خلال الأسبوع الماضي اتخذ جيش الاحتلال قراراً بتجنيد أفراد من اليهود المتطرفين "الحريديم" للخدمة في صفوفه، على الرغم مما أحدثه القرار من أزمة داخل إسرائيل، في ظل خسائر بشرية في ألويته توصف بالأسوأ منذ عقود. إلا أن ما تهابه المؤسسة العسكرية وقع بالفعل، بعد فشلها في حشد العدد المطلوب لسد ثغراتها. اذ أن استدعاء 1200 عنصر من الحريديم اختتم بحضور 48 فرداً فقط، وسط مظاهرات أمام مقر دائرة التجنيد، تخللها أعمال شغب واستخدام للعنف من قبل الشرطة.
أفادت هيئة البث العبرية الرسمية بأن "48 شخصاً فقط من الحريديم حضروا الاثنين إلى مكتب التجنيد في تل هشومير (شرقي تل أبيب)، وكان من المفترض حضور ألف منهم خلال الاثنين والثلاثاء، إلى المكتب". في نسبة لم تتجاوز 5% على الرغم من تأمين المركز تعديلات التي أدخلت على نظام الفحص بما يتناسب مع "خصوصية الحريديم" بما في ذلك ما يتلاءم من نمط حياتهم وتحديد الطاقم الطبي ليشمل الجنود الذكور فقط.
اعتراضاً على القرار، تظاهر مئات المتطرفين الأرثوذكس في تل هشومير واشتبكوا مع الشرطة من أجل تعطيل وصول المجندين. وبعد أن تمكن البعض من اقتحام القاعدة، توجهوا إلى القيادة العسكرية فيها: "لقد ذكرناك بـ 7 أكتوبر، ستفهم ما سيحدث إذا واصلت التجنيد".
كما ألقى عدد منهم زجاجات على ضباط الشرطة عبر السياج، وهم يهتفون: "عطلوا عمل القاعدة". وينقل موقع واينت العبري مشاهد توثق الشرطة تهدد المتظاهرين لعدم الاقتراب من السياج وإلا أطلقت النار على رؤوسهم".
أدان الجيش اقتحام القاعدة، وأكدت الشرطة في بيان لها على أنه "تم اعتقال 21 من مثيري الشغب وإصابة 3 من رجال الشرطة في الاشتباكات". مضيفة أن "مئات المتظاهرين الذين وصلوا إلى مكان الحادث بنية اقتحام القاعدة العسكرية، واجهوا الشرطة بعنف، وألقوا أشياء، وحاولوا مراراً اختراق حواجز الطرق، وألقوا الأسوار، وحتى خاطروا بحياتهم واستلقوا تحت الشاحنات وحتى ثقبوا العجلات". ووصفهم بالنازيين.
تزيد قضية تجنيد الحريديم من انقسام الشارع الإسرائيلي. اذ يعتبر اليهود المتطرفين أنهم مستثنون من التجنيد لاعتقادهم أن المطلوب منهم لا يتجاوز تعلم التوراة لا شيء دون ذلك، حتى العمل. وتتكبد الحكومة الإسرائيلية مبالغ طائلة لتأمين احتياجاتهم.
تنقل صحيفة معاريف العبرية عن أحد المتظاهرين من الحريديم قوله: "أفضّل أن تأتي حماس إلى هنا وتقتلني على الانضمام إلى الجيش". مضيفاً "أنتم تريدون دمجي في المجتمع الإسرائيلي. ولن أوافق تحت أي ظرف من الظروف على الاندماج في المجتمع الإسرائيلي. ولهذا سأموت، لأن ذلك يتعارض مع قيمي". معتبراً أن "إعلان الاستقلال يقول ثلاث مرات يهودية، وليس حتى مرة واحدة ديمقراطية. وأسمع طوال اليوم، "الديمقراطية، الديمقراطية، الديمقراطية".
من جهته قال متظاهر آخر أن "الاعتقاد أن هناك مساواة في العبء كذبة. لأنه إذا خرج الجيش وهو يصرخ بأنه لا يوجد مقاتلون، فلا يمكنك أن تؤيد هذا الادعاء... يوجد لكن لا يريدون الانضمام".
لم يقتصر الحدث على تلك المظاهرات وحسب، بل ان الجدل بدأ من أعلى الهرم السياسي والعسكري، حيث دعا رئيس لجنة الخارجية والأمن بالكنيست يولي إدلشتاين، لعقد جلسة طارئة اليوم لمطالبة الجيش بتوضيحات عن إعلانه استدعاء الحريديم للخدمة العسكرية.
يواجه الجيش هذا الانقسام الداخلي والنقص في عديده مع استمرار حربه في قطاع غزة. وعلى الرغم من أنه يبدي قلقه المتزايد من حرب متعددة الجبهات، كونه غير قادر على تحمل هذا الكم من الضغوط النارية، إلا ان الفجوة بين المؤسسة العسكرية والمستوى السياسي آخذة بالاتساع، بشكل ينذر بالأسوأ بحسب توصيف وسائل الاعلام الإسرائيلية.
الكاتب: غرفة التحرير