الجمعة 07 حزيران , 2024 11:48

ما هو موقف المسلمين غير العرب تجاه طوفان الأقصى؟

ورقة علمية: المسلمون غير العرب وطوفان الأقصى

يشكل المسلمون في مجموعهم السكاني نحو 24.9% من سكان العالم بعدد يقارب 1.907 مليار نسمة، ويتوزعون في 48 دولة ذات أغلبية إسلامية، كما أن أغلب دول العالم تحتوي على أقليات إسلامية، بل إن بعض الأقليات الإسلامية كما هو الحال في الهند يفوق عددها أغلب الدول ذات الأغلبية الإسلامية. سنضيئ في هذا التقرير عن توجهات الدول والمجتمعات الإسلامية تجاه تطورات الصراع العربي الإسرائيلي: حالة طوفان الأقصى. ويمكنكم تحميل الدراسة بشكل كامل في أسفل الملخّص أدناه.

السياسات الرسمية للدول الإسلامية غير العربية

على الرغم من أن منظمة التعاون الإسلامي (منظمة المؤتمر الإسلامي سابقاً) تأسست كرد فعل على موضوع فلسطيني هو اشتعال النيران في المسجد الأقصى على يد متطرف إسرائيلي سنة 1969، إلا أن مستوى التفاعل الإسلامي في دول هذه المنظمة حول طوفان الأقصى يثير تساؤلات حول وزن ونجاعة الحركات الإسلامية في هذه البلاد تجاه القضية الفلسطينية بكل رمزيتها الدينية. كما أن دور منظمة التعاون الإسلامي في مواجهة تداعيات طوفان الأقصى اقتصر في كل بياناته واجتماعات وزراء الخارجية للدول الأعضاء على المناشدات والإدانة للسلوك الإسرائيلي دون اتخاذ أيّ إجراءات عملية ذات دلالة تتوازى مع حجم العنف الإسرائيلي، ومع قداسة القضية الفلسطينية ومركزيتها حتى في أدبيات أغلب هذه الدول، وهو ما يستدعي التذكير أن من بين الـ 57 دولة إسلامية في منظمة التعاون الإسلامي هناك 10 دول إسلامية غير عربية فقط لا تعترف بـ"إسرائيل" (أفغانستان، وبنغلاديش، وبروناي، وإندونيسيا، وإيران، وماليزيا، والمالديف، ومالي، والنيجر، وباكستان)، بينما هناك 23 دولة إسلامية (غير عربية) تعترف بـ"إسرائيل"، أي أن الاعتراف بإسرائيل من الجانب الرسمي الإسلامي (العربي وغير العربي) هو 23 دولة إسلامية غير عربية بالإضافة إلى 6 دول عربية، وهو عدد يشكل نسبة تساوي 50.9% من العضوية في منظمة التعاون الإسلامي مقارنة باعتراف دولي عالمي بإسرائيل يساوي نحو 85% من مجموع دول العالم الأعضاء في الأمم المتحدة.

توجهات الرأي العام الإسلامي والمظاهرات الشعبية

تشير المقارنة بين تفاعل العالم بشكل عام وبين تفاعل المجتمعات الإسلامية بقياس التظاهر الجماهيري في آخر البيانات المتوفرة، إلى أن عدد المظاهرات في كل دول العالم المؤيدة لفلسطين حتى نهاية نيسان/ أبريل 2024 هو 14,931 مظاهرة، منها 8,762 مظاهرة في أربع دول إسلامية وعربية هي: اليمن والمغرب وتركيا وإيران. أما في الأقاليم الإسلامية الأخرى، فتكاد المظاهرات تغيب تماماً في دول آسيا الوسطى الإسلامية (كازاخستان، وأوزبكستان، وتركمانستان، وطاجيكستان)، باستثناء مظاهرات قليلة جداً ومحدودة المشاركة بشكل واضح في قرغيزيا التي غلب على توجهاتها الرسمية المساندة لإسرائيل، بل إن المظاهرات في أذربيجان كانت لصالح إسرائيل، ولم يتجاوز عدد المظاهرات في الدول الإسلامية غير العربية مجتمعة حتى نيسان/ أبريل 2024 الثلاثين مظاهرة تقريباً.

يمكن الإشارة في تحليل موقف الدول والمجتمعات الإسلامية غير العربية إلى:

- إن 62% من احتياجات إسرائيل للبترول يتم الحصول عليها من دولتين إسلاميتين هما كازاخستان (93 ألف برميل يومياً)، وأذربيجان (45 ألف برميل يومياً)، أي ما مجموعه 138 ألف برميل يومياً.

- يصل حجم التجارة الإسرائيلية السلعية مع الدول الإسلامية "غير العربية" الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي حتى نهاية سنة 2021 نحو 7 مليار دولار.

- اقتصار المساندة للمقاومة الفلسطينية على المناشدات الخطابية، كما هو الحال في بعض الدول الإسلامية مثل باكستان التي ناشد زعيم الجماعة الإسلامية فيها الشيخ سراج الحق حكومة بلادة، كحكومة عقائدية، مساندة الفلسطينيين.

الخلاصة

تشير المعطيات بخصوص وزن الكتلة الإسلامية غير العربية في مساندة طوفان الأقصى إلى ما يلي:

- أن الحجم البشري والقوة الاقتصادية والمساحة الجغرافية والكتلة التصويتية في الأمم المتحدة لا تتناسب ومستوى التأثير المحدود للغاية في التفاعلات الناتجة عن طوفان الأقصى.

- من الواضح أن وزن الحركات والأحزاب الإسلامية في هذه الدول محدود في تأثيره على سياسات حكومات بلادها تجاه القضية الفلسطينية، وهو ما يعني أن الثقافة الإسلامية في هذه المجتمعات لم تتحول إلى فعل سياسي ذي دلالة.

- أن مستوى الإسهام المادي (مثل المعونات الإنسانية أو الإسهام في ميزانية وكالة الأونروا)، والإسهام المعنوي (من خلال المظاهرات أو الفعاليات السياسية) لدعم النضال الفلسطيني لا يتناسب مع الحد الأدنى لما تمتلكه هذه الدول.

- من الواضح أن التطبيع العربي مع إسرائيل أعفى أغلب الدول الإسلامية من الحرج في العلاقة مع إسرائيل، وهو ما يتضح في نسبة الدول الإسلامية المعترفة بإسرائيل، ناهيك عن شبه المعترفة أو تستعد للاعتراف بها.

- أن مسلمي آسيا الوسطى هم الأقل تعاطفاً مع الموقف الفلسطيني، وهو ما يستوجب البحث في كيفية معالجة هذه الظاهرة.

- يعدّ الموقف الإيراني هو الموقف الأكثر تقدماً مقارنة بالدول الإسلامية غير العربية.

- أن المقارنة بين ردة الفعل الإسلامية على الغزو الروسي لأفغانستان كان أكثر حدة بشكل كبير منه في حالة طوفان الأقصى.


المصدر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات

الكاتب: أ. د. وليد عبد الحي




روزنامة المحور