يعدّ تعزيز التعاون العسكري ما بين قوى المقاومة العراقية والقوات المسلحة اليمنية، وتجربته مباشرةً في ميدان معركة طوفان الأقصى، من أهم ثمار هذه المعركة، ومن أخطر الوقائع الاستراتيجية على الكيان المؤقت ومن خلفه كل المعسكر الغربي الأمريكي. فحصول هذا الأمر يتم، بالرغم من وجود عشرات وربما مئات المنظومات العسكرية المشتركة للمعسكر الأمريكي، بشكل يؤسس لواقع عسكري مستقبلي يتحدى كل المشاريع التي تمّ التخطيط لها سابقاً، على غرار ناتو عربي إسرائيلي وغيرها.
فبالرغم من أن لحركة أنصار الله مكتباً تمثيلياً منذ ما قبل معركة طوفان الأقصى بأعوام، إلا أن إعادة تفعيل هذا المكتب مؤخراً، وإيفاد "أبو إدريس الشرفي" كرئيس له، أعاد تسليط الضوء بقوة على هذه العلاقة، خاصةً من جانب إسرائيل كونها المستهدف الرئيسي.
فوفقاً لوسائل إعلام إسرائيلية، تم افتتاح هذا المكتب التمثيلي في العاصمة العراقية بغداد، في حي الجادرية، بغرض تعزيز التعاون العسكري مع قوى المقاومة الإسلامية العراقية، عبر إطلاق صواريخ وطائرات بدون طيار على الكيان في نفس الوقت لتعطيل نظام الدفاع الجوي لديها. وزعمت هذه المصادر أيضاً، بانه تم تنفيذ عمليات هجومية ضد أهداف في مدينة إيلات (أم الرشراش المحتلة)، وأن الهدف التالي للهجوم هو ميناء حيفا.
وفي السياق نفسه، كشف الطرفان عن خطوات وجهود التنسيق هذه علناً في العديد من المرات مثل: اتصال هاتفي ما بين قائد حركة أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي والأمين العام لكتائب حزب الله الحاج أبو حسين الحميداوي والتناقش حول التعاون العسكري ضد إسرائيل، زيارات متبادلة بين ممثل حركة أنصار الله وقادة فصائل المقاومة كان آخرها زيارة الأمين العام لعصائب أهل الحق الشيخ قيس الخزعلي.
وتداولت بعض الجهات الإعلامية العراقية، بأن الطرفين قاما بإنشاء غرفة عمليات مشتركة تواكب تطورات الحرب على قطاع غزة، وهي متصلة أيضاً بحزب الله في لبنان وقادة في حرس الثورة الإسلامي في إيران، بهدف التأكيد على مبدأ وحدة الساحات.
المرحلة الرابعة لإسناد المقاومة الفلسطينية
وقد تجلّى التعاون العسكري اليمني العراقي، منذ أيار / مايو 2024، مع تفعيل القوات المسلّحة اليمنية للمرحلة الرابعة في إسناد المقاومة الفلسطينية، والتي أعلنت بأنها ستكون بـ" استهداف كافة السفن المخترقة لقرار حظر الملاحة الاسرائيلية والمتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة في البحر الأبيض المتوسط في أي منطقة تطالها أيدينا".
فهذه المرحلة تتطلب قدرة يمنية على إصابة دقيقة للأهداف (السفن)، من على بعد مئات الكيلومترات، وهي قدرة تمتلكها بالتأكيد، وتم إثباتها بهجوم يافا المحتلة (فجر الـ 19 من تموز / يوليو 2024) وإلا ما كانت قيادة أنصار الله لتُلزم نفسها بهذه المرحلة. لكن ولكي تضمن النتائج العملية لهذه المرحلة (مثل تجاوز طبقات الدفاع الجوية الكثيرة والمسخّرة للدفاع عن كيان الاحتلال الإسرائيلي من قبلها ومن قبل المعسكر الغربي بقيادة أمريكا)، تمّ الاتفاق ما بين الطرفين على التعاون والتنسيق المشترك في شن العمليات هذه المرحلة، لا سيما لما يمتلكه العراق من أفضلية القرب الجغرافي من ساحة العمليات. بحيث يبعد العراق عن البحر الأبيض المتوسط حوالي 350 كم (خط نار)، أما اليمن فيبعد ما لا يقل عن 1850 كم (خط نار).
وهنا لا بدّ الإشارة، إلا أنه في اللحظات الأولى ما بعد حصول عملية طائرة يافا (ضد هدف في تل أبيب)، كانت أولى الشكوك في التحقيقات العسكرية الإسرائيلية بأن الطائرة قد انطلقت من العراق وليس اليمن، لكن تبين لهم فيما بعد المسار الذي سلكته هذه الطائرة للوصول الى فلسطين المحتلة.
آفاق التعاون الثنائي
وبالتأكيد نجاح هذا التنسيق والتعاون ما بين الطرفين حتى الآن، سيوسع الآفاق نحو ساحات ومجالات أخرى للتعاون، لا تقتصر على عمليات المرحلة الرابعة، مثل:
1)مواجهة قوات الاحتلال الأمريكي في العراق، وما يرتبط بها من تحركات بحرية في البحر الأحمر ومنطقة المحيط الهندي.
2)تأمين ممر بري للقوات البرية اليمنية في حال الحرب الشاملة مع كيان الاحتلال.
3)تبادل الخبرات القتالية والتصنيعية (لا سيما في مجالي الصواريخ والمسيرات).
4)التبادل المعلوماتي العسكري والأمني، خاصةً بما يتعلق بالتحركات الأمريكية والإسرائيلية، وبالشبكات والمجموعات الإرهابية التابعة لتنظيم داعش الوهابي الإرهابي.
الكاتب: غرفة التحرير