على الرغم من أن كبار المسؤولين في إدارة جو بايدن دعوا "إسرائيل" علناً إلى بذل المزيد من الجهد لتقليل عدد الوفيات بين المدنيين إلى جانب إعطائها مدة زمنية حتى بداية العام المقبل لإنهاء الحرب على غزة، إلا أنها لم تتخذ أي إجراءات من شأنها إجبار كيان الاحتلال على الانصياع كتقييد المساعدات العسكرية مثلًا، و يبدو واضحاً أن الإدارة الأميركية غير راغبة في استخدام نفوذها لوقف العدوان، حيث أفاد تقرير في صحيفة وول ستريت جورنال بأن "الولايات المتحدة زودت إسرائيل بـ 100 قنبلة خارقة للتحصينات وعشرات الآلاف من الأسلحة الأخرى لاستخدامها في الحرب ضد حركة حماس في غزة". وفي هذا السياق، تقول وسائل إعلام إسرائيلية إنّ مسؤولين إسرائيليين أكدوا عدم وجود خلاف مع الولايات المتحدة بشأن "القضاء على حركة حماس".
لماذا حددت الولايات المتحدة لإسرائيل بداية العام المقبل لإنهاء الحرب على غزة؟
- سيتزامن بداية العام مع بدء الانتخابات الداخلية في الحزب الديمقراطي والجمهوري لاختيار مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية الأمريكية:
تسابق المرشحون الرئاسيون المحتملون من الحزب الجمهوري والرئيس الأميركي الديمقراطي جو بايدن في دعم إسرائيل في بداية معركة طوفان الأقصى، وذلك بحثاً عن جذب الناخبين والمانحين، لكن يبدو أن الأمر تحول إلى أزمة في الحملات الانتخابية فالأميركيين، مثل الكثير من الناس في معظم أنحاء العالم، يرون الصور المفجعة القادمة من غزة، وأصبحوا أكثر تعاطفاً مع معاناة الفلسطينيين فيساهم ذلك في تعقيد المشهد الانتخابي في كلا الجانبين، وإن كان المعسكر الديمقراطي هو الأكثر تضرراً باعتباره من يرأس السلطة التنفيذية في الوقت الحالي. لذلك، فإن ارتفاع دعوات الأميركيين المطالبين بوقف إطلاق النار في غزة قد يؤثر سلباً على مواقف الناخبين، ما يدفعهم إلى تعديل خياراتهم.
- تحديد مهلة زمنية حتى نهاية العام لإنهاء الحرب على غزة هي مراوغة اميركية تجاه محور المقاومة لضبط تصعيده، والإيحاء بأن الحرب شارفت على الختام:
من المتوقع أن تزداد حدة ونوعية ضربات محور المقاومة في الجبهات الثلاث اليمن العراق لبنان في الأيام والأسابيع القليلة القادمة، أي تكثيف للعمليات العسكرية من أسباب ذلك زيادة الضغط على "إسرائيل"، والرد على انتقال التوغل الإسرائيلي البري للمرحلة الثانية.
- تناور الولايات المتحدة الأميركية في التناقض بين موقفها الحقيقي بشأن العدوان الإسرائيلي على غزّة، الذي تدعمه وتموّله، وبين إظهار نفوذها على إسرائيل لوقف العدوان:
نشر موقع "ذا إنترسبت" الأميركي تحليلاً يؤيد وجهة النظر، التي مفادها أنّ الخلاف بين "تل أبيب" وواشنطن ثانوي، مشيراً إلى أنّ أعضاء الكونغرس الأميركي، الذين يطالبون إدارة بايدن بالضغط من أجل وقف إطلاق النار، يشترطون "القضاء على حماس" لإنهاء العدوان. يأتي الحديث عن هذا الخلاف في وقتٍ يستعدّ الكونغرس الأميركي للموافقة على حزمة مساعدات لـ"إسرائيل"، تبلغ قيمتها أكثر من 14 مليار دولار، في تناقض صارخ بين ما تظهره إعلامياً، وما تقوم به خلف الكواليس.
في إطار ما ذُكر، عن إمكانية تقييد المساعدات العسكرية الأميركية للكيان المؤقت فإن حجب أنواع معينة من العتاد والتجهيزات العسكرية المختلفة أو تأخيرها فضلًا عن الضغط السياسي الفعلي، من شأنه أن يجبر حكومة الاحتلال على تعديل استراتيجيتها، وإرغامها على التقييد بمدة زمنية لإنهاء القتال، لأنه لن يصبح مضموناً بالنسبة لها الحصول على المزيد من الدعم العسكري. لكن الإدارة الأميركية أظهرت عدم رغبتها حتى الآن في استخدام نفوذها لضبط حليفتها "إسرائيل". مما يشير إلى ان الحديث عن المهل الأميركية لجيش الاحتلال قد تكون مجرد مناورة، وخداع للرأي العام الأميركي والعربي، ومحاولة تضليل للفلسطينيين ومحور المقاومة!
الكاتب: غرفة التحرير