إن كانت جنين هي قلب المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، فإن كتيبة جنين هي القوة الرئيسية في هذا القلب، والتي تصدّت لجيش الاحتلال الإسرائيلي في معركة "بأس جنين". وهذا ما عبّر عنه الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة حينما قال بعد انتهاء المعركة: "كتيبة جنين قادت هذا الانتصار الكبير وأثبت الشعب الفلسطيني بوحدته والتفافه حول المجاهدين أنه يستطيع أن يقهر العدو".
وتوجيه ضربة قاسية لهذه الكتيبة (إنهاء وجودها)، كان هو الهدف الرئيسي عند الإسرائيليين قبيل شن معركتهم، التي حشدوا لها كل عناصر لواء الوحدات الخاصة في الجيش وفي الشاباك وعناصر لواء الضفة، بدعم من سلاح الجو والمدفعية والمدرعات.
لكن هذه الكتيبة بالتعاون والتنسيق مع باقي الفصائل والتشكيلات المقاومة، استطاعوا مفاجأة كيان الاحتلال بشكل مدوّي، أثبت ما جاء في رسالة الكتيبة إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عند إعلان بدء المعركة والتي جاء فيها "نتنياهو ورؤساء جيشه بحاجة إلى معرفة أن سرايا القدس - كتيبة جنين، استعدت جيدا لهذا اليوم، وخططت للمفاجآت".
فما هي أهم وأبرز المعلومات حول هذه الكتيبة؟
_ تأسست في مدينة جنين عام 2021 خلال معركة "سيف القدس"، بجهود من الشهيد جميل العموري (استشهد في 10 حزيران / يونيو من العام 2021)، الناشط في سرايا القدس - حركة الجهاد الإسلامي، الذي استطاع أن يستقطب العديد من المقاومين من مختلف الانتماءات الفصائلية لكن بشكل رئيسي من سرايا القدس وكتائب شهداء الأقصى.
_ كما ساهم في انطلاقة عملها بشكل رسمي، إعلانهم في أيلول / سبتمبر من العام 2021 عن الاستعداد لتوفير المأوى للأسرى الذين استطاعوا الهروب من سجن جلبوع "نفق الحرية".
_ منذ ذلك الحين، قامت بتنفيذ عشرات العمليات ضد أهداف إسرائيلية، مثل عمليات الإرباك ضد الحواجز الإسرائيلية، أو في إطار الاشتباكات في مخيم جنين خلال كانون الثاني / يناير وحزيران / يونيو وتموز / يوليو من هذا العام.
_ تزايد عديدها بمرور الوقت، من 4 أعضاء رئيسيين شكلوا نواتها، وتوسعوا ليصبحوا 8 خلايا، وصولاً الى اليوم بحيث يبلغ حجمهم ما يعادل كتيبة في جيش كلاسيكي. فالإسرائيليون يقدرون بأن أعضاءها يتجاوزون الـ 300 عنصر، بينما لمّح القائد العام لسرايا القدس أكرم العجوري بأنها تضم العشرات من المقاتلين المجهزين، بينهم 100 عنصر تقريباً يشكّلون الكتلة الصلبة للكتيبة.
_ كانت النموذج لإنشاء كتائب في مناطق أخرى من الضفة الغربية، مثلما حصل في نابلس وطولكرم وبيت لحم.
_ تزعم أوساط كيان الاحتلال، من مسؤولين أمنيين وعسكريين وخبراء وصحافة، بأن الجمهورية الإسلامية في إيران وتحديداً قوة القدس التابعة لحرس الثورة الإسلامية، هي المسؤولة عن دعم كتيبة جنين بالمال والسلاح والخبرات العسكرية.
_ بعض أسلحة عناصرها قد تم شراؤها من قبلهم بشكل مستقل، وهناك بعض الأسلحة التي استطاعوا الحصول عليها من مخازن الجيش الإسرائيلي، فيما يزعم الاحتلال بأن هناك جزء من الأسلحة يأتي بتهريب إيراني لها عبر الأردن وسوريا، مدّعين بأن بعضها يتمّ عبر الطائرات المسيّرة.
ووفقاً لتقديرات الإعلام الإسرائيلي، فإن هناك ما لا يقل عن 2000 قطعة سلاح مخبأة في مخيم جنين وحده، بينما يقدر عدد الأسلحة بنحو 5000 قطعة في كل مدينة جنين.
_أمّا لناحية التجهيزات والمعدّات، فمن التوثيق الميداني يتبين أن لديهم أجهزة راديو بعيدة المدى، بما في ذلك أجهزة الرؤية الليلية، بعضها مما تم اغتنامه من الجيش الإسرائيلي أيضاً.
_ جرى الاتفاق بين هذه الكتيبة وكتائب القسام في حركة حماس منذ البدايات، على أن يكون نشاط هذه الكتيبة بشكل علني، كي تستطيع استقطاب أكثر عدد من المتطوعين والراغبين بتنفيذ عمليات المقاومة، مع استعدادها لتمويل وتجيز هؤلاء الأفراد. وفي الوقت عينه، يكون دور كتائب القسام هو في إدارة خلايا وشبكات الظل، التي تعمل كل خلية وشبكة فيها بشكل منفرد متصلة بشكل رأسي بالقسام، منعاً لانكشاف الخلايا والشبكات الأخرى من قبل الإسرائيليين.
_ تم إنشاء غرفة عمليات تكتيكية مشتركة تضم ممثلي الفصائل العسكرية وتهدف إلى تنسيق العمليات وتبادل المعلومات وتقديم الدعم العملياتي العسكري، بما في ذلك الدعم اللوجستي والتدريب.
_ الناطق العسكري باسم الكتيبة هو أبو معاذ، الذي يتولى نشر المواد الخاصة بالإعلام الحربي التابع للكتيبة.
_عرّف الناطق الرسمي باسم جيش الإحتلال "دانيال هاجري" مخيم جنين بأنه مركز رائد في إنتاج المتفجرات بشكل تثير الإعجاب والدهشة. وقد كشفت الأيام الماضية عن مدى تطور هذا السلاح لدى الكتيبة.
_ تم التخطيط لعملية البيت والحديقة الإسرائيلية منذ سنة تقريباً، لكن مسؤولي الاحتلال سارعوا الى تنفيذ العملية بموافقة أمريكية، بعد عملية إطلاق صاروخين منذ مدّة، والذي يعدّ تطوراً مهماً للعمل المقاوم في هذه المنطقة الاستراتيجية للكيان.
تكتيكات استخدمتها الكتيبة خلال معركة "بأس جنين"
_ تم إحراق الإطارات، لتجعل من الصعب على طائرات الاحتلال إطلاق النار من الجو، وتساهم أيضاً في إخفاء مواقع تمركز المقاومين.
_ كانت الأماكن التابعة للكتيبة تستخدم كنقاط سيطرة وعمليات، وأيضاً للتجمع والتسليح، لكافة المقاومين في باقي الفصائل أو حتى المقاومين المستقلين الذين لا يتنمون لأي فصيل.
_ نشرت الكتيبة كاميرات مراقبة في نقاط عديدة، بهدف رصد التحركات الإسرائيلية. وفي الأشهر الأخيرة، تم اتخاذ العديد من الإجراءات لتحصين المخيم: تعليق الأقمشة لمنع أجهزة الاستشعار الإلكترونية الإسرائيلية من رسم خرائط دقيقة للشوارع والأزقة.
_ تجهيز أنفاق قتالية، ساعدت المقاومين على التحرك بسهولة ونقل الجهد القتالي بسهولة بين محاور القتال.
_ لتجنب خطر العبوات الناسفة، عمد جنود الوحدات الخاصة في جيش الاحتلال الإسرائيلي، الى تكتيك اقتحام المنازل وخرق جدرانها للتنقل عبرها، لكن المقاومين استطاعوا تعطيل ذلك أيضاً، من خلال تنفيذ كمائن مضادّة داخل هذه المنازل أيضاً. وقد حوصر جنود الاحتلال عدّة مرّات خلال المعركة، وطال حصارهم لعدّة ساعات.