الخميس 28 آذار , 2024 11:15

"ينبغي على إسرائيل": إدارة الحرب الأمريكية في غزة

بنيامين نتنياهو وجو بايدن والمجازر في غزة

المتابع لمجريات التراشق الأمريكي الإسرائيلي خلال الأشهر الماضية، يلمس لمس اليد المسؤولية الأمريكية حول كل ما يجري في قطاع غزة، ابتداء من القرار الأمريكي المباشر بشن الحرب وحشد الاساطيل في البحر المتوسط والبحر الأحمر دعمًا لكيان الاحتلال ومنعًا من الاستفراد به في لحظة ضعفه وتسليحه بكافة الذخائر المطلوبة ومنع المندوبة الأمريكية مجلس الأمن وقف إطلاق النار قبل تحقيق هدف القضاء على حماس، مرورًا بعشرات الزيارات للرئيس بايدن ومسؤولي الإدارة الأمريكي السياسية والعسكرية لفلسطين المحتلة لتنسيق عمليات الإمداد ومواكبة تحقيق الأهداف السياسية والعسكرية وتقديم الدعم المعنوي والمواساة بالضحايا إلى جانب القادة الأوروبيين أيضًا، وانتهاء بظهور التباين بين الرئيس الأمريكي بايدن ورئيس حكومة الاحتلال نتنياهو نتيجة الصمود الأسطوري لشعب غزة ومقاومته لأنّ ما استهلكته هذه الحرب من المواد المتفجرة يقرب من أربع قنابل نووية ألقاها جيش الاحتلال الإسرائيلي فوق رؤوس المدنيين في غزة بهدف إعلان الفلسطينيين استسلامهم وخضوعهم.

التواطؤ الأمريكي المباشر في حرب غزة

ومثل كل حرب تشنها الولايات المتحدة، تتقدم الدعاية الأمريكية لتغليف أُوَارِها بالشعارات البراقة مثل حماية المدنيين والتزام القانون الدولي، في حين تعطي الإدارة الأمريكية الجيش الإسرائيلي الهامش الكبير في عملياته العسكرية برًا وبحرًا وجوّا بالإمداد المتواصل بأحدث الأسلحة والمعدات وبالمساعدة اللوجستية والفنية للبحث عن الرهائن وتدمير الأنفاق وتقديم المشورة العسكرية، وبمشاركة الرئيس بايدن ووزير خارجيته ووزير الحرب في جلسات مجلس "كابينت الحرب الإسرائيلي" أكثر من خمس مرات، بهدف تمكين الكيان من تحقيق إنجاز سريع وحاسم في القضاء على حماس. ومن جهته، أخذ نتنياهو على عاتقه ما يفترض أنّ "جسمه لبيس" له من تحمل وزر مقتل المدنيين وتحييد مسؤولية الأمريكيين عن هذه الجريمة، ومطمئنًا إلى صمت الدول العربية عمّا يعتبره خدمة لهم وهو القضاء على حماس. إلاّ أنّ صمود الشعب الفلسطيني وانكسار الآلة العسكرية "الإسرائيلية" أمام المقاومين وبسالتهم وإعدادهم العسكري والإعلامي والاستخباري المثير للإعجاب لمعركة طوفان الأقصى، قلب الأمور رأسًا على عقب وكشف التواطؤ الأمريكي المباشر في حرب غزة وفي قتل المدنيين. صحيح أنّ هناك تباين في أجندتي بايدن ونتنياهو حيث الأول يريد نصرًا سريعًا بمدة زمنية قصيرة والثاني يريد حربًا طويلة للإفلات من العقاب وتحقيق إنجاز احتلال غزة والسيطرة على التهديدات الأمنية المنطلقة منها، إلّا أنّ المسؤولية الأولى تقع على عاتق الولايات المتحدة التي اتخذت قرار شن الحرب على حماس مباشرة وأعدّت له العدة من نشر للأساطيل وتهديد سكان المعمورة بالاستهداف إن هم عارضوا ما يجري في غزة.

استمرار لعبة الازدواج في الموقف الأمريكي

إنّ استمرار أعمال القتل الذريع للفلسطينيين وخاصة مع توقع شن عملية عسكرية في منطقة رفح عالية الكثافة السكانية بفعل تهجير أكثر من مليون شخص ونصف إليها من شمال القطاع والتي قد تحمل مخاطر توسع الحرب إقليميًا، يؤثر على انتخابات الرئاسة الأمريكية، واستمرار لعبة الازدواج في الموقف الأمريكي بدعم الحرب من جهة ومحاولة التملص من مسؤولية قتل المدنيين وتجويعهم من جهة أخرى وافتعال ضجة حول تباين خيارات مسؤولي البلدين المُعْتَدِيَيْن، ستنتهي بالضرورة بفشل متوقع كبير لهما، بسبب صمود غزة بشعبها ومقاومتها، وبسبب تضحيات محور المقاومة وموقفه الحكيم بفتح جبهات مساندة.

هذا الواقع سيحمّل في النهاية الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولية شنّ هذه الحرب وكافةّ أوزارها الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية والقضائيّة، طالما أنّ القرار قرارها منذ البداية، بما في ذلك مسؤولية مقتل وجرح أكثر من مئة ألف فلسطيني نتيجة آلة الحرب الأمريكية/الإسرائيلية دون طائل ودون ثمن سياسي مقابل، وقد عبّرت مجلة نيوزويك الأمريكية في 14 ديسمبر الماضي عن هذا المعنى بالقول إنّ:" إسرائيل بعد شهرين من الحرب تقول إنها قتلت 20% من تقديرات عدد مقاتلي حماس قبل الحرب، هذه حالة كلاسيكية للفوز بالمعركة وخسارة الحرب، وهجوم إسرائيل على غزة هو في الواقع هجوم على المدنيين. ومع ذلك فإن مسؤولا في الجيش الإسرائيلي يتساءل، لماذا تبيعنا واشنطن القنابل التي تزن ألفي رطل إذا كانت قلقة من استخدامنا لها؟".


الكاتب: ناصر الحسيني




روزنامة المحور