بعد مقاطعة دامت نحو شهر، تحدث الرئيس الأميركي جو بايدن في اتصال هاتفي إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطوة كان الهدف منها اولاً محاولة تبديد الأحاديث المتزايدة عن الخلاف بين الجانبين، إلا انها كانت مناسبة جديدة لتسليط الضوء على عمق الانقسام الحاصل بين الإدارة ونتنياهو والذي رأى فيه البعض "طرح أميركي قيد الدرس" لتحجيم الأخير كبوابة للخروج من المأزق السياسي في كيان الاحتلال.
مع دخول الحرب مرحلة جديدة، يجد نتنياهو صعوبة متزايدة في تحقيق التوازن بين العلاقات داخل حكومته ومع البيت الأبيض. على الرغم من إجراء 16 مكالمة هاتفية في الأسابيع التي أعقبت عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول/أكتوبر، لم يتحدث بايدن ونتنياهو مباشرة لمدة شهر تقريباً قبل مكالمة الأمس الجمعة، حتى مع احتدام الخلافات الثنائية حول العديد من القضايا.
منع وزير المالية بتسلئيل سموترتيش تحويل بعض عائدات الضرائب للسلطة الفلسطينية التي تجمعها إسرائيل وتستخدم لاحقاً لدفع الرواتب. ورداً على ذلك، قالت السلطة الفلسطينية إنها لن تقبل تحويلات جزئية للإيرادات، مما قد يترك أفراد الأمن في الضفة الغربية دون دفع رواتبهم أيضا. وقد أعطى بايدن الأولوية لهذه القضية نظراً للمصلحة الأميركية الإسرائيلية المشتركة في منع اندلاع العنف في الضفة الغربية، ولكن لم يتم إحراز أي تقدم حتى الآن.
ويشعر مسؤولو الإدارة بالقلق من حقيقة أن نتنياهو لن يقف في وجه سموتريتش أو غيره من الوزراء اليمينيين المتطرفين في وقت خاطر فيه بايدن سياسياً مع التقدميين في قاعدته نتيجة دعمه المتطرف لإسرائيل.
ويقول الخبير في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية في جامعة بار إيلان الإسرائيلية إيتان جلبوع: "هناك بالتأكيد سبب للقلق، كلما رأينا المزيد والمزيد من الاعتبارات السياسية تهيمن على العلاقة بين بايدن ونتنياهو، والتي من المرجح أن تستمر بسبب الانتخابات الرئاسية المقبلة وضعف كلا الزعيمين، كلما رأيناهما يتفككان".
في المكالمة الأخيرة التي امتدت طيلة 40 دقيقة تقريباً، أصبح إحباط بايدن من نتنياهو أكثر وضوحاً، خاصة على وقع تصريحات الأخير التي أبدى فيها عدم رغبته بقيام دولة فلسطينية، وهو الأمر الذي يقع بصلب جملة من الخلافات الجوهرية المتزايدة التي تتعلق من جهة أخرى برؤية اليوم التالي.
وفي حديثه إلى مانحين ديمقراطيين في واشنطن كان بايدن قد عبّر عن انتقاده للحكومة الإسرائيلية المتشددة وقال إن نتنياهو بحاجة لتغيير نهجه. وقال بايدن: "أعتقد أن عليه أن يتغير، ومع هذه الحكومة في إسرائيل تجعل من الصعب عليه التحرك"، واصفاً حكومة نتنياهو بأنها "الحكومة الأكثر محافظة في تاريخ إسرائيل". وحذر من أن الدعم للحملة العسكرية في البلاد يتضاءل وسط قصف عنيف على غزة وأضاف أن الحكومة الإسرائيلية "لا تريد حل الدولتين".
متحدثا قبل تصريحات بايدن في حفل جمع التبرعات، اعترف نتنياهو بأنه والرئيس الأميركي يختلفان حول ما يجب أن يحدث لغزة بعد الحرب. وقال في بيان: "نعم، هناك خلاف حول 'اليوم التالي لحماس".
وانتقد أعضاء تقدميون ويهود بارزون في الكونغرس "دعم الولايات المتحدة غير المشروط" لإسرائيل بعد أن أعلن بنيامين نتنياهو صراحة أنه يعارض قيام دولة فلسطينية بعد الحرب في غزة ورفض السياسة الأميركية بشكل مباشر.
وأصدرت ممثلة الولايات المتحدة التي ترأس الكتلة التقدمية المؤثرة في الكونغرس، براميلا جايابال، واحدة من أكثر الردود حدة على نتنياهو، قائلة في شريط فيديو إن موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي "يجب أن يجعلنا نعيد ضبط علاقتنا من الدعم غير المشروط لحكومته".
جاء ذلك بعد أن أنفقت إدارة بايدن رأس مال سياسي محلي هائل - ومليارات الدولارات من المساعدات - لدعم الجيش الإسرائيلي في ضرباته هناك.
الكاتب: غرفة التحرير