الإثنين 15 نيسان , 2024 04:32

عملية الوعد الصادق بأبعادها الاستراتيجية

طائرة شاهد 136

تشكّل عملية "الوعد الصادق" الإيرانية، مفصلاً مهماً واستراتيجياً في مسار الصراع ما بين محور المقاومة والكيان المؤقت، وخاصةً ما بين الجمهورية الإسلامية وإسرائيل. فمرحلتا "الصبر الاستراتيجي" و"حرب الظل" ما بينهما، اللتان استمرتا لعقود من الزمن، قاطعتهما في الـ 14 من نيسان / أبريل 2024، عملية احتكاك عسكري مباشر لأول مرة، عندما هاجمت فيها إيران إسرائيل بشكل مباشر انطلاقاً من أراضيها، رداّ على استهداف قنصليتها في العاصمة السورية دمشق، واستشهاد اللواء محمد رضا زاهدي ورفاقه، بالرغم من كل التهديدات والتهويل الذين طالوها خلال الأيام السابقة.

هذه العملية بجزئياتها ومراحلها، حققت أهدافها العسكرية المحددة بدقة، بالرغم من استنفار كل طبقات ومنظومات الدفاع الجوي الاعتراضية التابعة لكيان الاحتلال، التي تم تعزيزها بأسراب من سلاح الجو، بمشاركة ودعم كبيرين من الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها ‏الدوليين وادواتها الإقليميين لمحاولة رد الهجوم الصاعق.

لكن الأهداف والنتائج السياسية والإستراتيجية البعيدة ‏المدى لهذا التطور الكبير، ستظهر تباعاً مع مرور الوقت، وستؤسس لمرحلة جديدة على مستوى الصراع والقضية ‏الفلسطينية برمتها، في طريق انتصار محور المقاومة الحتّمي، وهذا ما عبّر عنه بيان حزب الله حول العملية.

النتائج بأبعادها الاستراتيجية

وبطبيعة الحال، أدّت العملية الى ظهور العديد من النتائج بأبعادها المختلفة وهذه أبرزها:

_ صياغة الجمهورية الإسلامية لمعادلة ردع جديدة، ستعقّد من دون شك أي عملية تخطيط إسرائيلي للاعتداء على إيران، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، لأنها يعلّم بأن سيؤدي الى رد إيراني، سيكون ضخماً كبيراً بشكل يفوق قدرة كيان الاحتلال على اعتراضه بكثير. وهذا ما أشار إليه قائد حرس الثورة الإسلامية اللواء حسين سلامي مؤخراً عندما حذر كيان الاحتلال قائلاً بأنه يجب عليه أن "يعيد حساباته وإذا قام بأي رد فعل فمن المؤكد أن رد إيران سيكون أصعب بكثير بناءً على هذه التجربة الجديدة التي اكتسبناها من قدراته".

_ إظهار عجز الكيان عن الدفاع بمفرده، وهذا ما له بعد آني ومستقبلي. فالكثير من المسؤولين والمحللين العسكريين أوضحوا ما بعد الهجوم، بأنه من المحتمل جداً أن تفشل منظومات الاعتراض الإسرائيلية، أمام سرب كبير بما فيه الكفاية من الطائرات بدون طيار أو وابل صاروخي ضخم (لم تستطع إسرائيل اسقاط سوى 50% منها كحد أقصى لا كما تزعم من أنها بنسبة 99%). وقال الباحث في أنظمة الأسلحة في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي يهوشوا كاليسكي: "إذا أرسلوا الكثير، فيمكنهم إشباع النظام (أي تحميله فوق طاقته)".

ومن جهة أخرى، قد لا تستطيع الجهات الأمريكية والأوروبية والعربية التي دعمت إسرائيل في عمليات الاعتراض خلال هذه العملية، تكرار ذلك مستقبلاً، للعديد من الأسباب السياسية أو العسكرية أيضاً.

_ أكّدت إيران ما كانت أمريكا وكل من يتبعها، يحاولون التخفيف من قدره أو حتى نفي حصوله، من أنها تمتلك قدرات عسكرية هجومية متطورة للغاية رغم الحصار وبصناعة محلية، تمكنت تخطي مختلف منظومات الاعتراض الأمريكية والإسرائيلية، واستطاعت إيصال حوالي 80% (من الصواريخ والمسيّرات) الى الكيان المؤقت، فيما أصابت 50% من الصواريخ والمسيرات أهدافها المحددة بدقة.

_ تؤكّد ردود فعل الإدارة الأمريكية على العملية، لناحية سعيها الى تجنب التصعيد، وتحذير إسرائيل وحكومة نتنياهو بشكل صريح وواضح من أنها لن تشارك بأي رد ضد إيران، على أن إدارة بايدن تخشى بشكل كبير اشتعال الصراع العسكري المباشر بينها وبين الجمهورية الإسلامية. وهذا ما يؤشر الى أن الرعاية الأمريكية للكيان بدأت تتخلخل، وربما قد نشهد في المستقبل العديد من لحظات التخلي الأمريكية هذه.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور