شكل الأسبوع الممتد من ٩ الى ١٥ اكتوبر من المواجهة والتصعيد والتصدي للحرب الاسرائيلية العدوانية على لبنان، تطورًا كبيرًا في مختلف مجالات وتخصصات المقاومة، وانهى بحسم قاطع كل النقاش والجدل حول استعادة عافيتها وتحولها إلى مرحلة إعادة بناء المعادلات وتثبيتها بعد تمادي العدو في غطرسته وهمجيته.
وشكل رقم العمليات المنفذة 188عملية، ونوعيتها ومجالها الدليل الحسي النهائي الذي فرض على مستويات العدو المختلفة إعادة النظر في تقييمها لبرنامج الضربات القيادية والتسليحية والبشرية والاقرار بأن حجم الضرر محدود جدًا لدى حزب الله، وأنه تعافى بسرعة وأن امكانياته بالأرقام أبعد من أن يؤثر على فعاليته، حتى هذا الكم الهائل من النيران الذي تعرض له هو وبيئته الحاضنة. وبالتالي، أفهمت قيادة المقاومة ومجاهديها بالنار والميدان قيادة العدو وجيشه وجمهوره بأن ما هو متوافر على كل المستويات أبعد من كل التصورات والحسابات الاسرائيلية والأميركية التي تسرعت- كما فعلت في عدوان تموز 2006 - قبل أن تدفع ثمنًا باهظًا في حينه ولا تزال تتلمس الفرص لتعويضه والتخلص من تبعاته.
سيتم في هذه القراءة، تحليل موحز لمجريات الأحداث من 9 إلى 15 أكتوبر، مع بعض الاستنتاجات الموجزة قبل عرض الاستنتاج العام.
1-تميز يوم الأربعاء 9 اكتوبر بتوسع نطاق المواجهات البرية بعد تزايد محاولات تسلل اسرائيلية (8 محاولات) من عدة مناطق ابرزها بليدا، اللبونة، سهل طوفا في ميس الجبل ومحيبيب، ونواحي عدة باتجاه ميس الجبل ورأس الناقورة من ناحية المشيرفة، وتصدت لها مجموعات المقاومة المنتشرة على الحافة الامامية واستخدمت اسلحة مختلفة، واحبطت في رأس الناقورة بمحلقة انقضاضية للمرة الاولى محاولة التقدم الاسرائيلية، فيما استخدمت العبوات الناسفة والقذائف المدفعية والاسلحة الصاروخية وصواريخ موجهة وصليات صاروخية اصابت قوات المشاة الصهيونية بخسائر محققة اعاقت تقدمها في المناطق المذكورة اعلاه. واندلعت اشتباكات عنيفة بين المقاومين ونخبة العدو في تلك المناطقن كما وواكبت المقاومة عمليات التصدي والاشتباك هذه بـ 12 عملية استهداف بصليات صاروخية كبيرة لتجمعات قوات العدو العسكرية في عدة مواقع حدودية وفي عدد من المستوطنات (كريات شمونة، كفرجلعادي، مسكفعام، المنارة، صفد، حتسور، امنون شمال طبريا)، فضلًا عن قصف قاعدة راعم العسكرية جنوب الجولان ومنطقة زوفولون شمال حيفا بصليات صاروخية كبيرة. وامتاز هذا اليوم بالتناغم والتكامل بين عمل المجموعات القتالية على الحافة الامامية وبين الوحدة الصاروخية التي وزعت نيرانها في مديات متعددة لارباك عمليات الاسناد والدعم للقوات الحدودية وتأكيدًا على استمرار انكشاف تلك القوات لاسلحة المقاومة المتعددة، وبلغ مجموع العمليات 22.
2-تميز يوم الخميس 10 اكتوبر بتنفيذ 20 عملية تركز جزء كبير منها في محاولة ارباك تحشدات العدو العسكرية الخلفية عبر قصفها بصليات صاروخية متكررة ومتنوعة في اعماق متعددة بدءًا من المواقع الحدودية (موقع المرج) وصولًا الى مستوطنات بيت هلل، معيات باروخ، كفرجلعادي، المنارة، يرؤون وثكنة يفتاح بمجموع 9 عمليات قصف. وبالتزامن كانت قوات المقاومة تتصدى لعدة محاولات تحرك وتقدم لقوات العدو في ميس الجبل من تل المجدل ومنطقة الكنيسة بين ميس الجبل ومحيبيب ومحيط جبانة يارون. وكان الأبرز هذا اليوم هو تدمير واحراق دبابة اسرائيلية اثناء تقدمها نحو منطقة رأس الناقورة. وبعد هذا التصدي حاولت قوات العدو تحت غطاء ناري كثيف سحب القتلى والجرحى بدءًا من الواحدة والربع عصرًا حتى الثامنة وخمس دقائق مساءًا بحسب بيانات المقاومة، حيث تم التصدي واحباط اربع محاولات لسحب العسكريين الصهاينة القتلى والجرحى من منطقة رأس الناقورة، عبر استهدافها بصليات صاروخية، مما يظهر تفوقاً ميدانياً واستحكاماً نارياً في منطقة ضيقة عطلت هذه المهمة الأساسية التي تعني الكثير لجيش العدو بخصوص الحفاظ على ما يتبقى من جرحى عسكريين ومنع أسرهم مع القتلى بعد الانطباعات التي تشكلت لدى هذه القوات بتخلي المستوى السياسي عنهم.
أما الزخم الناري الصاروخي للمقاومة فغطى مستوطنتي كريات شمونة وكرمئيل ومنطقة زوفولون شمال حيفا بصليات كبيرة.
بيان غرفة عمليات المقاومة الاسلامية لخص نتائج هذا اليوم وما سبقه بالتأكيد أنها تمت بالتنسبق العالي الكامل واللحظوي بين قيادة المقاومة الاسلامية وغرفة العمليات وصولاً للاخوة المرابطين على خطوط المواجهة الامامية، وان العدو وبعد أيام من ما اسماها المناورة البرية في جنوب لبنان لا يستطيع ان يظهر دباباته وآلياته العسكرية خوفاً من استهدافها ويموضعها في اماكن غير مكشوفة ورغم ذلك يتم استهدافها. أما التقدم الى اطراف بعض القرى والوصول الى بعض المنازل فهو لأخذ الصور وتنظيم زيارات اعلامية. ويبدو ان العدو بات مقتنعًا بصعوبة المهمة على المدى البعيد وكلما تقدم بعيدًا عن المناطق والنقاط الحدودية، لذلك يحاول ان يبرر عجزه امام بضعة مئات من المقاومين مقابل الآلاف من عسكريين ونيرانه غير المسبوقة ببعض الاستعراضات الاعلامية التي يسوقها كإنجازات بعد أسبوعين من انطلاق العملية البرية.
وبدءًا من هذا اليوم، خطت المقاومة الاسلامية خطوة كبيرة الى الامام بإطلاق تحذير رسمي الى "المستوطنين الذين يقيمون قرب قواعده العسكرية التي تدير العدوان على لبنان في المدن المحتلة الكبرى كحيفا وطبريا وعكا وغيرها، وكذلك المنازل في المستوطنات التي يتموضع فيها ويقيم بجوارها تجمعات عسكرية". فهي اصبحت أهداف للقوة الصاروخية والجوية ولذلك تحذرهم من مخاطر التواجد بقربها حفاظاً على حياتهم وحتى اشعار آخر.