يمكن اعتبار خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في الحفل التأبيني للشهيد القائد طالب سامي عبد الله "أبو طالب"، هو من الخطابات المفصلية للسيد نصر الله خلال معركة طوفان الأقصى، كونه ارتكز على جانبين: التأكيد على ثبات الموقف باستمرار جبهة لبنان المساندة للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والفعّالة في استنزاف الكيان المؤقت مهما كثُر التهديد والوعيد، بالإضافة الى ردع إسرائيل وأمريكا من خلفها من مغبة التصعيد نحو الحرب الواسعة مع الحزب عبر التحذير من نتائج ذلك على الكيان.
فقد أكّد السيد نصر الله بأن المقاومة الإسلامية ستقاتل بلا ضوابط أو قواعد أو سقوف إذا فُرضت عليها حرب شاملة مع إسرائيل. مشيراً بأن على الكيان "أن ينتظر المواجهة برا وبحرا وجوا". مبيناً بأن ما يخشاه الإسرائيليون من إمكانية دخول المقاومة إلى الجليل، هو احتمال يبقى مطروحا إذا تطورت المواجهة. ومشدداً على أن الكيان "يعرف جيدا ما ينتظره في البحر الأبيض المتوسط، حيث ستُستهدف جميع سواحله وبواخره وسفنه".
وفي تحذير لافت في المضمون يؤسس لمعادلة ردع جديدة تصيب أكثر من دولة، حذر السيد نصر الله الدولة القبرصية من فتح قواعدها لإسرائيل خلال أي حرب، مؤكدا بأنها إذا فعلت ذلك "فسيتم التعامل معها كجزء من الحرب". وعليه فإن أي دولة في المنطقة أو دولة تملك قواعد عسكرية لها في المنطقة - – كالولايات المتحدة الأمريكية أو بريطانيا -، ستتيح لجيش الاحتلال الإسرائيلي استخدام أراضيها من أجل الهجوم على لبنان، عندها سيقوم الحزب بالردّ على ذلك عسكرياً.
أبرز المواقف التي تخلّلها الخطاب أيضاً
_ الجهوزية العالية للمقاومة، بشرياً ومادياً، لخوض أصعب سيناريوهات المواجهة.
_ الردّ على ما جاء به المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، بأنه إذا أرادات الإدارة الأمريكية وقف الحرب على جبهة جنوبي لبنان أو في اليمن أو العراق، فإن الحل الوحيد هو بوقف الحرب على غزة وفقاً لصفقة تبادل مع المقاومة في غزة.
_ تبيين أهمية جبهات المساندة في لبنان واليمن والعراق، واستعراض نتائج الجبهة اللبنانية بشكل خاص.
_ استعراض أهمية عملية طائرة الهدهد الاستطلاعية التي نفذت في أجواء منطقة حيفا، والإشارة الى أن هناك العديد من المهام الاستطلاعية المماثلة التي نُفذت في مدن ومناطق أخرى في فلسطين المحتلة.
_ التأكيد على القتال الأسطوري والعمليات البطولية والإنجازات الميدانية الهائلة، لفصائل المقاومة في غزة، والتي فشل أمامها الجيش الإسرائيلي بالرغم مما يمتلكه من إمكانيات ضخمة، وهو ما دفع بالإسرائيليين إلى أن يلهثوا خلف نصر كاذب ومزوّر.
_ إظهار حال الانحدار الكبير داخل الكيان الإسرائيلي، من تعب الجيش واستنزاف الجيش ومشاكل التجنيد واستدعاء الاحتياط وموضوع الحريديم والمطالبة باستقالات رئيس الاركان وضباط كبار والخلاف على تعيينات في الجيش والنقاش في جدوى القتال وعائلات القتلى، وخلافات المستوى السياسي، وهو ما يشكّل عاملاً أساسياً إذا ما تم إضافته الى عناصر القوة لدى لبنان ومقاومته، لاستبعاد إقدام إسرائيل على توسيع الحرب.
إسرائيليون يعترفون بواقعهم المنحدر
وقال السفير السابق لكيان الاحتلال لدى الولايات المتحدة خلال إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، مايكل أورين، أن "حماس" تشكل تهديداً تكتيكياً لإسرائيل، في حين أن "حزب الله" يشكل تهديداً استراتيجياً لها. ولفت أورين بأنه قرأ "تقديرات مروعة لما يمكن أن يفعله (حزب الله) خلال ثلاثة أيام". مشيراً الى أنه بإمكان الحزب "تدمير كل بنيتنا التحتية الأساسية، ومصافي النفط، والقواعد الجوية، وديمونا (منشأة الأبحاث النووية في الكيان)".
وفي السياق نفسه، صرّح الرئيس التنفيذي للشركة المسؤولة عن إدارة شبكة الكهرباء في الكيان شاؤول غولدشتاين تعليقاً على خطاب السيد نصر الله لصحيفة يديعوت أحرونوت قائلاً: "لسنا في وضع جيد، ولسنا مستعدين للحرب، ونصر الله يمكن أن يدمر بسهولة شبكة الكهرباء في إسرائيل"، مشدداً على أنه "بعد 72 ساعة بدون كهرباء سيكون من المستحيل العيش في إسرائيل".
الكاتب: غرفة التحرير