الجمعة 13 تشرين أول , 2023 04:28

طوفان الأقصى تحسم فضح خرافة الجيش الذي لا يقهر

ثغرة في السياج الفاصل

من أبرز إنجازات عملية طوفان الأقصى، أنها فضحت بشكل كبير، الخرافة التي لطالما حاول كيان المؤقت تسويقها عن جيشه بأن لا يقهر، وساعده في تسويقها الكثير من الجهات العربية والغربية التابعة للمعسكر الغربي الأمريكي.

فخلال ساعات فقط، كشف مقاومو غزة بأن الجيش الإسرائيلي هذا، وبالرغم من امتلاكه لأكثر التقنيات والمعدات والبرامج تطوراً في العالم (والتي تمكن المقاومون أيضاً من ابتكار حلول ناجعة معها عطلّتها عن العمل وجعلتها بلا قيمة)، إلا أن الفرد فيه من المستوى القيادي حتى مستوى الجنود، وفي مختلف أنواع الوحدات الفنية والقتالية والنخبوية، لا يملكون روحاً قتالية، بل جاهزون للفرار من أرض المعركة في أسرع وقت. حيث أظهرت المستويات القيادية الإسرائيلية العسكرية، صعوبة في استيعاب وإدراك ما يحصل لما بعد ساعات. بينما كانت القوات الدفاعية غير مدركة وغير مستعدة على الإطلاق للرد السريع.

أمّا الطّامة الكبرى فكانت في أجهزة الاستخبارات، التي لم تعلم بمثل هذا الهجوم الى بعد حصوله، مع أنه تمّ التخطيط والإعداد له منذ عامين، كما كان بحاجة إلى موارد ضخمة وتنسيق وتخطيط وتدريب وهو ما لا يمكن إخفاؤه بسهولة.

فما هي أبرز الفرضيات حول هذه الثغرات والمشاكل؟

1)الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي: الاعتماد الكبير على الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والتعلم الآلي، قد يكون شكّل حالة يمكن تشبيهها بالعمى، نظراً للكمية الهائلة من البيانات التي تم جمعها، والتي تحتاج إلى تحليل يعمل بالذكاء الاصطناعي لمعالجتها. وينتج عن ذلك عملية لا يمكن الإشراف عليها إلا جزئياً بواسطة العقول البشرية، وعندها سيحصل ما يُعرف في المعلوماتية بـ "إغراق البيانات". وهذا ما يمكن التفسير به، حالة الفشل التي أصابت منظومة "القبة الحديدية"، والتي لم تعترض عدداً من الضربات النارية الأولية ضد الكيان.

2) فشل منظومة الدفاع السيبراني: في اللحظات الأولى من طوفان الأقصى، وصل إلى مقرّ قيادة السايبر في الجيش الإسرائيلي تقارير تفيد بوقوع هجمات نوعية بالغة الخطورة من قراصنة مجهولي الهوية استطاعوا شل نظام الإنذار الإسرائيلي الذي يُستخدم عادة لتنبيه المستوطنين بحدوث حالات طوارئ. أما الهجمات فهي ما يُطلق عليها مصطلح "هجمات رفض الخدمة الموزعةDDoS "، التي يقوم خلالها المهاجمون بإغراق أجهزة الكومبيوتر الخاصة بالهدف، بحركة مرور كثيفة تؤدي الى تعطيل الخدمات المتصلة عبر الإنترنت. وقد أحدثت هذه الهجمات ضرراً بالغاً في منظومة القيادة والسيطرة الإسرائيلية.

3)الانكشاف المعلوماتي الاستخباري: فقد أظهرت حماس أن لديها قدرات كبيرة على جمع ورصد المعلومات حول تحركات وحجم قوات جيش الاحتلال، وأماكن تمركزه بشكل دقيق ومحدّد، وقدرات في تحليل المعلومات الاستخبارية ومعالجتها بخطط أثبتت نجاحتها (بالرغم من أغلب المهاجمين لم يكونوا يعلمون الخطط العملياتية الا قبل لحظات من عبور الجدار الفاصل ما بين القطاع ومنطقة غلاف غزة).

وقد كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية بأن مقاومو كتائب القسام كانوا يحملون خرائط تفصيلية للبلدات والقواعد العسكرية التي استهدفوها، كما حمل بعضهم أدلة تكتيكية تحدد نقاط الضعف في المركبات المدرعة التابعة لجيش الاحتلال (8 أنواع من ناقلات الجنود المدرعة التابعة للجيش الإسرائيلي، بالإضافة إلى ملاحظات مختصرة حول مكان مهاجمة المركبات والمتفجرات التي يجب استخدامها للحصول على أفضل فرصة لتعطيلها).

وهذا ما يدل على أن كتائب القسام امتلكت جهازاً استخباراتياً قوياً، استطاع هزيمة شعبة أمان للاستخبارات في مكافحة التجسس، وتمكن من استخدام المصادر البشرية ومصادر الاستخبارات المفتوحة OSINT، والمعلومات التي تم الحصول عليها من خلال هجمات الهاكرز، ليستغل ثغرات جيش الاحتلال ويوقع فيه الخسائر.

3)فقدان زمام المبادرة في الهجوم والدفاع: بعد عقود من مواجهة حركات وفصائل المقاومة نالتي تقاتل بأسلوب حرب العصابات، وتستخدم تكتيكات حرب المدن، وتعتمد على عنصر المفاجأة في اشتباكاتها ومناوراتها وعملياتها، ما يجعل الإسرائيليين دائماً في موقع ردّ الفعل (إلا في حالات شن العدوان الاستباقي والذي دائماً ما يحصل بعد اغتيال أحد قادة المقاومة).


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور