الأربعاء 27 آذار , 2024 01:21

جون ميرشايمر: يبيّن ما وراء دعم بايدن لإسرائيل بشيك على بياض

جون ميرشايمر واللوبي الإسرائيلي وجو بايدن

من الواضح أن السياسة الخارجية الأمريكية، وعلى مدار عدة قرون، تخضع لمجموعة من المؤثرات، أبرزها جماعات الضغط، وما يميز هذه المجموعات أنها لا تسعى للوصول إلى السلطة، وإنما لتأثير يصل إلى السيطرة على مؤسسات صنع القرار الرسمية في الولايات المتحدة.

من ضمن جماعات الضغط القوية داخل الولايات المتحدة التي تؤثر على صانع القرار الأميركي هو اللوبي الإسرائيلي، وقد تجلى تأثيره خصوصاً في الصراع العربي الإسرائيلي، حيث استطاع بنجاح العبور من خلال أروقة السياسة الأمريكية، والمساهمة في توجيه سياستها على الساحة الإقليمية، في هذا الصدد، أخذ عالم السياسة الأمريكي البارز والباحث في العلاقات الدولية، جون ميرشايمر، على عاتقه مهمة شاقة لتحليل القوة "الرسمية" و"غير الرسمية" للوبي الإسرائيلي من خلال أطروحة كتابه "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية" الذي نشره إلى جانب العالم ووالت ستيفن. لكن تعكس مقابلته الأخيرة التي أجراها قبل عدة أيام بعنوان "ما وراء دعم بايدن لإسرائيل بشيك على بياض؟" مقاربته للدعم الأميركي منقطع النظير لكيان الاحتلال، ومدى تأثير اللوبي الإسرائيلي على قرارات بايدن في السياسة الخارجية تجاه الصراع في غزة.

النص المقتطع من المقابلة:

المحاور جيتا ويرجوان: في رأيك، إلى أين سيمضي الموقف السياسي فيما يتعلق بما يحدث في غرب آسيا وبشكل أكثر تحديداً في غزة؟ وأريد أن أضع في سياق ما أشرت إليه سابقا: هناك تناقض بين الحالة الأخلاقية المتدهورة والدعم الأميركي المتزايد لإسرائيل، والذي يتجلّى نوعاً ما في اللوبي الإسرائيلي. والسؤال إذن هو كيف نتأكد من أن اللوبي الإسرائيلي سيكون في الواقع مفيداً للولايات المتحدة وإسرائيل ولا يبدو أن ذلك مفيد لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل في الوقت الحالي.

جون ميرشايمر: لا ينفع لأي منهما، أنظر ما يفعله الإسرائيليون في غزة ليس في مصلحة للولايات المتحدة الاستراتيجية، وفي الواقع يفهم الرئيس بايدن ذلك جيداً، وهو مهتم بكبح جماح إسرائيل، لقد استخدم لغة مثل هذه، لقد قال إن السلوك الإسرائيلي "فوق القمة" وقال إنهم يشاركون في حملة قصف "عشوائية"، ومن الواضح تماماً أنه أجرى العديد من المحادثات الهاتفية مع نتنياهو، حيث حاول كبح جماحه. وقد فشل، والآن، لقد أوضحت للتو أن هذا ليس في مصلحة الولايات المتحدة، ومن وجهة نظر أخلاقية، فمن الواضح أن هذا ليس في مصلحتها. الواضح تماماً بالنسبة لي أن الإسرائيليين يرتكبون إبادة جماعية في غزة، وفي الواقع قضت محكمة العدل الدولية للتو بوجود أدلة جوهرية للاعتقاد أو الاستنتاج بأن إسرائيل متورطة في حملة إبادة جماعية ضد الفلسطينيين، حسناً، إدارة بايدن متواطئة في حملة الإبادة الجماعية وليس من المصلحة الوطنية لأميركا أن تشارك في هذه الحملة، علاوة على ذلك، كما قلت سابقاً فإن هذا ليس في مصلحتنا الإستراتيجية لذا؛ فإن السؤال هو لماذا لا يستطيع بايدن استخدام النفوذ الهائل الذي يتمتع به كرئيس للولايات المتحدة لإجبار الإسرائيليين على وقف هذه الحملة القاتلة؟ والجواب هو اللوبي الإسرائيلي، أحد أقوى مجموعات المصالح في الولايات المتحدة، ويتمتع بنفوذ هائل على شكل السياسية الأميركية في الشرق الأوسط، وجو بايدن في وضع لا يوجد فيه طريقة تمكنه من إقناع إسرائيل بتغيير سلوكها دون دفع ثمن سياسي باهظ، وبالنسبة لشخص يستعد لإعادة انتخابه في نوفمبر من هذا العام، آخر شيء يريد القيام به هو مواجهة اللوبي الإسرائيلي لأنه إذا طارد إسرائيل وأصبح صارماً معها، واستخدم كل النفوذ الأميركي القسري على إسرائيل فإن اللوبي سيلاحقه بالمطرقة والسندان، وسيبذلون جهوداً كبيرة للتأكد من أنه سيحصل على هزيمة في الخريف، لذا؛ فإن بايدن على الرغم من اعتقاده أن ما تفعله إسرائيل لا يمثّل مصلحة استراتيجية أو أخلاقية للولايات المتحدة فإنه غير قادر على فعل أي شيء لوقفها، وهذا مرة أخرى يرجع إلى حد كبير إلى اللوبي الإسرائيلي.

المحاور جيتا ويرجوان: هل هناك أمل في أن يمضي هذا اللوبي قدماً بطريقة من شأنها أن تكون مفيدة لكيلهما كما نأمل الولايات المتحدة وإسرائيل؟

جون ميرشايمر: لا، بالتأكيد ليس مفيداً للولايات المتحدة أنظر، الولايات المتحدة وإسرائيل دولتان منفصلتان ومثل أي دولتين منفصلتين أو أي دولتين على هذا الكوكب غالباً ما يكون لهما مصالح مختلفة، وما يفعله اللوبي هو أنه يدفع الولايات المتحدة لدعم مصالح إسرائيل. اللوبي يعتقد بالأساس أن لا فرق بين مصالح أميركا ومصالح إسرائيل، ولكن هناك دائماً اختلافات بين مصالح الدولتين وما يريده اللوبي منّا أن نفعله هو دعم إسرائيل بشكل فعّال دون قيد أو شرط، ومن المؤكد أنه سيكون هناك مناسبات يكون فيها دعم إسرائيل منطقياً من وجهة نظر أميركية، ولكنك لا تحتاج إلى جماعات الضغط في تلك الحالات، السبب وراء حاجتك إلى اللوبي والسبب وراء عمل اللوبي بجد هو أن هناك الكثير من الحالات التي تتعارض فيها مصالح إسرائيل مع مصالح الولايات المتحدة ويريد اللوبي أن يبذل قصارى جهده لتكون مصالح إسرائيل هي السائدة في تلك المنافسة وإنهم ناجحون جداً في ذلك، وهذا ما ترونه يحدث لجو بايدن، الذي يرغب في إقناع الإسرائيليين في التراجع لتغيير سياستهم فيما يتعلق بالحرب، وأيضاً فيما يتعلق بالشكل الذي ستبدو عليه غزة بعد وقف إطلاق النار، هناك صراع كبير يختمر الآن بين الإسرائيليين من ناحية وبيننا من ناحية أخرى بشأن نوع النظام السياسي الذي سيتم وضعه في غزة بمجرد وقف إطلاق النار، ويمكنك أن تطمئن إلى أن اللوبي سيقف إلى جانب إسرائيل ضد الولايات المتحدة، وأن الولايات المتحدة لن تبدي الكثير من الاحتجاج على ذلك، لأن من سيصل إلى السلطة يعرف جيداً، أنه إذا حاول منافسة اللوبي، فإنه سيدفع ثمناً باهظاً.


المصدر: Gita Wirjawan

الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور