تواجه الإدارة الأميركية معضلة في الرد على موجة الهجمات في البحر الأحمر والتي كان آخرها احتجاز سفينة إضافية كانت تتجه إلى كيان الاحتلال. فهي غير قادرة على التورط بالرد المباشر الذي تطالب به "إسرائيل" ولا تستطع تجاهل الواقع الجديد الذي فرضه اليمن على طرق الملاحة البحرية في تلك المنطقة، والتي تسببت بحسب موقع اكسيوس الأميركي، بتوقف شبه كامل لوصول السفن إلى ميناء إيلات. وبالتالي، عاد الحديث عن رغبة أميركية في انشاء تحالف عسكري إقليمي على الرغم من أنه قد أثبت فشله سابقاً.
أعلن المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع، عن أن تنفيذ عمليتين ضد سفينتي حاويات في البحر الأحمر كانتا متجهتين إلى الكيان الإسرائيلي. مشيراً إلى أن استهداف السفينتين بصاروخين جاء بعد عدم استجابتهما لتحذيرات القوات المسلحة من مواصلة الإبحار. وأعاد تأكيده على طمأنة "كافة السفن المتجهة إلى كافة الموانئ حول العالم عدا الموانئ الإسرائيلية بأنه لن يصيبها أي ضرر وأن عليها الإبقاء على جهاز التعارف مفتوحاً". ومشدداً على "استمرار القوات المسلحة في منع كافة السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية من الملاحة في البحرين العربي والأحمر حتى إدخال ما يحتاجه إخواننا الصامدين في قطاع غزة من غذاء ودواء".
تعمل الولايات المتحدة مع حلفائها لإنشاء تحالف متعدد الجنسيات "لحماية السفن التي تمر عبر البحر الأحمر في محاولة لوقف تصاعد هجمات المقاتلين الحوثيين على أحد أكثر الممرات المائية حيوية في العالم".
وبحسب بلومبرغ، قد يصدر إعلان بعد أيام يقضي بإنشاء التحالف، مع عدم توضيح أي من التفاصيل المتعلقة، أو عدد الأطراف والمهام وجغرافيا العمليات. وتقول نائبة وزير الدفاع كاثلين هيكس، أن هذه "مشكلة دولية. سيتطلب الأمر حلاً دولياً، ونحن نعمل مع الحلفاء والشركاء على ذلك".
"لقد اتخذت الولايات المتحدة موقفاً دفاعياً بشأن هذه الأمور وتحاول ضمان عدم نجاحها في القيام بأي شيء مهم من شأنه أن يفرض في الواقع الرد"، قال جيرالد فايرشتاين، الدبلوماسي المخضرم والسفير الأمريكي السابق في اليمن الذي يعمل الآن في معهد الشرق الأوسط.
ويبرز في هذا الإطار لقاء مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان مع ولي عهد محمد بن سلمان الذي تمحور حول إيجاد "خطط لردع هجمات المتمردين الحوثيين المتمركزين في اليمن ضد السفن التجارية في البحر الأحمر"، إضافة "لإنقاذ محادثات التطبيع".
وبحسب عاموس هوكستين، مستشار أمن الطاقة في البيت الأبيض، فإن الولايات المتحدة ستواصل العمل على تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، قائلاً إن الحرب أعطت زخماً جديدا لهذه الجهود.
من جهة أخرى، ينتظر بايدن مزيداً من التعقيدات داخل الكونغرس. حيث يشير مسؤولون أميركيون إلى ان "توسيع القوة العسكرية في المنطقة سيساعد في ردع هجمات الحوثيين في المستقبل. لكن بعض المشرعين الجمهوريين قالوا إن إدارة بايدن كانت بطيئة للغاية وحذرة في الرد على الحوثيين".
بدأت واشنطن بحشد الأطراف لتشكيل الحلف. وتلقت الحكومة التابعة للسعودية في عدن دعوة للمشاركة في تحالف عسكري متعدد الجنسيات لمواجهة العمليات العسكرية اليمنية في البحرين الأحمر والعربي. وفيما أبدت عدن نيتها المشاركة في الحلف الذي سيقام بدعم من السعودية والامارات، تقف بقية الدول في حيرة من أمرها، تدرس العواقب والتبعات، على ضوء التصعيد المستمر والمتسارع في الأحداث.
تعد فكرة انشاء التحالف أو ما يسميه المسؤولون الأميركيون "الأمن الجمعي" للمنطقة، مستهلكة حاولت واشنطن انشاءها سابقاً. في حين ان حسابات الدول العربية منفردة، واعتبارات أمنها القومي باتت مغايرة للنظرة الأميركية، التي تعطي الأولوية اليوم لأمن إسرائيل وبشكل فاضح ومتطرف.
يجادل البعض، أن العمليات العسكرية اليمنية محدودة التأثير، ومنهم مسؤولون في الإدارة الأميركية، بهدف التهرب من الرد الذي بات مطلباً ملحاً إسرائيلياً، مع توقف الملاحة إلى الموانئ المحتلة تقريباً. ولو أن هذه الادعاءات مبنية على الوقائع، لما كان سوليفان يدق أبواب الدول العربية لإنشاء التحالف سريعاً.
من جهة أخرى، فإن التحالف العربي الذي أنشئ عام 2015 لهزيمة حركة أنصار الله، وتطويع اليمن واقصائه عن المشهد الإقليمي، هو من أكثر النماذج العسكرية التي أثبتت فشلها. فيما يعد استنساخ هذه التجربة هو شح في الخيارات فعلياً.
الكاتب: غرفة التحرير