الإثنين 18 أيلول , 2023 11:23

أزمة الكيان المؤقت: خطابات شعبوية وتوظيف سياسي وتضليل بالجملة

نتنياهو في الكنيست

يستمر نتنياهو بحشد التصريحات ضدّ إيران والمحور، بهدف تمرير رسائل إلى البيت الداخلي الإسرائيلي بضرورة توحيد الصف، ولتوظيف الوضع الأمني بالسجالات الداخلية. ومن القناة 12 العبرية، تحدّث وزير أمن الاحتلال السابق أفيغدور ليبرمان، وهو رئيس حزب إسرائيل بيتنا، عن هذا الموضوع.

إن "رئيس الموساد دافيد برنياع تحدث فجأة عن الهجمات في إيران، وقبل ذلك وزير الأمن يوآف غالانت تحدث عن مطار يبنى على بعد 20 كلم من (مستوطنة) المطلة، وكل هذا الإبراز في الخطابات يأتي لتعويض النقص في العمل والنقص في الفهم والهدف"، قال ليبرمان وأضاف: "ماذا يفعلون مقابل حزب الله، ومقابل حماس في قطاع غزة... ليس هناك أي خطوة عملية، ورئيس الحكومة (بنيامين نتنياهو) خائف وغير مستعد للعودة إلى الاغتيالات المركزة، ووقف تدفق الأموال إلى حماس في غزة. نحن في طريق مسدود ونقص في الأعمال، ولذلك كل الكلام عن سورية وإيران يأتي لموازنة الأمور قليلا". وعلى صلة، قال محلل الشؤون العسكرية في القناة 13، ألون بن دافيد، إن "اعلان المسؤولية (عن الإعتداءات الأخيرة في سورية عبر تلميح غالانت) يهدف إلى محاولة إظهار أن سلاح الجو الإسرائيلي لا يزال يعمل. نعم الهجمات في سورية هي ضمن قدرات سلاح الجو حتى مع القيود الموجودة، ولكن هناك في الكثير من الأسراب في سلاح الجو لم يحلق القادة منذ 7 أسابيع وأصبحوا خارج الكفاءة.

إلى ذلك، ثمّة تعمّد لكسر الغموض الأمني، فالتبني الصريح والعلني – كما لم يحصل سابقًا - للعدوان على سوريا، يُراد منه إرسال رسالة بأنّ سلاح الجوّ يعمل في كامل جهوزيته وكفاءته، وأنّ الاحتياط من الطيارين ما زالوا رهن الإشارة لتنفيذ المهمات، بدليل أن الاحتياط الرافض للخدمة هو من أغار على سوريا، مقابل الرواية السياسية التي تتبنى تراجع كفاءة الجيش. إذ ألمح وزير أمن الاحتلال يؤاف غالانت، إلى الغارتين الإسرائيليتين اللتين وقعتا ضدّ الأراضي السورية. وقال: اللتين وقعتا (الأربعاء) ضد الأراضي السورية، قائلا: "في الليلة (قبل) الماضية، تلقينا دليلا آخر على أن هدير الطائرات في إسرائيل أعلى من أي ضجيج آخر في الخلفية. في النهاية، العبرة بالأفعال وليس بالأقوال". وأضاف غالانت: "للأسف، سيكون لدينا الكثير من العمل في المجالات التي نتحمل مسؤوليتها". وحسب القناة 12، فإن "غالانت أكد في خطوة استثنائية أن إسرائيل هي من نفذت الاعتداءين الأخيرين في سوريا"، الأمر الذي أشارت إليه أيضا العديد من وسائل الإعلام والمعلقين الإسرائيليين.

وهنا، لا بدّ من الالتفات إلى الفرق بين الحدث، أي أزمة سلاح الجو، كونه غير مسبوق، وهذا حقيقي، وبين حجم الحدث؛ إذ إن المؤسسة العسكرية تستخدم سياسة "تعظيم المخاطر"، للإرسال رسائل اضطرارية للجمهور والعسكريين على حد سواء لرفع مستوى اليقظة والاحتكام إلى المصلحة القومية، وهي رسائل تضليل لأعدائها. خاصة أن العميد في الاحتياط شيلي غوتمان (رئيس مركز السيطرة في سلاح الجو سابقاً، والقائد السابق لقاعدة حتسريم الجوية)، صرّح في نفس الفترة، أن "هناك أزمة غير مسبوقة تصيب سلاح الجو، والجيش الإسرائيلي ككل. العديد من جنود الاحتياط لا يحضرون للخدمة، وكفاءة الجيش تتدهور، ولا يوجد حل في الأفق".

أما عن الصراعات اليومية الناتجة عن ملف التشريعات القضائية، يبدو أن التيارات المتصارعة في الكيان آخذة في الاحتقان، لكن وقت الانفجار لم يحدث بعد، طالما أن بن غفير وسموترتش ماضيان في سياسية الابتزاز الناجحة مع نتنياهو في الرضوخ كل مرة لقراراتهم المتطرفة، خاصة بعد الخطوة التأديبية من بن غفير لنتنياهو بإعلان عدم الانضباط الائتلافي على خلفية قضية تسليم أسلحة للسلطة، ورضوخ الأخير، وبالتالي، سيبقى نتنياهو حريصًاً على منع الانهيار وسيزداد سخط المعارضة، واحتمال الذهاب نحو سيناريوهات مختلفة. وكان رئيس الهستدروت، أرنون بار دافيد، قد دعا نتنياهو إلى الإعلان عن نهاية التحركات التشريعية في المجال القانوني القضائي. وقال بار دافيد: "هذا يمس بتعاضد الدولة أمام العالم، وأمام أعدائها. يجب وقف ذلك... نحن أمام شرخ عميق. ولهذا يجب وقف كل شيء". وأضاف إن "هناك سيناريوهين يستعد لهما: احتمال أن يحاول نتنياهو تقديم تشريع أحادي الجانب لتغيير لجنة تعيين القضاة، وهي خطوة مجنونة، أو عدم القبول بحكم المحكمة العليا (بشأن قانون تقليص حجة المعقولية). عصيان حكم المحكمة العليا سيعتبر خرقا مطلقا للقواعد. هناك مواقف لا أستطيع النأي بنفسي عنها، ولذلك لن أسمح بتدمير البلاد".

الواقع أن ثمة استغلال لتوقيت الابتزاز السياسي في الكيان المؤقت من قبل بن غفير، يُستثمر تمامًا قبل الاعياد، بحيث يتم محاصرة نتنياهو بضرورات المصلحة الأمنية من جهة، وخطر انهيار ائتلافه من جهة. وأي قرار سينتج ولو بعد حين عن المحكمة العليا سواءً بالسلب والإيجاب هو مؤشر على بداية أزمة دستورية، وبينما يحاول نتنياهو وغانتس ورئيس الكيان عدم الوصول اليها بمحاولات للتوصل للتسوية في اللحظات الأخيرة، تنشأ معارضة داخل الائتلاف لمنع إي تنازل لصالح الحل يترأسها بن غفير وسموترتش، مما يهدد حكومة نتنياهو بالسقوط، لذلك حذر نتنياهو شركاءه من انهم في الانتخابات القادمة لن يتجاوزوا نسبة الحسم.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور