الإثنين 18 كانون الاول , 2023 04:39

جيك سوليفان: القائد الفعلي للعدوان الأمريكي الإسرائيلي على غزة

سوليفان ونتنياهو

من أهمّ النتائج الحالية لمعركة طوفان الأقصى، أنها كشفت للكثير من المتشككين حول العالم، حول قضية العلاقة الوظيفية ما بين الولايات المتحدة الأمريكية والكيان المؤقت، عن صحة هذا الطرح، بحيث لم يعد العدوان على قطاع غزة إسرائيلي فقط، بل بات بنظرهم أمريكياً أيضاً. ويمكننا الجزم من خلال العديد من المؤشرات بأنه بتخطيط وإدارة أمريكية أيضاً، والقائد الفعلي هو مستشار الأمن القومي جيك سوليفان.

فمنذ بدء العدوان الإسرائيلي في الـ7 من تشرين الأول / أكتوبر، رداً على عملية المقاومة الفلسطينية المشروعة "طوفان الأقصى". سارعت الإدارة الأمريكية إلى إعلان تأييدها المطلق لإسرائيل ولأهداف حربها، بل واستمرت بدعمها اللامحدود للكيان، الذي لم ينقطع رغم المجازر وجرائم الإبادة بحق المدنيين الفلسطينيين، التي ثبت للجميع بأنها لا تخدم أي غرض عسكري ذي معنى. ومنذ اليوم الأول لعملية طوفان الأقصى لم تترك واشنطن أي جهد في سبيل تقديم الدعم لآلة الإجرام الإسرائيلي، حتى أنها رمت بكل ثقلها للوقوف إلى جانب إسرائيل، بهدف منع محور المقاومة من أن يقدم دعمه للجانب الفلسطيني، من خلال إرسالها لأساطيلها الحربية وحاملات الطائرات إلى البحر الأبيض المتوسط والخليج الفارسي. والتي فشلت في منع وصد هجمات حزب الله والجيش اليمني واللجان الشعبية والمقاومة الإسلامية في العراق الداعمة والمشاركة للمقاومة الفلسطينية.

أمريكا قادرة على وقف العدوان لو أرادت

وقد أوضح أحد الجنرالات الإسرائيليين يتسحاق بريك مؤخراً، كيف يمكن للإدارة الأمريكية وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لو أرادت ذلك حيث قال: "جميع صواريخنا، والذخائر، والقنابل الموجهة بدقة، وجميع الطائرات والقنابل، كلها من الولايات المتحدة. وفي اللحظة التي يغلقون فيها الصنبور، لن نتمكن من الاستمرار بالقتال. الجميع يدرك أننا لا نستطيع خوض هذه الحرب بدون الولايات المتحدة".

ومن اللافت للنظر أن الإدارة الأمريكية لا تكتفي بتقديم الدعم المادي بالمال وبالسلاح لكيان الاحتلال، بل تُرسل ممثلين عنها للمشاركة في اجتماعات مجلس الحرب (وزير الخارجية انتوني بلينكن، وزير الدفاع لويد أوستن، مستشار الأمن القومي جيك سوليفان).

جيك سوليفان قائد العدوان

من خلال العديد من المؤشرات، يمكننا اعتبار مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان هو القائد الفعلي للعدوان على قطاع غزة، كما سبق وأن لعبت هذا الدور كونداليزا رايس خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006.

ومن أبرز المؤشرات على ذلك:

في مقال للصحفي الأمريكي اليهودي "توماس فريدمان" المقرّب من إدارة بايدن، تم نشره مطلع شهر كانون الأول / ديسمبر الجاري في صحيفة نيويورك تايمز، قدّم فريدمان ما يمكن وصفه بمناظرة ونصيحة للإدارة الأمريكية والكيان باستخدام استراتيجية الهدن المتقطعة ما بين الاشتباكات العسكرية، بهدف تحقيق أهداف العدوان، خاتماً مقالته بأن هذه الخطة "ليست مثالية، ولكن الكمال لم يكن أبدا في القائمة. إنه الشرق الأوسط يا جايك". فمن هو جيك الذي قصده فريدمان؟

لم يتأخر جايك كثيراً بالكشف عن نفسه، حيث جاء جايك سوليفان الى فلسطين المحتلة الأسبوع الماضي (في إطار جولة ضمت السعودية أيضاً)، واجتمع بمسؤولي الكيان المؤقت، فظن الكثيرون بأنه جاء ليحدّد سقفاً للعدوان الإسرائيلي عبارة عن أسابيع، بما ينسجم مع خطاب بايدن خلال لقائه بمسؤولي الجالية اليهودية والذي هاجم فيه بنيامين نتنياهو والمعسكر اليمين بشدة، وبما يتقاطع مع موقف الوزير بلينكن الذي لمّح الى مهلة أسابيع أمام الجيش الإسرائيلي للقضاء على حماس.

فكانت مواقف سوليفان خلال الزيارة مخالفة لهذه التوقعات، بما يوحي أنه صاحب القرار الفعلي في الإدارة الأمريكية بل والعدوان أيضاً، حيث صرّح قائلاً:

_ستكون هناك مرحلة جديدة في الحرب تركز على استهداف قيادة حماس (وهو ما بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي بترجمته عبر خطط تنفيذية على الأرض مستفيداً من استشارات عسكرية أمريكية).

_أجرينا نقاشات قيمة في إسرائيل بشأن الانتقال إلى عملية عسكرية أقل كثافة (وهو ما أوضحته خطة تقسيم القطاع الى مربعات جغرافية ضيقة).

_نتفق مع إسرائيل على أن القتال سيستغرق أشهرا ولكن وفق مراحل مختلفة (وهو ما يتخطى الأسابيع التي وضعها بلينكن).

_الحكومة الإسرائيلية أشارت إلى أنه ليس لديها خطط طويلة الأجل لاحتلال غزة (وهذا ما يعني موافقته الضمنية على مواقف نتنياهو بالسيطرة العسكرية والأمنية الإسرائيلية المباشرة على القطاع لحين تحديد "سلطة فلسطينية" للقطاع ولو على المدى القصير والمتوسط الأجل).

_يجب التعامل مع التهديد القادم من شمال إسرائيل بالردع والطرق الدبلوماسية (تشكّل هذه العبارة السقف الأمريكي المحدّد والمسموح به لتعامل إسرائيل مع حزب الله، وها ما أعاد التأكيد عليه نتنياهو لاحقاً بل حتى وزير حربه غالانت، أي تحقيق الردع من خلال الردود العسكرية على عمليات حزب الله وعبر المفاوضات دون أن يصل الأمر الى حدود الحرب المفتوحة).


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور