لا تزال تأثيرات عملية الوعد الصادق التي نفذتها الجمهورية الإسلامية في إيران في الـ 14 من نيسان / أبريل الماضي، تلقي بظلالها على الكيان المؤقت ومن خلفه الولايات المتحدة الأمريكية، وخاصةً بما يتعلق بمنظومات الدفاع الجوي، وتحديداً منظومة باتريوت.
فقد بيّن هذا المقال الذي نشره موقع " Military Watch Magazine" العسكري وترجمه موقع الخنادق، بأن قرار إسرائيل الاستغناء عن هذه المنظومة، بالرغم مما تعيشه من أخطار محدقة بها من قبل محور المقاومة، عبر تنفيذ هجوم صاروخي كالذي حصل، إيراني أو من قبل حزب الله، هو دليل كبير على فشل هذه المنظومة الكبير. وكشف المقال أن أبرز عيوب هذه المنظومة هي "النيران الصديقة" التي تتسبب بها خلال عمليات الاعتراض، بحيث تستهدف الطائرات الحربية والمسيّرات الإسرائيلية (نقل المقال إفادة مصادر عسكرية أمريكية أن 40% من الطائرات التي أسقطتها القوات الإسرائيلية في الأشهر الأخيرة كانت "صديقة")، أو من خلال تساقط الصواريخ الاعتراضية على المستوطنات.
النص المترجم:
أكدت قوات الدفاع الإسرائيلية خططها لإيقاف أنظمة الدفاع الجوي MIM-104 باتريوت المقدمة من الولايات المتحدة، بعد أقل من شهر على حصول ما لم تشهده إسرائيل منذ قيامها، من غارة إيرانية غير مسبوقة بطائرات دون طيار وصاروخ، وقيام القوات الأمريكية وتحالفها بإطلاق أكبر وابل من صواريخ أرض جو في التاريخ.
لذلك فإن قرار إحالة جزء كبير من شبكة الدفاع الجوي للبلاد إلى التقاعد، أثناء القيام بعمليات قتالية شديدة الكثافة، وفي وقت تواجه فيه الدفاعات الجوية ضغوطًا غير مسبوقة، هو أمر غير عادي إلى حد كبير.
وقد فسر عدد من المحللين ذلك على أنه مؤشر مهم على عيوب أداء باتريوت. ولم يقتصر الأمر على أن السجل القتالي للنظام ترك الكثير مما هو مطلوب منه، في عمليات تتراوح من حرب الخليج إلى الدفاع عن المجال الجوي السعودي ضد الضربات اليمنية، ولكن ربما الأمر الأكثر أهمية بالنسبة لإسرائيل، هو أن النظام أظهر باستمرار ميلًا كبيرًا للنيران الصديقة.
وجاء تأكيد خطط إحالة باتريوت إلى التقاعد، وسط ظهور تقارير على نطاق واسع عن مشكلات تتعلق بالنيران الصديقة أثناء عمليات الدفاع الجوي الإسرائيلية، مما أدى إلى إسقاط أعداد كبيرة من الطائرات بدون طيار الصديقة.
وأفادت مصادر عسكرية أمريكية أن 40% من الطائرات التي أسقطتها القوات الإسرائيلية في الأشهر الأخيرة كانت صديقة. وفي حين أنه لا يزال من غير المؤكد إلى أي مدى تم استخدام أنظمة باتريوت في الأشهر الأخيرة، إلا أن النظام لديه تاريخ طويل من النيران الصديقة التي اكتسبت درجة من الدعاية خلال الغزو الأمريكي للعراق. فأثناء الغزو، كان مدى التهديد بالنيران الصديقة من صواريخ باتريوت كبيرًا لدرجة أن طياري القوات الجوية والبحرية الأمريكية اعتبروها أكبر تهديد يواجهونه في الجو. "لقد أخافنا الباتريوت بشدة"، هكذا لخص أحد طياري طائرات F-16، مع قيام الأنظمة في كثير من الأحيان باستهداف أهداف صديقة مما أدى إلى تنشيط أجهزة استقبال التحذير الرادارية الخاصة بها، وفي مناسبات متعددة إطلاق النار على طائرات صديقة. وقد أدت حوادث أخرى لصواريخ باتريوت، الى اصابة مناطق سكنية بعد فشل الاعتراض، وهذا ما تسبّب بزيادة رؤية جيش الدفاع الإسرائيلي الى هذه الأنظمة على أن تشكل خطراً أكبر مما تستحق.
كان باتريوت سابقا يشكّل الطبقة المتوسطة من شبكة الدفاع الجوي الإسرائيلية، حيث توفر القبة الحديدية ذات المدى الأقصر الدفاع ضد الطائرات بدون طيار والمدفعية الصاروخية، بينما تم تصميم نظام السهم ذو المستوى الأعلى لإسقاط الصواريخ الباليستية متوسطة المدى على ارتفاعات عالية جدًا. ومع ذلك، تم استبدال صواريخ باتريوت منذ ذلك الحين بنظام مقلاع داود، الذي تم تطويره بشكل مشترك بين شركة رايثيون وشركة رافائيل الإسرائيلية. وتتفوق مواصفات النظام الأحدث بكثير على مواصفات باتريوت، وفي عام 2023 حصلت على أول طلباتها الأجنبية من خلال شراء فنلندا لاستكمال نشرها القادم لمقاتلات F-35.
من السمات البارزة بشكل خاص للنظام الجديد استخدامه لصواريخ Stunner ذات التوجيه الطرفي المزدوج الوضع، مما يعني أن كل منها ينشر باحثين أحدهما يستخدم مجموعة رادارية نشطة ممسوحة ضوئيًا إلكترونيًا والآخر يستخدم التصوير بالأشعة تحت الحمراء. يمكن لأي من الباحثين توجيه الصاروخ نحو هدفه، واستخدام كليهما يقلل بشكل كبير من فرص خداع الأهداف للصواريخ أو التشويش عليها عند الاقتراب.
في حين أن نظام مقلاع داود يوفر خليفة مباشر لصواريخ باتريوت، فإن الكميات الهائلة من الصواريخ والطائرات التي من المتوقع أن تواجهها الدفاعات الإسرائيلية في حالة تصاعد الصراع مع إيران أو ميليشيا حزب الله اللبنانية تعني أنه من المتوقع أن تظل صواريخ باتريوت في الخدمة، لتقليل احتمالية فشل الدفاعات الجوية الإسرائيلية بالاعتراض. فترسانة إسرائيل الحالية من صواريخ أرض جو، حتى بدعم من الترسانات الأمريكية القريبة، تعتبر غير كافية على الإطلاق لاعتراض القصف واسع النطاق من قبل أي من هذين الخصمين، حيث تبلغ تكلفة صواريخ أرض جو عدة أضعاف تكلفة الطائرات بدون طيار والصواريخ الباليستية وصواريخ كروز. وبالتالي فإن قرار إيقاف صواريخ باتريوت يعد أمراً غير عادي إلى حد كبير، خاصة في الوقت الذي أظهر فيه خصوم إسرائيل ميلًا غير مسبوق لاستهداف أنظمة الدفاع الجوي الأرضية بأسلحة موجهة بدقة. وبالتالي تم تفسير التقاعد على نطاق واسع على أنه مؤشر على عدم الرضا عن أدائها - وهو ما يمكن أن يكون مساهمًا كبيرًا في قضايا النيران الصديقة المستقبلية التي تعيق جهود الدفاع الجوي الشاملة.
المصدر: Military Watch Magazine
الكاتب: غرفة التحرير