إن إسقاط الأردن للطائرات المسيّرة التي تستهدف الكيان المؤقت، أقل ما يمكن وصفه به هو الخيانة العظمى، والمشاركة في جريمة سفك دماء الشعوب الفلسطينية واللبنانية والعراقية، التي تسفكها إسرائيل وأمريكا في إطار عدوانهما على قطاع غزة.
فإن أقل الواجب على السلطات الأردنية، التي لم تكن خلال العقود السابقة سوى بوق ينطق باسم أمريكا في المنطقة (لا ننسى بأن الملك الأردني هو من أوائل الشخصيات التي روّجت لما يُعرف بالهلال الشيعي، التي كانت إيذاناً بتسعير الفتنة بين شعوب منطقتنا والمستفيدين الأكبر عندها سيكون أمريكا وإسرائيل ومعسكرهما)، أن تقف موقفاً حيادياً على الأقل، بدل أن تشتم إسرائيل علناً وتدعمه بشكل لا محدود سراً.
فمنذ الأيام الأولى لبدء العدوان الأمريكي الإسرائيلي على غزة، عمدت الولايات المتحدة الأمريكية الى إنشاء جسر جوي يمدّ الكيان بمختلف أنواع القذائف والذخائر التي يحتاجها، مستخدمين الأردن كبلد أساسي لهبوط الطائرات، والتي بلغ عددها حتى اليوم حوالي 230 طائرة (ربما لم تهبط جميعها في الأردن).
كما يساهم الأردن منذ انطلاق وحدة ساحات محور المقاومة في مساندة المقاومة الفلسطينية، بمساعدة القوات الأمريكية وجيش الاحتلال على اعتراض ما يمكن اعتراضه من طائرات مسيرة قادمة من سوريا أو من العراق أو حتى من اليمن، لاستهداف منشآت إسرائيلية في فلسطين المحتلة.
أمّا الأشد خطورة، هو توارد الأخبار عن إمكانية قيام الكيان المؤقت باستخدام طريق بري، كتعويض عما يواجهه من حصار بحري من قبل القوات البحرية اليمنية، من أجل توصيل بضائعه المستوردة من منطقة شرق آسيا، مستخدماً في ذلك ميناء دبي مروراً بالسعودية وصولاً الى الأردن (وهو ما سيسمح بإيصال البضائع في مهلة زمنية لا تتجاوز الأسبوع).
وهنا لا بد الإشارة الى أن الشعب الأردني كان من السبّاقين الى إعلان تأييد المقاومة الفلسطينية وشعبها، وبينما احتجوا بعشرات الآلاف دعماً لغزة، مطالبين بإغلاق السفارة الإسرائيلية وإنهاء معاهدة السلام بين الأردن وإسرائيل، اتخذ الملك قراراً بلا تأثير، عبر إلغاء القمة التي كان مقرراً عقدها خلال زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الى المنطقة. لذلك فإن الأغلبية من شعبه مستاؤون من تحالف الملك عبد الله الوثيق مع الإدارة الأمريكية، التي رفضت مرات عديدة دعم وقف إطلاق النار في غزة.
السلطة الأردنية شريكة إسرائيل في محاصرة المقاومة الفلسطينية قبل طوفان الأقصى
_ منذ سنوات خاصةً بعد تصاعد عمليات المقاومة في الضفة الغربية، بدأت القوات الأمنية والعسكرية الأردنية، بإحباط أي محاولات لتهريب الأسلحة والقدرات العسكرية النوعية من سوريا الى مقاومي الضفة (وهنا لا نقصد الطائرات التي تقوم بتهريب المخدرات كما تزعم سلطة عمّان بالتأكيد).
_ بسبب خوفه من تنامي شعبية حركة حماس لدى شعبه، نأى النظام الأردني بنفسه عن الحركة منذ زمن طويل، حيث قام بطرد ممثليها السياسيين من البلاد منذ العام 1999 وقام بإرسالهم إلى قطر.
_ لعب المسؤولون الأردنيون في الثمانينيات دوراً فعالاً في إقناع رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الراحل ياسر عرفات بالتخلي عن الكفاح المسلح لصالح إجراء المحادثات مع كيان الإحتلال، وهو التحول السياسي الذي أدى إلى اتفاقات أوسلو عام 1993. وقد استفاد حكّام الأردن من اتفاق أوسلو الذي شكّل لهم الغطاء السياسي الذي احتاجوه للتوقيع على "اتفاق سلام" مع إسرائيل في العام 1994 ــ وهي أول معاهدة من نوعها بين كيان الإحتلال ودولة عربية منذ اتفاق كامب دايفيد بين إسرائيل ومصر في العام 1979.
_ في عام 1996، صنفت الإدارة الأمريكية الأردن كحليف رئيسي من خارج حلف الناتو، مما فتح لسلطة عمّان المجال أمام تعاون أمني استخباراتي وعسكري كبير مع أمريكا، كانت حركات المقاومة فيه هي المستهدف الأول.
الكاتب: غرفة التحرير