مع اندلاع العمليات على الجبهة اللبنانية، بدت الخلافات الداخلية التي سيطرت في الآونة الأخيرة على الساحة الإسرائيلية وكأنها شبه غائبة، وذلك نتيجة الإجماع الذي حقّقته العمليات الأخيرة في المواجهة مع حزب الله لا سيما ما يعتبره الكيان في عداد الإنجازات بدءًا من عملية تفجير البايجر وحتى العملية الإجرامية التي استهدفت الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، هذه العمليات التي حظيت بمباركة جميع الجهات داخل الكيان سواء من الحكومة أو المعارضة كما واليمين المتطرف، والتي منحت حكومة نتنياهو الراحة وضمان الاستمرارية بعد فترة صعبة مرّت بها مع علو الأصوات المهددة بإسقاطها وبعد أن عمّت المظاهرات الشوارع وقامت الإضرابات. وبالتالي، استطاعت المعارك في الشمال من تبديد الخلافات الداخلية واستعادة جزء من الوحدة الداخلية التي تندرج تحت إطار إضعاف حزب الله والقضاء على قدرات المقاومة. ويعكس، حجم الإجماع حول الحرب على لبنان كما كان بداية الحرب على غزة، شعور القبيلة المهددة التي تواجه معركة وجودية. إلّا أنه على الرغم من ذلك برزت عدد من الخلافات داخل الحكومة سواء بين سموتريتش وغالانت من جهة وبين لابيد والحكومة من جهة أخرى.
وفي رصد للخلافات والمواقف التي جمعت الأطراف الداخلية برز التالي:
ظهرت الوحدة والإجماع الداخلي في الكيان المؤقت بعد التصعيد في لبنان وذلك حول:
- اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله: اعتبار العملية ضرورية للردع ولأمن الكيان وكل من يهاجم الكيان سيلقى نفس المصير.
- حرب لبنان الثالثة: وهو الإجماع الذي تبناه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، من خلال قرار المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية "الكابينت"، بتحديث أهداف الحرب وإدراج إعادة النازحين الإسرائيليين إلى البلدات الحدودية مع لبنان.
تجاوز هذا الإجماع كافة المعسكرات السياسية والحزبية، وتخطى الخلافات حول القضايا الداخلية الحارقة، وحظي بدعم أوساط المجتمع الإسرائيلي الذي تعززت لديه القناعات أن حزب الله مثل فصائل المقاومة الفلسطينية وحركة حماس، يشكل خطرًا وجوديًا على استمرار المشروع الصهيوني في منطقة الشرق الأوسط.
- عودة سكان الشمال: توافقت الآراء على الهدف المعلن بإعادة المستوطنين إلى الشمال، وكذلك إعادة فرض السيادة الإسرائيلية على طول الحدود مع لبنان -كما عبّر عنه وزير الدفاع يوآف غالانت- يستلزم قدرًا أكبر من التوافق بين الأحزاب الإسرائيلية حول العملية العسكرية ضد حزب الله التي حظيت بضوء أخضر أميركي.
- تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701: يصرّ الكيان على تنفيذ القرار وانسحاب قوات حزب الله إلى ما وراء الخط الأزرق ونهر الليطاني جنوبي لبنان، والذي اتخذ عقب حرب لبنان الثانية في تموز 2006، والفصل بين الجبهتين في لبنان وغزة، لضمان عودة المستوطنين.
- خطر حزب الله: هناك توافق بين مختلف قيادات الأحزاب والتيارات والمعسكرات السياسية الإسرائيلية، وبضمنها أيضًا المستوى العسكري والقيادات الأمنية حول خطر حزب الله، الذي يشكل وفقا لهم "خطرًا وجوديًا على إسرائيل".
- توافق سياسي – عسكري: اتفاق بين رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو ووزير الأمن، يوآف غالانت، ورئيس أركان الجيش الإسرائيليّ هرتسي هليفي، "يهدف إلى رفع مستوى النشاط تدريجيًا، دون الدخول مباشرةً في حرب شاملة".
- اجتياح بري: هناك إجماع داخل النظام السياسي في إسرائيل على شن اجتياح بري محدود في لبنان.
- الرد على إيران: هناك إجماع داخل الكيان حول الردّ المباشر على إيران.
أبرز الخلافات
يائير لابيد:
قانون التجنيد والخلاف على تعيين جدعون ساعر: انتقد زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد بشدة عضو الكنيست جدعون ساعر ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، خلال مناقشة في الجلسة العامة للكنيست للموافقة على تعيين ساعر في منصب وزير وانضمام حزبه إلى الائتلاف، حيث قال: "شخصان يكرهان و يحتقران بعضهما بعضًا، ولا يصدقان كلمة واحدة من بعضهما البعض، ويتظاهران بأن أدنى احتكاك سياسي هو العمل الوطني، والغرض من هذا الترتيب هو قانون المراوغين (التهرب من التجنيد). درعي وغولدكنوبف أبرما صفقة مع نتنياهو – كرسي مبطن(وزير) لساعر مقابل قانون التهرب من التجنيد. الاتفاق لن يطيل عمر الحكومة، بل سيقصرها.. هذه الخطوة لن تجلب سوى الفوضى للحكومة." 30 أيلول 2024.
اتهام لابيد لحكومة نتنياهو بالتهرب من قانون التجنيد من خلال تعيين ساعر.
رد عضو الكنيست جدعون ساعر على انتقادات المعارضة لقراره الانضمام إلى ائتلاف نتنياهو، قائلا: "يقولون إنني جئت لتمرير قانون التهرب من التجنيد، لقد واصلتم هذه الكذبة حتى عندما قلت ليس لدي اتفاق ائتلافي. حفنة من الكاذبين. في كل القضايا التي ذكرتها في النقاش بما في ذلك الاسرى والتجنيد ماذا تقدمون للدولة؟ ماذا تضيف إلى القوة الوطنية؟ ماذا تؤثر؟ لا شيء ولا شيء."
- حول الموقف من الحرب على لبنان: هاجم ساعر زعيم المعارضة يائير لابيد قائلًا: "لقد دعوت إلى قبول وقف إطلاق النار مع لبنان. لو قبلوا موقفك، لا سمح الله، لكان حسن نصر الله حيًا ومعه كل حزب الله".
- المطالبة بتسوية سياسية: لابيد: "بدون تسوية سياسية القتال في لبنان سيكون حربًا بلا هدف كما حدث في غزة".
- أزمة اقتصادية سببها سوء الإدارة وغياب الثقة بالحكومة: صرّح لابيد بأن "إسرائيل" تغرق بوحل اقتصادي سببه سوء الإدارة؛ تعقيبًا على قرار تخفيض وكالة مودي للتصنيف الائتماني الإسرائيلي درجتين دفعة واحدة. "عندما يقول وزير المالية إن تخفيض "موديز" تصنيف "إسرائيل" الائتماني جاء بسبب الحرب، فلا يجب تصديقه.. فنحن غارقون بوحل اقتصادي بسبب سوء الإدارة".