الأربعاء 19 حزيران , 2024 04:05

انحياز الإعلام الغربي: شرعية النظام الإيراني وإقصاء الإصلاحيين

الانتخابات الرئاسية الإيرانية والمرشحين للرئاسة

تأتي الانتخابات الإيرانية التي ستجري في 28 حزيران في وقت يتصاعد فيه التوتر بين إيران والغرب، ربطاً بالحرب بين المقاومة الفلسطينية وكيان الاحتلال، واشتعال جبهات الإسناد بين القوى الحليفة للجمهورية الإسلامية في لبنان واليمن والعراق وبين الكيان الإسرائيلي، وعلى ضوء هجمات حركة أنصار الله للسفن الأميركية في البحر الأحمر. ولا يُستثنى من ذلك اتهام إيران بتسليح روسيا في حربها على أوكرانيا.

في هذا الإطار، ركّز الإعلام الغربي بتحيّز واضح على سردية مفادها افتقاد نظام الجمهورية الإسلامية للشرعية بدليل تراجع نسبة المشاركة في الانتخابات خلال السنوات الماضية. بالإضافة إلى تمحور الكتابات حول فكرة استحواذ التيار المحافظ على السلطة بعد إقصاء الإصلاحيين من الحكم.

وفي التفاصيل، لم يخفي الإعلام الغربي تأييده وفي أكثر من موضع للمرشّح الإصلاحي مسعود بيزشكيان فكتبت عنه صحيفة Financial times "لم يكن يُنظر إلى بيزشكيان، وزير الصحة السابق، في الأصل على أنه مرشح إصلاحي بارز، لكنه اكتسب معجبين بسبب انفتاحه، واستعداده لانتقاد السياسات المتشددة للجمهورية الإسلامية، والتزامه بالعدالة والمساواة".

واتبعت صحيفة "نويه تسوريشر تسايتونغ" السويسرية والناطقة بالألمانية رؤيتها المؤيدة لبيزشكيان بقولها "قد يكون قبول مسعود بيزشكيان للانتخابات الرئاسية في إيران بمثابة مفاجأة. وكثيراً ما انتقد الطبيب والبرلماني سياسات النظام". ورأت فيه الصحيفة "أملاً كبيراً للشعب الإيراني". في سياق آخر، أشارت صحيفة Apnews بحظوظ المرشح محمد باقر قاليباف، معتبرتاً بأنه له علاقة وثيقة بالحرس الثوري الإيراني.

وكما جرت العادة، تناولت الصحف النظام الإيراني ومنصب المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، فرأت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أنه هناك ما أسمته بـ"الانفصال السياسي" بين الدولة والمجتمع الإيراني، نظراً للمزاج المتوتر حيال رجال الدين والمؤسسة السياسية. فيما وصفت وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية الانتخابات الرئاسية الإيرانية بـ"الثيوقراطية الشيعية".

أما صحيفة "لو موند" الفرنسية وصّفت الحكم في إيران بهيمنة المرشد الأعلى للثورة الإسلامية عليه، بإغفال تام بأن الجمهورية الإسلامية تتكوّن من عددٍ من المؤسسات الحاكمة المتداخلة على مستوى النفوذ والصلاحيات. وألقت الصحيفة الضوء على أهمية الانتخابات معتبرتاً بأنها ستحظى بمراقبة دقيقة على الساحة الدولية نظراً بأن إيران لاعب رئيسي في الشرق الأوسط، على خلفية الحرب في غزة وبسبب "المخاوف بشأن البرنامج النووي الإيراني".

من جهتها انتقدت كل من شبكة "بي بي سي" وصحيفة "الغارديان" البريطانيتين أن أغلبية المرشحين الإيرانيين للانتخابات الرئاسية هم من التيار المحافظ، وهو ما وجدته إقصاءً للإصلاحيين وتغييبًا للديمقراطية. واعتبرت الغارديان بأن "الإصلاحيين مهمشون إلى حد كبير من البرلمان". وأشارت "بي بي سي" إلى أن سعيد جليلي، الأمين السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي والمفاوض النووي، أحد المرشحين الأوفر حظاً.

ينتظر الإيرانيون موعد الانتخابات في 28 حزيران بشغف، ليجددوا ولاءهم لنموذجهم الإسلامي الممتد منذ قيام الثورة الاسلامية في عام 1979، ولطالما استطاع هذا النظام التغلّب على الكثير من الصعوبات وواجه مختلف التحديات، في ظل مفاصل حساسة كالتي تمر بها إيران والمنطقة اليوم، والتي سيجدد من بوابتها أعداء إيران التعبئة المضادة للنظام عبر ماكيناتهم الإعلامية ومحاولات إحداث شرخ بين المجتمع والدولة، ونقل صورة متحيّزة وملفّقة عن العملية الانتخابية واستغلال أي حدث لزعزعة الاستقرار مع النظام الإسلامي. وتأتي هذه القراءات كمقدمة لمسار من التجييش الإعلامي سيتصاعد في الأيام المقبلة.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور