الثلاثاء 24 أيلول , 2024 01:20

"سهام الشمال": التصعيد لخفض التصعيد... رهان فاشل!

قصف صاروخي على المستوطنات في شمال فلسطين المحتلة

"سهام الشمال" الاسم الذي أطلقته قيادة الاحتلال الإسرائيلي على عدوانها تجاه لبنان، والهدف من هذه العملية العسكرية حدده وصادق عليه الكابينت الإسرائيلي: "إعادة مستوطني الشمال الى منازلهم وسحب قوات حزب الله الى ما وراء الليطاني". يضاف هذا الهدف الذي استحدثه نتنياهو لإطالة أمد الحرب، الى مجموعة من الأهداف التي تتراكم منذ السابع من أكتوبر، وفشل الكيان حتى الآن في تحقيقها. فالكيان المتجه نحو الشمال، لا يزال يتكبد الخسائر البشرية والمادية في غزة، بالمقابل فإن المقاومة الفلسطينية لا تزال حاضرة في الميدان، قيادة وتشكيلات، تدير حرب الاستنزاف بدقة وذكاء.

في عدة ساعات فقط، ألقى سلاح الجو الإسرائيلي ما مجموعه 1400 قنبلة، نحو 1800 هدف مدني وعسكري بين الجنوب والبقاع اللبناني بحسب ادعاءاته، ليخرج وزير الحرب يؤاف غالانت ويقول انه قضى على أكثر من 50% من قدرات حزب الله الصاروخية!، ليعود ويبدأ إعلامه بالتراجع تدريجيا وتذكيره ب"حرب لبنان الثانية". فيما لم تهدأ صواريخ المقاومة التي صدحت اصواتها في انحاء الجنوب الصامد لتنفي مزاعم جيش الاحتلال.

لا شك ان المنحى الذي اتخذته حكومة نتنياهو هو منحى تصاعدي متوقع، خاصة في ظل انعدام الأفق السياسي، وسط إصرار نتنياهو على التحكم بمجريات المفاوضات وفق مصالحه الشخصية، وبالتالي لم يكن امام العدو الإسرائيلي الا التصعيد وفق هذه الاستراتيجية: " التصعيد لخفض التصعيد". بيد ان هذه السردية، التي فشلت في قطاع غزة، لن تنجح يقينا في لبنان، خاصة وان الظروف والعوامل العسكرية تختلف بين لبنان وغزة، وبالتالي فإن الضغط العسكري الذي يلّوح به نتنياهو لن يفلح في كسر إرادة حزب الله في مواصلة اسناده غزة الذي تحول الى "حساب مفتوح".

بات واضحا انه لا يمكن لحزب الله ان يوقف جبهة الاسناد، وبالتالي فإن التصعيد الإسرائيلي لن يفلح في تحقيق نتائجه، لذلك نحن امام عدة سيناريوهات:

السيناريو الأول: استمرار القصف الجوي على شكله الحالي في إطار الهجمات النارية الواسعة التي تطال مناطق مختلفة من الجنوب والبقاع اللبناني ضمن هذا الحد المرسوم.

السيناريو الثاني: توسيع جيش الاحتلال لدائرة النار لتشمل مناطق جديدة بما في ذلك جبل لبنان وضاحية بيروت الجنوبية في إطار تعزيز الضغط العسكري على حزب الله.

السيناريو الثالث: مع فشل القصف الجوي والهجمات النارية، قد يلجأ الجيش الإسرائيلي الى خيار العمل البري المحدود وذلك من اجل تحقيق مزيد من الضغط العسكري، وفي محاولة لفرض معادلات جديدة.

السيناريو الرابع: اليأس الإسرائيلي من الخيار العسكري والإقرار بفشل التصعيد وبالتالي التوجه نحو الخيار والتسوية السياسية.

بالمنظور العام، كل السيناريوهات قابلة للتحقق، الا ان خيار التوصل الى تسوية سياسية غير مرجح في الوقت الحالي، خاصة في ظل التعنت والتكبر الإسرائيلي، إضافة الى غياب الجهات الدولية الفاعلة وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية التي أعطت الضوء الأخضر للعمل العسكري، ويرجح ان الإدارة الامريكية أعطت الموافقة لنتنياهو لكن قد تكون موافقة مشروطة بمنع جر لبنان والمنطقة الى الحرب الشاملة خوفا على المصالح الامريكية، إضافة الى وجود مهلة زمنية محددة، خصوصا مع اقتراب الانتخابات الامريكية.

أما حزب الله، فمن الواضح ان قيادته تعمل بهدوء وبذكاء عالي، وتحاول بقدر كبير التصدي للتصعيد والعدوان الإسرائيلي بشكل تدريجي واحتواءه منعا لتفاقم الأوضاع، كما وتركز المقاومة على إحباط الهدف وتحقيق النصر من خلال منع العدو من إعادة المستوطنين الى الشمال. لذلك وكرد على العدوان الواسع، وسّعت المقاومة من نيرانها لتطال مدينة حيفا ومحيطها وصولا الى شرق تل ابيب على بعد 120 كلم من الحدود اللبنانية لتدخل المزيد من المستوطنين في دائرة النار، وهو تحد واضح لحكومة العدو بأن القدرات العسكرية لا تزال سليمة وان الآتي أعظم.

أما على مستوى المحور، فلا شك ان الجميع لا يرغب بتوسيع رقعة الحرب نحو حرب شاملة، لكن هذا لا يعني ان جبهات المقاومة ستظل على المستوى الحالي، بل ستشهد الأيام المقبلة ارتفاعا ملحوظا على مستوى العمليات خاصة في حال قرر العدو الإسرائيلي التمادي اكثر، وسيكون عنوان المرحلة القادمة "التصعيد يقابله التصعيد".


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور