في حلقة خاصة، وجّه حزب الله الأربعاء 24 تموز / يوليو 2024 رسالة متعدّدة الأبعاد (أمنية – عسكرية – حرب نفسية) للكيان المؤقت، من خلال عرضه لمشاهد فيديو التقطتها طائرته المسيّرة "الهدهد" (الثلاثاء 23 تموز / يوليو 2024)، تظهر عمليات استطلاعية من فوق قاعدة "رامات دافيد" الجوية الإسرائيلية، التي تبعد نحو 50 كيلومترا عن الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة. وقرر الحزب نشر الفيديو في هذا التوقيت، ليكون بالتزامن مع زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
وأقلّ ما علّقت به وسائل الإعلام الإسرائيلية حول المقطع هو بأنه "مقلق جدا"، وبأنه "يوضح مدى ضعفنا، وهذه وصمة عار". وكان لافتاً ما علّق به رئيس المجلس الإقليمي لوادي يزرعيل، شلوميت شيخور رايخمان، الذي قال بأن المشاهد التي نشرها حزب الله "مزعجة للغاية. الصور مزعجة بشكل مضاعف لأن هناك من يسعى حاليا إلى إنشاء مطار عسكري ومدني مشترك، مجاور لمدينة يزرعيل". وقد خلص الخبراء الأمنيون إلى أن هناك "خطراً أمنياً حقيقياً" في إنشاء مطار طيران دولي في وادي يزرعيل، لآلاف المستوطنين في المنطقة الشمالية بأكملها، وهذا ما يعدّ إنجازاً مهماً للمقاومة.
رسائل متعدّدة الأبعاد
وقد حمل الفيديو بتوقيته ومحتوياته رسائل متعدّدة الأبعاد أبرزها:
1)التأكيد مرةً جديدة على ضعف وهشاشة الأجهزة الأمنية والعسكرية لكيان الاحتلال الإسرائيلي، بالرغم من استنفارهم لمنظوماتهم الدفاعية الجوية الى الحدود القصوى لا سيما بسبب تحسبهم للرد الهجومي اليمني: دوريات لسلاح الجو، منظومات القبة الحديدية، رادارات، وغيرها.
فالمقطع المؤلّف من 8 دقائق فقط، ولو افترضنا بأنها المدّة الحقيقية للمهمة الاستطلاعية، أظهر بأن جيش الاحتلال كان لا يعلم بوجود طائرة الهدهد فوق هذه القاعدة العسكرية المهمّة.
2)كشف حزب الله عن قدرة استخباراتية عالية، من خلال تحديده لأقسام هذه القاعدة وإيراد مهمة كل قسم (تحكم وسيطرة، مهاجع الطائرات بكافة أنواعها، مراكز الصيانة، مخازن الذخيرة، مخازن الوقود). بل وكشف الحزب هوية قائد القاعدة (غير العلنية) وبعض المعلومات حوله، وهو ما يشير الى أن لديه قدرات جمع معلومات داخل إسرائيل متنوعة المصادر (بشرية، إلكترونية،...)، وبأنه لا يعتمد فقط على طائرات الاستطلاع.
3)إظهار مقطع فيديو لمهمة استطلاع ليلي، ما يعني بأن الطائرات المسيّرة لدى الحزب مجهزةٌ أيضاً بأنظمة رؤية حرارية.
4)التلميح لسهولة استهداف أماكن محددة في القاعدة تكفي لإخراجها من الخدمة (تقاطع المدارج، مركز التحكم، مساكن الضباط والجنود،...). وهنا نتحدث عن القاعدة الجوية الموجودة في الخط الأمامي للجبهة مع حزب الله، وبالتالي فإنه قادر على إخراج القوة الجوية الأمامية لسلاح الجوي الإسرائيلي والتي تضم أسراب من المقاتلات الحربية والمروحيات القتالية، ومروحيات النقل والإنقاذ والاستطلاع البحري، بالإضافة إلى منظومات الحرب الإلكترونية الهجومية.
5)تسليط الضوء على استعداد وجهوزية المقاومة للحرب، وقدرتها على ضرب الأهداف الإستراتيجية الإسرائيلية في الساعات الأولى، وأنه في حال قررت إسرائيل تصعيد الحرب لتصبح شاملة، فإن ستواجه سيناريوهات خطيرة جداً وكارثية، خاصةً إذا ما تم استهدّاف الكادر البشري لهذه القاعدة، لإن هذا ما لا يمكن تعويضه بسهولة، على صعيد ضم طيارين وتقنيين وفنيين جدد، وهذا يستغرق سنوات من الإعداد والتدريب، وبالتالي عجز في سلاح الجو.
الكاتب: غرفة التحرير