ينظر كيان الاحتلال إلى وحدة القرار بين العواصم في طهران وبيروت وصنعاء وبغداد بقلق بالغ كما لم يكن من قبل. وعلى الرغم من الدعاية التي سوّق لها لعقود، حول "التهديد الإيراني المنتشر في المنطقة"، هذه المرة الأولى التي تكون تقف فيها إسرائيل مع الولايات المتحدة أمام صفوف متراصة طالبة للثأر حيث انشغلت غرف العمليات الغربية بسرد التنبؤات حول طبيعة الهجوم وإذا كانت حركات المقاومة تريده مركّباً أم على دفعات. اذ أن الميدان بعد الاعتداءات الأخيرة التي طالت الضاحية الجنوبية والحديدة وطهران، فرض واقعاً جديداً أشد وقعاً من الرد الإيراني في نيسان/ أبريل والذي استنفرت فيه واشنطن كافة الدفاعات الجوية الأميركية المنتشرة في المنطقة.
على الرغم من فعالية جبهات الاسناد طيلة الأشهر الماضية، إلا أن التطورات التي طرأت على الميدان بعد الاعتداءات الأخيرة، أخرجت المعركة من إطارها المحدود، إلى إطار أوسع يشمل دفاع العواصم المعنية بالأصالة عن نفسها أيضاً. وإذا كانت واشنطن قد وظفت علاقاتها مع دول المنطقة لصد الهجوم الإيراني بعد الاستهداف الإسرائيلي لمبنى القنصلية في العاصمة السورية دمشق، فهي اليوم معنية -وفق ما ألزمت بها نفسها- بحشد أنظمة الدفاع الجوي لرد الهجوم المرتقب، والذي قد يكون على غير جبهة، إذا اتُخذ القرار بذلك.
خلال الأسبوع الماضي، فعّلت واشنطن مختلف القنوات الدبلوماسية في محاولة لاحتواء الرد أو التخفيف من وطأته، وهذا ما فشلت في تحقيقه مع تأكيد طهران وحلفائها في المنطقة على وجوب الرد الذي توقع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، يوم الأحد، أن يبدأ في غضون 24 إلى 48 ساعة. بالمقابل، تحاول الولايات المتحدة أيضاً تشكيل تحالف لدعم إسرائيل كما فعلت قبل هجوم إيران في نيسان/أبريل. وتشير مجلة فورين بوليسي الأميركية في هذا الصدد، إلى أن "الدبلوماسيين الأميركيين يواجهون عقبة أكثر حدة هذه المرة لأن العديد من الشركاء الدوليين يرون أن بعض تصرفات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو - وخاصة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في إيران - استفزازية بلا داع".
تدرك واشنطن أن الاعتماد المستمر على المنظومات الجوي المنتشرة في المنطقة وفي بعض الدول العربية تحديداً قد يكون صعباً لردع هجوم كبير. خاصة وأن لهذه الدول حساباتها الداخلية والخارجية والتي قد تجبرها أحياناً للنأي بنفسها عن المشاركة. وهذا ما عبر عنه المسؤولون الأميركيون بعيد الغطاء الدفاعي الذي أمنته واشنطن في 14 نيسان/ أبريل الماضي. إلا أن ضيق الخيارات أجبر الإدارة الأميركية على اللجوء لهذه الاستراتيجية مرة أخرى.
واستعداداً لمساندة كيان الاحتلال، أعادت وزارة الدفاع الأميركية توجيه المجموعة الضاربة لحاملة الطائرات "يو إس إس أبراهام لينكولن" من المحيط الهادئ إلى الشرق الأوسط، مما أدى إلى إعفاء حاملة الطائرات "يو إس إس ثيودور روزفلت". بعد ذلك، أرسل البنتاغون المزيد من المدمرات القادرة على الدفاع الصاروخي الباليستي إلى المنطقة. كما وجه وزير الدفاع لويد أوستن سرب مقاتلات إضافي إلى الشرق الأوسط والمزيد من الدفاع الصاروخي الباليستي الأرضي.
ويقول زميل بارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، مارك مونتغمري، الذي أورد تعليقه في مقال للمجلة تحت عنوان "الجيش الأمريكي المنهك بالفعل يستعد للدفاع عن إسرائيل": نحن لا نبني جيشا يمكنه التعامل مع ثلاثة مسارح في وقت واحد. مضيفاً "يرسل الجيش الأميركي أصولاً لا يستطيع تحمل أخذها من منطقة حرجة لإرسالها إلى منطقة أخرى. لينكولن، التي من المفترض أن تغطي منطقة المحيطين الهندي والهادئ، متجهة إلى الخليج. عادت حاملة الطائرات يو إس إس دوايت أيزنهاور لتوها إلى نورفولك بولاية فرجينيا بعد انتشار مطول في قتال الحوثيين في البحر الأحمر".
الكاتب: غرفة التحرير