فتحت اليوم مراكز الاقتراع أبوابها أمام الناخبين الأميركيين، الذين سيختارون بين المرشحين البارزين دونالد ترامب وكامالا هاريس، في هذا الإطار، يراهن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو منذ فترة طويلة على عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. في ظل قراءات كثيرة ومتضاربة تتصل بانعكاس نتيجة الانتخابات على مسار الحرب.
ومثلما كتب البروفسور إيتان غلبواع، وهو من أبرز الأكاديميين الإسرائيليين المتخصصين في العلاقات الإسرائيلية- الأميركية، قبل 9 أشهر: يبدو أن نتنياهو يرغب في كسب الوقت والبقاء في منصبه إلى أن يفوز ترامب في الانتخابات الأميركية القريبة، وعندها سيعود الاثنان إلى العصر الذهبي من علاقاتهما، والذي ساد خلال ولاية ترامب الرئاسية الأولى.
ولدى متابعة ما تتداوله أبواق نتنياهو فيما يرتبط بالعلاقات مع الولايات المتحدة، يمكن ملاحظة اتهام إدارة بايدن بأنها هي التي تمنع تحقيق إسرائيل "النصر المطلق" في الحرب على غزة، عن طريق وضع شروط معرقلة، وتأخير شحنات أسلحة. غير أنه من خلال الاطلاع على ما يكتبه الأكثر قرباً من نتنياهو نصادف شبهات أخرى تتعلق بمواقف تلك الإدارة من إيران. فقد كتب أحد هؤلاء، وهو المؤرخ المتخصّص في التاريخ الأميركي غادي طاوب، أن إدارة بايدن مقتنعة بأن الطريق إلى استتباب الهدوء في منطقة الشرق الأوسط تمرّ عبر إلغاء التصعيد والتوصل إلى تسويات في مقابل إيران. وهي سياسة منهجية بدأت بها إدارة الرئيس السابق باراك أوباما. وبرأيه، خلافاً للسياسة التي انتهجها دونالد ترامب، فإن ما تقوم به إدارة بايدن لا يعزّز قوة حلفاء الولايات المتحدة في مقابل طهران بل على العكس يتسبب بالابتعاد عن حليفاتها واتخاذ خطوات في اتجاه إيران من شأنها أن تضفي مكانة جديدة على الولايات المتحدة وهي مكانة المحكّم الذي لا يحمل أي توجهات منحازة لهذا الطرف أو ذاك.
وسبق لأحد المحللين في صحيفة "يسرائيل هيوم" أن أشار إلى أن هناك من بدأ بفرك الأيدي فرحاً في إسرائيل، على خلفية التوقّع بأن يتم انتخاب ترامب رئيساً، وهؤلاء يؤمنون بأنه إذا أصبح رئيساً للولايات المتحدة ستختفي كل مشاكل شحنات السلاح والمشكلات الإنسانية التي تفرضها إدارة بايدن على إسرائيل. بالتوازي يرد في تحليلات أخرى، خصوصاً بقلم المحلل العسكري رون بن يشاي، أنه ينبغي تذكر أن ترامب لديه كثير من التحفظات على نتنياهو، كذلك فإن موقف ترامب من الحرب على غزة كان متناقضاً. ففي البداية أيّد الحرب، بعدها قال إنه يجب على إسرائيل إنهاء الحرب الآن، ثم عاد وأيّد استمرار الحرب وتدمير حركة حماس. ومن الجهة المقابلة من الواضح أن جاريد كوشنير سيكون إلى جانب ترامب في البيت الأبيض، وهو صهره ومستشاره، وصديق إسرائيل الكبير، ومهندس تطبيع العلاقات مع الإمارات والبحرين في إطار "اتفاقيات أبراهام"، وأكبر داعية إلى إظهار القوة الأميركية في منطقة الخليج وفي منطقة الشرق الأوسط.
في المقابل يؤكد محللون إسرائيليون، لعلّ أبرزهم د. شاي هار - تسفي، وهو خبير في الشؤون الأميركية في "معهد السياسات والاستراتيجيا" في جامعة رايخمان، أنه بعد الانتخابات الأميركية، وإلى أن يحين دخول الإدارة الجديدة إلى البيت الأبيض يوم 20 كانون الثاني 2025، سيتحرّر الرئيس بايدن وإدارته من القيود السياسية، ويمكنهما أن يكونا أكثر حريةً خلال هذه الفترة، وأن ينتهجا نهجاً أكثر حدّةً حيال رئيس الحكومة نتنياهو. ويخلص إلى النتيجة التالية: لا شك في أن شبكة العلاقات المعقدة بحد ذاتها بين بايدن ونتنياهو ستكون موضع اختبارات جوهرية خلال فترة تبدُّل الإدارات الأميركية.
نشرت اليوم صحيفة هآرتس مقالاً، بعنوان "هل أنت غاضب من حرب غزة؟ ترامب لا يزال أسوأ بكثير بالنسبة للفلسطينيين". تتحدث فيه الكاتبة عن سجل ترامب كرئيس مع الفلسطينيين، الذي لم يبذل سوى عدد قليل من الرؤساء مثل هذا الجهد لتقييد الفلسطينيين بشكل مباشر.
وذكرت تلخيص المحلل مهدي حسن ، لقائمة طويلة من سياساته السيئة تجاه الفلسطينيين. فقد "أغلق ترامب البعثة الفلسطينية في واشنطن، وأنهى التمويل الأمريكي لوكالة الأونروا، وأعلن وزير خارجيته مايك بومبيو أن المستوطنات مجرد أمر عادي، ولا تشكل انتهاكاً للقانون الدولي على الإطلاق. كما اعترف ترامب بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، وهي ليست خطوة معادية للفلسطينيين بشكل مباشر ولكنها نذير لما يخطط للقيام به فيما يتعلق بالأراضي المحتلة في الضفة الغربية".
ويضيف "لقد نقلت إدارته السفارة الأميركية إلى القدس، معترفة فعلياً بسيادة إسرائيل على المكان بأكمله دون أن تعلن ذلك. وقد أدت هذه الخطوة إلى تدمير الفلسطينيين وتدمير دعمهم لحل الدولتين".
وختمت الكاتبة بالقول "إن رئاسة ترامب الجديدة سوف تكون مكرّسة بشكل خادع لنتنياهو. فهل يريد نتنياهو وحكومته ضم الضفة الغربية رسمياً، أم وضع حجر الأساس للمستوطنات في غزة؟ وسوف يحضر ديفيد فريدمان وجاريد كوشنر مراسم الاحتفال".
الكاتب: غرفة التحرير