الثلاثاء 02 تموز , 2024 03:21

طفرة الدراسات حول القضية الفلسطينية في الجامعات العالمية

المظاهرات العالمية المؤيدة لفلسطين

وفقًا لميشال فوكو، المفكر والفيلسوف الفرنسي الشهير، فإن الغرب سعى لإخضاع الخطاب الأكاديمي للنظام السياسي؛ من منطلق أن النصوص لا تخلق المعرفة فحسب، بل يمكنها كذلك أن تخلق الواقع وبالتالي الخطاب الموجه. لذلك حاولت القوة السياسية الغربية أن تجعل خطابها الأكاديمي ينتج مفهومًا للقضية الفلسطينية يقوم على الصور النمطية، وليس على حقائق علمية، خدمةً للمشروع الصهيوني. هذا الإخضاع الأكاديمي ظهر منذ تأسيس الكيان وتطوّر لترسيخ جذوره واستمر خدمة للرواية الغربية الإسرائيلية في كل المعارك السابقة مع الفلسطينيين.

ومنذ بدء عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، توجهت الدول الجائرة وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية إلى تسخير المؤسسات الأكاديمية لتسويغ العدوان الإسرائيلي وإسكات الأصوات التي تندد بالمجازر الوحشية ضد المدنيين في غزّة وتلك الداعمة للقضية الفلسطينية ونضال الشعب الفلسطيني، كما وبهدف الترويج للرواية الإسرائيلية بأن "إسرائيل" تدافع عن نفسها.

ولكن حرب طوفان الأقصى أفشلت هذه السياسية، لأن دائرة المناصرين للقضية الفلسطينية داخل الأكاديميا الغربية اتسعت بشكل غير مسبوق. فكيف تحوّلت الأكاديميا الغربية من تابعة للكيان إلى مناصرة للقضية الفلسطينية؟ وما هي محفزات هذا التحوّل؟ وما هي تأثيراتها المختلفة في حرب طوفان الأقصى؟

يمكنكم تحميل الدراسة أسفل المقال أدناه الذي يتحدث عن موضوع تحوّل الاكاديميّة الغربية في حرب طوفان الأقصى.

تحوّل الاكاديميّة الغربية في حرب طوفان الأقصى

من خلال عملية البحث عن مصطلح غزّة على محرّك google scholar المتخصص في البحث عن المنشورات العلمية الأكاديمية، تبيّن أن المجلات العلمية الأكاديمية أصدرت منذ بداية العام، 8290 دراسة أكاديمية علمية حول غزّة بمختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية والسلوكية والصحية وغيرها. وفي العام 2023، أصدرت هذه المجلات 9310 دراسة أكاديمية علمية حول غزّة في نفس المواضيع المذكورة، أي ما مجموعة 17900 دراسة خلال عامي 2023-2024. وتوزعت هذه الدراسات على عدّة مواضيع أبرزها:

- 4810 تتحدث عن إعادة الإعمار ومستقبل غزّة بعد الحرب.

- 11100 تتحدث عن الوضع الإنساني والاقتصادي والاجتماعي لغزة.

- 3750 تتحدث عن الإبادة الجماعية لغزّة ووحشية الكيان.

وهنا نشير أن هذه الأرقام تم إحصاءها عبر البحث المتقدّم لـ google scholar وتحديدًا البحث في المضمون وليس العنوان.

وبحسب دراسة أكاديمية تحت عنوان "المنشورات العلمية حول حرب غزّة"، قامت بدراسة وتحليل وقياس الأبحاث الأكاديمية حول غزّة وإسرائيل خلال فترة 7 أكتوبر 2023 و17 نوفمبر 2023 باستخدام الخوارزميات الآلية ومقياس Altmetric، استنتجت أن المنشورات المؤيدة لغزة أعلى وأكثر من ثلاثة أضعاف المنشورات المؤيدة لـ "إسرائيل"، وأن كل الدراسات المؤيدة للأخيرة كانت مؤلفة بواسطة الباحثين من الجنسية الإسرائيلية.

دلائل أخرى

من الأدلة التي تؤكد فشل السياسة الغربية في إخضاع الأكاديميا هي اتساع نطاق المظاهرات في الغرب وخاصة في الولايات المتحدة، رغم المنع والترهيب. وكدليل آخر لفقدان الولايات المتحدة السيطرة عليها، هو أسلوب السلطات السياسية الغربية المتبعة لإسكات صوت المعارضين للسياسة الصهيونية والانتهاكات الإنسانية بحق الغزاويين والمطالبين بوقف حرب غزّة وضرورة تحرير فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي. إذ تستخدم السلطات أسلوب الترهيب وقطع الأرزاق لإسكات كل صوت أكاديمي يرفض الخضوع للإملاءات السياسية وتبني الرواية الغربية الإسرائيلية عن القضية الفلسطينية كما واتهامه بمعاداة السامية، وهذا ما وصفه أحد الباحثين في الجامعة الألمانية بـ "المجزرة في الأكاديميا الغربية". وقد نقلت وسائل الإعلام أخبارًا عن التشهير بالباحثين الأكاديميين المناصرين للقضية الفلسطينية وتهديدهم بالقتل والدعوة إلى عدم توظيفهم بدعوى عدائهم للسامية. بالإضافة إلى ذلك، قدّم 2500 أكاديمي بريطاني رسالة مفتوحة إلى الوزيرة البريطانية؛ تدين تدخل الحكومة البريطانية في هيئة البحوث والابتكار وهجومها على الحرية الأكاديمية. وذكر الموقِّعون، أن استهداف الهيئة كان هدفه إحداث تأثير مخيف على المجتمع الأكاديمي بأكمله على حساب النزاهة الفكرية والمهنية. وعبّر الموقعون على الرسالة، ومنهم 88 أكاديميًّا من جامعة كامبريدج و64 من جامعة أوكسفورد عن قلقهم من أن هذا التدخل يمثل "محاولة لخلق مناخ من الخوف لردع الأكاديميين عن التعبير عن معارضتهم لانتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها إسرائيل".

وكنوع آخر من المساندة الأكاديمية الغربية لغزّة، والتي تشهد تحولًّا غير مسبوقًا، هي المقاطعة الأكاديمية العالمية للكيان الإسرائيلي بسبب الحرب في غزّة، حيث يتمّ طرد العلماء الإسرائيليين من المجموعات البحثية العالمية، وإنهاء التعاون معهم، ورفض مقالاتهم وأبحاثهم، وكذلك إلغاء مشاركتهم في المحاضرات والمؤتمرات الأكاديمية في مختلف الجامعات حول العالم.

في حين فرضت بعض الجامعات العالمية مقاطعة أكاديمية لمختلف الجامعات والكليات الإسرائيلية، والدليل على ذلك، بحسب صحيفة هآرتس، قدّم 60 باحثًا إسرائيليًا إفادة تحدثوا فيها عن تعرضهم للمقاطعة والطرد من المجموعات البحثية العالمية منذ اندلاع الحرب على غزة.





روزنامة المحور