً من الحكومة والشعب لتنفيس غضبهم جميعاً في قطاع غزة فإن المقاومة تستمد تفويضها لاستمرار القتال من شعبها في بيئتها الحاضنة الطبيعية غزة ومن ساحاتها الرئيسية في الضفة والـ 48 والشتات.

خلاصة واستنتاج:

يبدو أن الخلاف بين معسكر نتنياهو والجيش إحدى نقاط الضعف الرئيسية في منظومة القرار الإسرائيلي وهذا الخلاف مرشح للتصاعد والتمظهر أكثر ليتحول إلى خطين في السياسة الإسرائيلية مما قد يعطّل قدرة الاحتلال على المبادرة ويزيد من أزماته، إلا أنه يجعل هذين الفاعلين كابحاً رئيسياً لأي قرارات إسرائيلية كبيرة بمستوى شنّ حروب أو أخذ مبادرات ردعية، وهذا ما سيؤدي حتماً إلى فقدان الكيان لحرية التعامل مع محور المقاومة وإلى تقييد المبادرة الاستراتيجية الإسرائيلية في المدى القصير بانتظار حصول متغيرات سياسية أو ميدانية.


المصدر: مركز دراسات غرب آسيا




روزنامة المحور