الإثنين 12 آب , 2024 04:40

هذا ما يريده نتنياهو فعلاً

منذ اندلاع معركة طوفان الأقصى، جراء العملية النوعية للمقاومة الفلسطينية، التي تسببت بإخفاق استراتيجي لسلطات الكيان السياسية والأمنية والعسكرية، وما تلاها من عدوان أمريكي إسرائيلي على قطاع غزة، تسبّب بارتقاء آلاف الشهداء من الأطفال والنساء والرجال. كانت الإشكالية الأبرز لدى المحللين والخبراء والمتابعين، هو التيقّن مما يُريد بنيامين نتنياهو تحقيقه من هذا العدوان الغاشم. فبرزت العديد من الفرضيات والآراء والتوقعات حول ذلك، إلا أنّ الفرضية الأكثر ترجيحاً منها، هو أن نتنياهو يُريد من خلال هذه المعركة التخلّص من مشكلة قطاع غزة ومقاومته بشكل نهائي وصفري (معركة رابح وخاسر) دون الوصول الى حرب إقليمية أو حتى الى حرب على لبنان لأن حصول ذلك سيكون كارثياً على الكيان، وهذا ما أعلن عنه فعلياً منذ الأيام الأولى للعدوان. وأقلّ ما يريده هو استمرار الحرب حتى مجيء دونالد ترامب رئيساً لأمريكا من جديد.

الهدف الأساسي: تحويل قطاع غزة الى أرض غير قابلة للحياة

ومن خلال استعراض مسار التطورات في هذا العدوان، الى يومنا هذا (اليوم الـ 310 من المعركة – 12/08/2024)، يمكننا ترجيح هذه الفرضية وفقاً للشواهد العديدة، وهذه أبرزها:

_ الدمار غير المسبوق تاريخياً:

وفقاً لمركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية UNOSAT، تم تقييم ما نسبته 63% من المباني في قطاع غزة، على أنها مدمرة أو متضررة (شديدة، متوسطة أو غيره)، في مطلع شهر آب / أغسطس الحالي. وهذا ما يدّل على أن إعادة إعمار هذه المباني إذا ما انتهت الحرب لصالح إسرائيل – لا سمح الله -، سيتطلب إمكانيات مادية ولوجستية لا يُمكن تأمينها إلا بموافقة إسرائيلية (حكومة نتنياهو وضعت في خطتها لليوم التالي ما بعد الحرب شروطاً تعجيزية للإعمار تخولها السيطرة فعلياً عليه).

_ الاستهداف المدمّر والممنهج لكافة أنواع المؤسسات (الخاصة والعامة)، من مدارس وجامعات ومصانع وغيره، بهدف تعطيل كل أشكال الحياة (تعليم وعمل)، وشلّ القطاع الصحي والاستشفائي.

_ إفشال نتنياهو لمسار التقدم في المفاوضات بشكل متكرر عبر المجازر:

1)مجزرة الطحين التي ارتقى خلالها 112 شهيداً والتي حصلت في ٢٩ شباط / فبراير 2024، بعد أيام من انطلاق مفاوضات الدوحة (26 شباط / فبراير منه).

2)مجزرة الخيام في 26 أيار / مايو 2024، التي راح ضحيتها 45 شهيداً، والتي تزامنت مع انطلاق مباحثات التهدئة في الدوحة.

3)مجزرة النصيرات في 8 حزيران / يونيو 2024، التي قضى خلالها 274 شهيداً، والتي نفذها الاحتلال قبل يومين من زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، مما أفرغها من مضمونها قبل حصولها.

4)مجزرة الفجر في مصلى التابعين التي ارتقى خلالها 100 شهيداً والتي حصلت في 10 آب / أغسطس، قبل 5 أيام من موعد اجتماع الوسطاء الثلاثة (قطر ومصر والإدارة الأمريكية).

_ إصرار نتنياهو على أن الكيان أمام خيار واحد هو "النصر"، الذي كرّره في خطابات متعددة وأبرزها أمام الكونغرس الأمريكي، والذي يعني وفقاً له إنهاء وجود المقاومة في غزة نهائياً حتى لو أدى ذلك الى استمرار الحرب لسنوات.

_ منع النازحين من الاستقرار في أماكن نزوح محددة، بحيث بلغ عدد مرات نزوح نسبة كبيرة منهم أكثر من 10 مرات خلال العدوان، أما نسبة النازحين بشكل عام فقد بلغت 1.8 مليون شخص.

_ المحاولة المتكررة مع مصر، من أجل ترحيل النازحين إليها (تحت مزاعم أن الترحيل سيكون مؤقتاً)، وهو ما تعلم السلطات المصرية بأنه من المستحيل ضمان حصوله.

صمود الشعب والمقاومة الفلسطينيين واستمرار جبهات الإسناد يدفع نحو الخيار الثاني

لكن أمام صمود الشعب والمقاومة الفلسطينيين، واستمرار جبهات الإسناد، في حرب استنزاف كيان الاحتلال طوال هذه الأشهر (عسكرياً، مالياً، وعلى صعيد القتلى والجرحى)، فإن نتنياهو قد يلجأ الى استمرار في هذا العدوان الى ما بعد حصول الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وفوز حليفه فيها، أي دونالد ترامب، لأن ذلك سيمكّنه من استثماره لدى الأخير، والحصول على ما يعتقد بأنه أفضل صفقة تُخرجه رابحاً من هذه المعركة (أولويته هي الربح على المستوى الشخصي).


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور