الإثنين 06 أيار , 2024 04:10

هل ستكون كتيبة "نيتساح يهودا" كبش فداء لغايات أميركية؟

كتيبة "نيتساح يهودا"

بعد ورود تقارير من واشنطن عن احتمالية فرض عقوبات على كتيبة "نيتساح يهودا" لأسباب تتصل بانتهاكات لحقوق الإنسان في الضفة الغربية، رفض معظم المسؤولين الإسرائيليين القرار الأميركي قبل أن يصدر، وتوالت التصريحات المنددة لهذه خطوة التي تستهدف كتيبة عسكرية بشكل كامل ولما ستتركه من آثار سلبية على كيان الاحتلال سياسياً وقانونياً.

من هي كتيبة "نيتساح يهودا"

تُعد كتيبة "نيتساح يهودا"، كتيبة مشاة في الجيش الإسرائيلي مخصّصة للحريديم، كلّ عناصرها من الرجال، وهي تابعة للواء كفير، تأسّست عام 1999 من قبل حاخامات جمعية "نيتساح يهودا" بالتعاون مع شعبتي الأمن الاجتماعي في وزارة الأمن؛ والموارد البشرية في الجيش الاسرائيلي. ومع مرور الزمن، وفي ظلّ انخفاض عدد الحريديم الذين يتمّ تجنيدهم في الجيش الإسرائيلي، بدأت الكتيبة باستيعاب عناصر من "شبيبة التلال" (مستوطنون)، ومن الحريديم القوميّين (يمين متطرِّف). وتتموضع الكتيبة حالياً في قطاع بنيامين (رام الله)، وتضمّ نحو 1000 جندي (وضابط). اكتسبت الكتيبة "سُمعة سيّئة"، بسبب أعمال عدائية كثيرة ضدّ الفلسطينيّين نُسبت إليها. ومارست سلسلة أعمال جنائية إلى درجة حظيت فيها هذه القوّة التابعة للجيش الإسرائيلي بصفة ميليشيا خاصّة مؤلّفة من "شبيبة التلال"، لكن بملابس عسكرية.

رفض إسرائيلي للقرار الأميركي

رفض معظم المسؤولين الإسرائيليين القرار الأميركي بفرض عقوبات على كتيبة "نيتساح يهودا"، حيث هاجم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، نيّة الإدارة الأميركية فرض عقوبات، وقال: "ممنوع فرض عقوبات على الجيش الإسرائيلي" وأضاف "إنّ نيّة فرض عقوبات على وحدة تابعة للجيش الإسرائيلي هي قمّة المهزلة والانحطاط الأخلاقي. الحكومة برئاستي ستستخدم كلّ الوسائل ضدّ هذه الخطوات".

بدوره، رأى وزير الأمن، يوآف غالانت، "أنّ أيّ محاولة لمعاقبة وحدة بأكملها، تلقي بظلال ثقيلة على أعمال الجيش الاسرائيلي لحماية مواطني إسرائيل" وانضم إليه عضو كابينت الحرب، بني غانتس، وقال إن "كتيبة نيتساح يهودا هي جزء لا يتجزأ من الجيش الإسرائيلي. وهي تخضع للقانون العسكري وتعمل وفقاً للقانون الدولي"، وأضاف أنّ "فرض عقوبات على وحدة عسكرية يُشكِّل سابقة خطيرة، ويبعث برسالة خاطئة إلى الأعداء". وقال في بيان إنه طلب من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إعادة النظر في قرار فرض عقوبات على وحدة "نيتسح يهودا".

ومن جهة المعارضة، برزت وجهتا نظر، الأولى عبّر عنها رئيس المعارضة يئير لابيد، الذي قال إنّ العقوبات الاميركية على كتيبة نيتساح يهودا خطأ، ويجب التحرُّك لإلغائها. أمّا الثانية، فتمثّلت بدعوة رئيسة حزب العمل الإسرائيلي، ميراف ميخائيلي، الجيش الإسرائيلي إلى تفكيك كتيبة نيتساح يهودا، وقالت إنّ هذه الكتيبة كان ينبغي تفكيكها قبل سنوات كثيرة، فهي "كتيبة لشبيبة التلال، التي تقتل فلسطينيين من دون سبب"، لافتة إلى أنّ الممارسات العنيفة والفاسدة لـ "نيتساح يهودا" ومحيطها معروفة منذ سنين، ولم يتمّ فعل شيء في إسرائيل كي تتوقّف.

سلبيات القرار الأميركي على "إسرائيل"

الانتقادات الواسعة في إسرائيل للقرار الأميركي بفرض عقوبات على كتيبة نيتساح يهودا، يعود إلى أسباب عديدة سيؤدّي، في حال تطبيقه، إلى إلحاق ضرر بإسرائيل من جوانب مختلفة:

- سابقة من دولة حليفة بشأن إصدار عقوبات على كتيبة بأكملها.

- يُلحق وصمة مُخجِلة بجيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي كان ذات يوم موقّراً وسط الجيوش الغربية.

- يضع هذا القرار هذه الكتيبة مع مجموعة هيئاتٍ مشبوهة في العالم، حيث سيوصم عناصرها بأنهم مجموعة من المجرمين بملابس عسكرية، كمجموعة فاغنر في روسيا؛ والميليشيات السورية؛ وكارتيلات المخدرات في أميركا الجنوبية.

- بروز مصاعب وتحدّيات قضائية صعبة في المنظمات الدولية كمحكمة العدل الدولية ومحكمة الجنائية الدولية، وستثار الخشية من تثبيت مسؤولية جنائية على مسؤولين إسرائيليّين.

- سيؤثر القرار سلباً على دول داعمة لإسرائيل، بحيث تُوقِف مساعداتها لجمعية "نيتساح يهودا"، التي تدعم الكتيبة، بمساعدات مالية، وبأمور مختلفة.

أمّا المعنى المباشر للقرار الأميركي، فسيكون وقف نقل الأسلحة والمعدات الأميركية الصنع لكتيبة نيتساح يهودا، التي يستخدم مقاتلوها أسلحة أميركية من طراز M-16، ويستعملون آليات ومعدّات شخصية أميركية أيضاً.

ختاماً، أشارت تقديرات إسرائيلية بأنّ توقيت الإعلان "غير الرسمي حتى الآن"، بشأن فرض عقوبات على "نيتساح يهودا"؛ ليس محض صدفة، إذ لذلك علاقة بموافقة الكونغرس على حزمة المساعدات الضخمة لإسرائيل؛ وهو يرتبط بالخلافات داخل الحزب الديمقراطي، ومحاولة بايدن إحباط الانتقادات التقدمية ضدّه.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور