"على أبواب انتفاضة أخرى"، هكذا يصف الاعلام العبري العمل العسكري والمقاوم المتصاعد في الضفة الغربية المحتلّة مسلطاً الضوء على مدينتي جنين ونابلس كمصدرٍ أساسي لانطلاق المقاومين، بما يجعل من الضفة "التهديد الرئيسي لاستقرار إسرائيل".
أكثر من 130 "عملية أمنية" كبيرة على حدّ وصف كيان الاحتلال سجّلتها السنة الحالية منذ بدايتها، مقارنةً بـ 91 عملية في العام الماضي. ارتفاعٌ حادٌ وملحوظ يصاحبه تطوّر في الأداء والتكتيكات وفي تحقيق الإصابات والخسائر في صفوف جيش الاحتلال، خاصة مع تأسيس كتائب المقاومة في مختلف المدن (كتيبة جنين، كتيبة نابلس، كتيبة طولكرم، كتيبة طوباس) الى جانب مجموعات في طور النشوء في مدن الجنوب.
ما سرّ الضفة؟
تعتبر الضفة الغربية المحتلّة أرضاً خصبة لنمو المقاومة، وقد لا تحتاج الكثير في حال دخول أي فصيل لتنظيم أمورها ورصّ صفوفها، مع الإشارة الى أن الدعم الخارجي لم يتوقف منذ أكثر من عقدين. وإن انهيار السلطة والفجوة الكبيرة المتزايدة بينها وبين البيئة الشعبية الحقيقية لحركة "فتح" ووصول سياسة "التسويات" الى حائط مسدود، الى جانب وجود هذا الجيل الفلسطيني الجديد الذي انتصر في معركة كي الوعي الإسرائيلية ولم ينهزم أمام السياسات الاقتصادية الممنهجة التي اتبعها الاحتلال في الضفة، كلّ هذه العوامل تساعد بشكل كبير على نهوض روح المقاومة من جديد رغم فترة من الركود جراء التنسيق الأمني.
العملية عند حاجز "الجلمة"
فجر اليوم (14 /9/ 2022) شكّل الكمين الفلسطيني الذي نفذه الشهيدين عبد الرحمن وأحمد عابد عند حاجز "الجلمة" العسكري التابع للجيش شمالي جنين، صفعة جديدة للاحتلال وتطوراً مهماً للمقاومين الفلسطينيين. وقد ادعى الاحتلال في تحقيقاته الأولية أن الشهيدين انتظرا مدة ساعتين ونصف قرب الحاجز قبل وصول القوات التي تفاجأت بإطلاق نار كثيف من على بُعد 5 أمتار فور وصولها للمكان ما أدى الى قتل ضابط. وإن الشهيدين قد نجحا في إخفاء الأسلحة التي كانت بحوزتهما
الضابط الإسرائيلي هو "بار فيلح" من سكان "نتانيا" المحتلّة. وذكر جيش الاحتلال بأن "فيلح" عمل لسنوات في وحدة "عوكتس" المسؤولة عن كلاب الجيش، لكنّه انتقل قبل شهر فقط للعمل في لواء "ناحال" وكان نائب قائد دورية في كتيبة الاستطلاع الميداني.
وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، يتابع الجيش والشاباك التحقيق فيما إذا كان الشهيدان هما من نفذا عملية إطلاق النار على مركبة هندسية تابعة لوزارة الحرب.
فيما ذكرت مصادر محلية من بلدة "كفر دان" (مسقط رأس الشهيدين في جنين)، أن الشهيد أحمد عابد يبلغ من العمر (23 عاماً) ويعمل في جهاز الاستخبارات العسكرية الفلسطينية، بينما يعمل الشهيد عبد الرحمن عابد مزارعاً في أراضي بلدته مبينة أن الشهيدين هما أبناء خالات.
رأت حركة الجهاد الإسلامي أن هذه "العملية البطولية جاءت في ذكرى اتفاق أوسلو المشؤوم، لتعلن تشييعه إلى غير رجعة على أيدي أحد الأبطال العساكر، أحد مُنَفِذي العملية، وتؤكد للجميع أن كل الاتفاقات التي تستهدف حقنا على أرض فلسطين لن تمر". فيما علّق القيادي في حركة حماس عبد الحكيم حنيني أن الشعب الفلسطيني "يتمسك بخيار المقاومة ولا يرى حلاً للدفاع عن الحقوق والمسجد الأقصى إلا من خلالها" لافتاً إلى أن ارتفاع مستوى اعتداءات الاحتلال انعكس بشكل مباشر على اتساع رقعة المقاومة في الضفة".
الكاتب: غرفة التحرير