الجمعة 27 أيلول , 2024 04:16

تل أبيب في دائرة النار أيضاً: كيف يكون القرار اليمني نابع من "وحدة المصير"؟

تعكس التجربة التي خاضها حزب الله في المنطقة، من مقاومته للاحتلال الإسرائيلي بجناحيه في لبنان وفلسطين إلى مواجهة المشروع التكفيري في كل من سوريا والعراق ثم المساندة لحركة أنصار الله في اليمن، قراراً مشتركاً لدى هؤلاء بتحقيق هدف واحد، نابع من قناعتهم "بوحدة المصير". وثمة من يرى بالاستهداف اليمني لتل أبيب ليلة أمس، بأنه يأتي ضمن إطار الرد على اغتيال القائد الجهادي "أبو صالح" الذي كان له دور بارز في مساندة القوات المسلحة اليمنية خلال حربها، كما تضمن البيان وللمرة الأولى عبارة المساندة للجبهة اللبنانية أيضاً. في حين أن وصول يد اليمن لعمق الكيان للمرة الثالثة هو بذاته قلق إسرائيلي مستجد يحمل دلالاته ومفاعيله تترجم خلال الفترة القادمة.

أكد المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع في بيان، استهداف هدف عسكري في منطقةِ يافا المحتلة (تل أبيب) وذلك بصاروخ باليستيّ نوع "فلسطين2" واستهدفت كذلك هدفاً حيوياً في منطقة "عسقلان" المحتلة بطائرة مسيرة نوع "يافا". مشيراً إلى أن ذلك يأتي "انتصاراً لمظلومية الشعب الفلسطينيّ ودعماً وإسناداً للمقاومتين الفلسطينية واللبنانية وفي إطار المرحلة الخامسة".

هذه العملية التي "حققت أهدافها بنجاح"، وأكد سريع على أنها لن تتوقف خلال الأيام المقبلة حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي على غزة وكذلك على لبنان، أعادت إلى الواجهة، المعضلة الأميركية الإسرائيلية الغربية في البحر الأحمر حيث تستنزف المدمرات دون تحقيق أهدافها.

مع بدء "طوفان الأقصى" اختبر كيان الاحتلال تهديداً مستجداً، كانت حتى الأمس القريب غير محدد القدرات بالنسبة إليه، ولم يورِد اسمه على لائحة الأولويات في الضرورة المباشرة والملحة للتعامل معه. وعلى الرغم من التهديدات الإسرائيلية التي أطلقها المسؤولون منذ العملية الأولى التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر وباب المندب، وأسعفها بذلك الجهد الغربي الأميركي، إلا أن صنعاء لم تتراجع عن قرارها في المضي قدماً بقرار توسيع الاشتباك لتصل أخيراً إلى قلب الكيان تل أبيب.

هذه الخلاصة لما حصل خلال الأشهر الماضية، تأتي بالضرورة قبل معالجة أي من جوانب المشهد اليمني. اذ أنها تعتبر واقعاً ونموذجاً عن المشهد عينه في كل من فلسطين ولبنان والعراق، في ظل استمرار التهديدات الإسرائيلية المرفقة بالدعم الأميركي بكافة أنواعه على مختلف الجبهات تلك، والتعويل على أنهم قد يلقون نتائج مغايرة.

بالنسبة لليمن، يشير معهد الأطلسي في تقرير له، إلى 3 تفاصيل حاسمة تجعل من هجوم على تل أبيب وامتلاكه صواريخ فرط صوتية، "نقطة انعطاف مهمة في هجوم الحوثيين ضد إسرائيل والمصالح الإسرائيلية. أولاً، كان الصاروخ أطول هجوم مسجل على الأراضي الإسرائيلية من اليمن، حتى أن التقارير غير الحوثية قدرت أن الصاروخ حلق أكثر من 1,900 كيلومتر قبل تحطمه، مما وضع أهدافاً إسرائيلية جديدة ضمن دائرة النار". ويضيف ثانياً أن نظام الصاروخ كان قادراً على تجنب أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية جزئياً على الأقل، حيث وجدت التقييمات الأولية لسلاح الجو الإسرائيلي أن نظام أرو أصاب الصاروخ، لكنه لم يدمره بالكامل. وأخيراً، من بين أمور أخرى، زعم الحوثيون مراراً وتكراراً أن النظام يستخدم الوقود الصلب، وهو أمر مهم إذا كان صحيحاً لأن صواريخ الوقود الصلب تستغرق وقتاً أقل في الإعداد وإطلاق النار من تلك التي تحتوي على الوقود السائل، مما يجعل من الصعب على الولايات المتحدة والقوات المتحالفة معها استهدافها.

لا تنتهي المعضلة الإسرائيلية الغربية عند هذا الحد، بل أن بروز صنعاء كقوة إقليمية صاعدة، بحسب المعهد، جعلت منها شريكاً جذاباً للجهات الفاعلة الإقليمية والعالمية التي تسعى إلى قلب النظام السياسي والأمني والاقتصادي الذي يرون أنه تهيمن عليه الولايات المتحدة وحلفاؤها".

والجدير بالذكر، أنه خلال الفترة الماضية، تزايدت التقارير حول وجود تعاون روسي مرتقب مع الحركة في صنعاء. وعلى الرغم من المحاذير الروسية لتزويدها بصواريخ مضادة للسفن، إلا أنها ترى بها شريكاً جيداً في ظل الجهود الرامية لسحب المنطقة من الهيمنة الأميركية. وهذا ما يفرض على إسرائيل أولاً، بمعزل عن صحة التقارير التي تحدثت عن نقاش حول تزويد الحركة بهذا النوع من الأسلحة، تحدياً جديداً، لن ينتهي بانتهاء الحرب وان طالت.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور