سعى الكيان المؤقت منذ بداية معركة طوفان الأقصى ودخول حزب الله في جبهة إسناد لغزة، إلى العمل على إخلاء منطقة جنوب لبنان لإنشاء منطقة عازلة حتى نهر الليطاني، محاولاً فرض ذلك بالقوة أو بالحل الدبلوماسي، في ظل رفض المقاومة لهذه المخططات والإجراءات والسعي لإفشالها وإحباطها. وجاء طرح هذا الموضوع على لسان العديد من قادة الكيان ومسؤوليه ومحلّليه، منذ بداية طوفان الأقصى وخاصة في الأشهر الأخيرة والتي جاءت على الشكل التالي:
- الدخول في مناورة عنيفة في جنوب لبنان (عدّة كيلومترات)، لخلق منطقة عازلة حتى يتمكن سكان الشمال من العودة إلى منازلهم، على إيقاع التبادل المتواصل للقصف.
- إنشاء منطقة أمنية عازلة في عمق 7-15 كيلو داخل لبنان في خطوة لن تؤدي الى حرب شاملة مع لبنان في حال تنفيذها وذلك من خلال الوسائل الدبلوماسية أو العسكرية.
- سعي الكيان لخلق نوعًا من "المنطقة الميتة" التي تبقي عناصر حزب الله بعيداً عن الحدود مع الكيان.
- هزيمة حزب الله عسكرياً بواسطة احتلال معظم لبنان وتدمير البنى التحتية والقضاء على معظم مقاتليه.
- إقامة حزام أمني كالذي أقيم في ثمانينات وتسعينيات القرن الماضي.
- إيجاد فضاء آمن للمستوطنات الإسرائيلية في الشمال، لإفشال إمكانية اقتحام قوة الرضوان لها، وبالتالي تعرية خط التماس من قدرة الإغارة للقوة.
- التوصّل لمعاهدة مع لبنان تضمن تطبيقاً مختلفاً تماماً لقراري مجلس الأمن رقم 1559 و1701.
اتجاهات العدوان
- تهدف العملية البرية إلى:
أ- احتلال منطقة عازلة بعدة كيلومترات في جنوب لبنان وتأمين عودة مستوطني الشمال، دون الوصول لحرب شاملة.
ب- حرب شاملة مع حزب الله، تستبيح خلالها "إسرائيل" كل لبنان وتحتل مساحة من جنوبه وتحقّق هزيمته وتدمّر بنيته التحتية.
ج- تقليص قدرات حزب الله وردعه.
د- تحقيق اتفاق 1701 محسّن وقابل للتنفيذ، يدفع بحزب الله إلى شمال نهر الليطاني ويزيل تهديد إطلاق النار بشكل مباشر واقتحام مستوطنات الشمال.
- التوصّل لتسوية سياسية: تُغيّر الوضع في جنوب لبنان من أساسه مقارنة مع 8 تشرين الأول، وتمكّن من عودة مستوطني الشمال إلى بيوتهم، على أن تتمّ هذه التسوية بظروف موثوقة والاستعداد المناسب لليوم التالي، ممّا يؤدي إلى الامتناع عن القيام بعملية برية.
- قيادة الولايات المتحدة لاتفاق مع لبنان يضمن تطبيقاً مختلفاً لقرارَي مجلس الأمن رقم 1559 و1701؛ بحيث يستند التطبيق هذه المرة إلى منظومات رقابة وإنفاذ أقوى كثيراً، وإلى إغلاق الحدود السورية اللبنانية، ومنع عمليات تهريب السلاح. كما يضمن نزعاً تاماً للسلاح في المنطقة الواقعة جنوب خط الليطاني، والتعامل مع هذه المطالب بصفتها مطالب لا تقبل التفاوض أو المهادنة، وتوفر لإسرائيل شرعية العمل ضد تنامي العمل العسكري في لبنان، كما فعلت في سوريا قبل الحرب.
- اجتياح بري واسع النطاق: تدفيع ثمن باهظ للقرى الحدودية الداعمة للمقاومة، سواء عبر الإغارات البرية، أو الهجمات الجوية، ولاحقاً، بواسطة قوة دولية تملك صلاحيات كبرى، ويتم نشرها على الحدود.
تواجه المقاومة في المنطقة الحدودية محاولات التوغل التي يقوم بها جيش الاحتلال الذي وصل إلى أطراف بعض القرى المتاخمة للشريط: يارون، كفركلا، مارون الراس، بليدا. وتتقدم قوات المشاة الإسرائيلية بعد عشرات الغارات والقصف المدفعي الكثيف على المناطق المحيطة بخطوط التقدم، لكنها تتعرض للكمائن والعبوات والقصف المدفعي، وتميزت الاشتباكات بمواجهات سريعة وصغيرة النطاق، لكن دفع الاحتلال ثمناً لكل تقدم. ولا يزال الكيان يحاذر بالزج بقوات المدرعات بانتظار تثبيت نقاط التأمين من خلال قوات المشاة، ليسمح للآليات بالتقدم، حيث يتوقع أن تتعرض لكمائن صواريخ مضادة للدبابات.
صمود المقاومين في الخط الأمامي تحت القصف المتواصل وتصديهم للتوغل الإسرائيلي هو بحد ذاته تأسيس للمرحلة المقبلة التي ستشهد استنزافاً كبيراً لجيش الاحتلال في العديد والدبابات. ومن المتوقع استمرار المحاولات من قبل جيش الاحتلال على المستوى البري، ووصوله إلى نقاط داخل الأراضي اللبنانية، مع احتمال أن تكون تكلفة تلك المحاولات سبباً في إعادة النظر في استراتيجية الحرب على لبنان، وفتح الخطوط الدبلوماسية على مصرعيها، كانعكاس للنتائج الميدانية ومخرجاته سواء بنجاح التوغّل أو فشله.
ختاماً، لا بد من الإشارة إلى البيان الهام الذي أصدرته غرفة عمليات المقاومة الاسلامية في لبنان، والتي أكدت فيه التزامها بكلام نائب الامين العام وكررت تأكيداته حول ترميم معظم الهيكل العامل في وحدات واختصاصات المقاومة بما فيه منظومة القيادة والسيطرة. وحمل البيان نبرة تحدٍ واضحة للكيان الإسرائيلي، وأظهر ثقة عالية بقدرات المقاومة وإصراراً على مواصلة القتال. كما حاول البيان رفع معنويات اللبنانيين وطمأنتهم بأن المقاومة قادرة على حمايتهم والانتصار.
الكاتب: غرفة التحرير