لقد آن الأوان لأعداء سوريا أو خصومها، من الأنظمة والحكومات والرؤساء والملوك الذين شاركوا في الحرب الكونية عليها في آذار / مارس 2011، أن يعوا بأن الرئيس بشار الأسد لم تغيّر فيه الحرب أيّ من الثوابت كانت لديه قبل اندلاعها، لاسيما الكرامة والعزة الوطنية والتزام خيار المقاومة والوفاء للحلفاء والقضايا المشتركة، بالرغم من كل ما تخللته الحرب من خيانات وإرهاب وعروض ابتزاز وتحشيد عالمي وعربي بقيادة أمريكا.
بل يُمكن القول بأن الرئيس الأسد بات متمسكاً أكثر في هذه الثوابت، بعدما شهده من متغيّرات عالمية، تؤكّد على أن قوة الدول تكون بالتمسك بهذه الثوابت لا بالتخلّي عنها أو التفاوض عليها.
وهذا ما أشار إليه الرئيس السوري، في تصريحات للصحفيين خلال إدلائه بصوته في انتخابات أعضاء مجلس الشعب، حول موضوع مساعي الدولة التركية برئاسة رجب طيب أردوغان مؤخراً، الى عودة العلاقات التركية السورية الى سابق عهدها ما قبل الحرب. فقد حسم الأسد بأنه لن يكون هناك لقاء ثنائي بينه وبين أردوغان، إلا بعد تحقق شروطه لذلك قائلاً: "نحن كما قلنا في أكثر من مناسبة وتصريح إيجابيون تجاه أي مبادرة لتحسين العلاقة وهذا هو الشيء الطبيعي، لا أحد يفكر بأن يخلق مشاكل مع جيرانه ولكن هذا لا يعني أن نذهب من دون قواعد". مضيفاً: "نحن نسير بشكل إيجابي ولكن استنادا إلى مبادئ واضحة، وليس فقط مبادئ، المبادئ هي القانون الدولي والسيادة، هذا واضح، ولكن منهجية محددة لكي نضمن بأن ما نتحرك به سيؤدي إلى نتائج إيجابية، إن لم نحقق نتائج إيجابية فستكون النتائج سلبية". متابعاً "البعض يقول لن تخسر شيئاً، لا، في هذه الحالة إما أن نربح وإما أن نخسر، على المستوى المشترك نحن وتركيا والحلفاء، الكل يربح أو الكل يخسر، لا يوجد حل وسط، لا توجد حالة رمادية، لذلك عندما نؤكد على المبادئ والمتطلبات، فهذا انطلاقاً من حرصنا على نجاح العملية، وليس تشددا ولا ترددا". مردفاً: "من موقعي ومن موقعه (أي أردوغان) كمسؤولين في قمة هرم السلطة في بلدينا، إذا كان اللقاء يؤدي لنتائج أو إذا كان العناق أو إذا كان العتاب أو إذا كان تبويس اللحى كما يُقال باللغة العامية يحقق مصلحة البلد، فأنا سأقوم به. ولكن المشكلة لا تكمن هنا، تكمن ليس في اللقاء وإنما تكمن في مضمون اللقاء، طرح اللقاء قد يكون هام باعتبار اللقاء هو عبارة عن وسيلة لتحقيق هدف. ما هو الهدف؟، لم نسمع ما هو الهدف. حل المشكلة؟ تحسين العلاقات؟ إعادتها إلى الوضع الطبيعي؟ أول سؤال نسأله لماذا خرجت العلاقات عن مسارها الطبيعي منذ ثلاثة عشر عاما؟ لم نسمع أي مسؤول تركي يتحدث عن هذه النقطة بشكل صريح". سائلاً الدولة التركية: "هل سيكون مرجعية اللقاء إلغاء أو إنهاء أسباب المشكلة التي تتمثل بدعم الإرهاب والانسحاب من الأراضي السورية، هذا هو جوهر المشكلة. لا يوجد سبب آخر".
التمسّك بالمقاومة ورفض كل عروض الابتزاز
وفي سياق متّصل يؤكّد تمسّك الرئيس الأسد بالثوابت، كشف الوزير السابق وئام وهاب في إحدى مقابلاته الإعلامية مؤخراً، بأن الدولة السورية رفضت عرضاً كبيراً من دولة عربية تم إيصاله من خلاله، ونصّ على البنود التالية:
1)انسحاب القوات التركية من إدلب وريف حلب.
2)انسحاب القوات الأمريكية من شمالي شرق سوريا.
3)دفع 200 مليار دولار لسوريا في إطار إعادة الإعمار.
4)تطبيع العلاقات مع الكيان المؤقت.
5)التخلي عن الجولان المحتلّ.
وعليه فإن رفض الرئيس الأسد لهذا العرض – وغيره الكثير من العروض – بالرغم مما تعاني منه سوريا من حصار وتداعيات حرب قاسية، لا يشكّل إلا تمسكاً بخيار المقاومة في المنطقة بوجه إسرائيل ومن خلفها أمريكا.
الكاتب: غرفة التحرير