الخميس 24 تشرين أول , 2024 02:36

"مؤسسة القرض الحسن" ليست هدفاً عسكرياً استهدافها جريمة حرب

جمعية مؤسسة القرض الحسن

مؤسسة القرض الحسن "جمعية مالية اجتماعية" تابعة لحزب الله، تأسست عقب الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، وحصلت على الترخيص الرسمي من وزارة الداخلية اللبنانية عام 1987. يدّعي العدو الاسرائيلي ومن وراءه وزارة الخزانة الامريكية أنها مصرف تابع للحزب، وبالتالي يحق لمكتب مراقبة الاصول المالية الامريكي تسليط عقوبات عليه باعتباره مصدر لتمويل "لنشاطات منظمة ارهابية"، لكن الواقع العملي ومقتضيات تأسيس هذه المؤسسة يثبت أنها "جمعية تكافلية" تسعى لمساعدة اللبنانيين من كل الطوائف، وليس فقط بيئة المقاومة اللبنانية.

تهدف الجمعية إلى تقديم "قروض حسنة" بدون فوائد، مركزة على دعم الفئات المحتاجة وتقديم قروض لتغطية الاحتياجات الاجتماعية والإنتاجية. وقد توسعت فروعها لتصل إلى 34 فرعاً حتى العام 2023.

ظلت هذه المؤسسة في تقدم مستمر وتطور على كافة المستويات منذ ترخيصها لتلبية احتياجات اللبنانيين المتزايدة فيما يتعلق بالقروض. وعملها هو ذو طابع خيري واجتماعي بالأساس، وهي ليست مصرفاً وإنما هي جمعية تستقطب المساهمات من أهل الخير، وتقدمها قروضا بدون فوائد لكل الناس المحتاجين لها ولآجال ميسرة.

كما أنّ سياستها تقوم على تقديم القروض دون تمييز على أساس ديني أو مذهبي أو مناطقي أو غير ذلك، وأنها تحرص على إشراك الأفراد في مشروع الإقراض، وتشجيعهم على التضامن والتعاون من خلال مساهماتهم المختلفة. كما أنها تتبع سياسة منح القروض لتلبية الاحتياجات الاجتماعية أو الإنتاجية، والتركيز على إعطاء القروض الصغيرة على فترات سداد قصيرة. وتعمل الجمعية على تبسيط إجراءات طالبي القروض، وتقليل التعقيدات الإدارية، والعمل على اعتماد ضمانات مالية وعينية مقابل القروض الممنوحة لضمان استمرارية عملها.

تقدم جمعية "مؤسسة القرض الحسن" مجموعة متنوعة من الخدمات، تشمل عدة أشكال من القروض، ومنها:

- صناديق التعاون الاجتماعي: حيث تشجع الجمعية الأشخاص المقربين فيما بينهم على إنشاء صندوق تعاون اجتماعي مشترك، يمكنهم من الحصول على قروض سهلة السداد، دعماً وتعزيزاً لمفهوم التكافل والتعاون فيما بينهم.

- قروض مضمونة من المساهمين: وفيها يرعى المساهم أو المشارك طالب القرض بمبلغ لا يتجاوز المساهمة المالية، ويتم سداد القرض على مدى فترة لا تتجاوز 60 شهراً على أقساط شهرية متساوية تبدأ بعد شهر واحد من تاريخ استلام القرض.

- قروض إيداع الذهب: يرهن مقدم طلب القرض كمية من الذهب تتجاوز قيمة القرض المطلوب، بحد أقصى يبلغ 6000 دولار، ويتم سداد القرض على شكل أقساط شهرية متساوية، بحيث لا تتجاوز فترة السداد القصوى 36 شهراً. كما تقدم الجمعية أيضاً خدمة حفظ وتخزين الذهب، بحد أقصى يبلغ 5000 غرام، لمدة لا تتعدى 16 شهراً. وتحدد رسوم الخدمة بناء على وزن وعيار الذهب وفترة تخزينه.

- صناديق التعاون الريفي: وفقا للجمعية، يتكون أعضاء الصندوق التعاوني الريفي من أفراد ينتمون إلى المدينة نفسها أو الحي نفسه، ويتراوح عددهم بين 20 إلى 70 مشاركاً، يساهمون بمبلغ أدناه 10 دولارات كل شهر، ويصل الحد الأقصى لقيمة القرض إلى خمسة أضعاف مبلغ المشاركة.

- صناديق تعاون الموظفين: يتكون الصندوق من موظفين في الجمعية نفسها أو في مجموعة من الجمعيات المختلفة، يتراوح عددهم بين 7 إلى 50 شخصا، يساهمون بمبلغ أدناه 10 دولارات، ويصل الحد الأقصى لقيمة القرض إلى خمسة أضعاف مبلغ المشاركة.

- صناديق الجمعيات والمؤسسات: حثت "مؤسسة القرض الحسن" الجمعيات والمؤسسات الأخرى على إنشاء صناديق التضامن والرعاية الخاصة بها، من أجل موظفيها أو المستفيدين مدى الحياة، وتدعم هذه الصناديق مالياً بمبالغ محددة وفقاً لعدد المشاركين، ورصيدهم المالي، وتاريخ تأسيس الصندوق. كما تقدم الجمعية قروضاً أخرى مثل قروض لتركيب نظام الطاقة الشمسية، وقروض المهن والحرف لمساعدة الأفراد والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في تأسيس أو تطوير أعمالهم، وقروض للمساعدة في شراء أو بناء سكن، وأخرى للمساعدة على الزواج.

يذكر أنه في عام 2006، كان للجمعية 9 فروع، دمر العدو الصهيوني 6 منها في بعلبك وبيروت وجنوب لبنان أثناء حرب يوليو/تموز من العام نفسه. تعرضت جميعة القرض الحسن لعقوبات بين عام 2007 و2016 حيث فرضت الولايات المتحدة الأميركية عقوبات على المؤسسة، واتهمتها "بنقل أموال بشكل غير مشروع" إلى حزب الله، وبأنّها "تقوض استقرار الدولة اللبنانية". كما فرضت في السياق ذاته عقوبات على أشخاص قالت إنهم على صلة بـ"حزب الله" وبمؤسساته المالية. ووصفتها وزارة الخزانة الأميركية بأنها "مصرف حزب الله الأسود".

في أعقاب الانهيار الاقتصادي الذي ضرب لبنان عام 2019، أطلقت الجمعية قروضاً جديدة تستهدف المشاريع الزراعية والصغيرة والحرف اليدوية، وتصل قيمتها إلى 80 مليون ليرة لبنانية لفترة سداد تصل إلى 60 شهراً. وقد اتسعت قاعدة العملاء بعد عام 2019، لتشمل كافة شرائح المجتمع ومختلف الطوائف لا سيما في المناطق التي تتواجد فيها فروع المؤسسة. وفي ديسمبر/كانون الأول 2020، تعرضت الجمعية لعملية قرصنة لحساباتها في كل فروعها من مجموعة أطلقت على نفسها اسم "سبايدرز"، وقد تمكن القراصنة من الحصول على تسجيلات الكاميرات المثبتة في الفروع، ولوائح بأسماء المقترضين والمودعين، وتفاصيل أخرى.

وتتعرض مؤسسة القرض الحسن باستمرار للتهديد من الكيان الصهيوني في كل مواجهة مع لبنان، ففي حرب 2006، دمرت الغارات الإسرائيلية ستة من فروع المؤسسة. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2024، دعا الجيش الإسرائيلي اللبنانيين إلى الابتعاد عن مقرات وفروع المؤسسة، وهدد بقصفها. وفي مساء الأحد 20 من الشهر نفسه قصف الاحتلال فروعا للجمعية في بعلبك والهرمل وبرج البراجنة والشياح ورياق ومناطق أخرى. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري،  تبريرًا لجريمته، إن المؤسسة "تشارك في تمويل النشاطات الإرهابية لحزب الله ضد إسرائيل".

من هذا المنطلق يبدو هذا العمل الاجرامي المصرّح به علناً من قبل جيش العدو الصهيوني منطلقاً لثبوت انتهاكات جسيمة لقواعد واتفاقيات القانون الدولي الانساني الذي يلزم الاطراف المتحاربة في أي نزاع مسلح بتجنب استهداف المنشآت المدنية والبنى التحتية التابعة لها لأن خلاف ذلك يعتبر انتهاكاً للقوانين ويستوجب المحاسبة والمساءلة الدولية للطرف المعتدي.

استهداف مؤسسة القرض الحسن انتهاك للقانون الدولي الانساني

يحدّد القانون الدولي الإنساني أحكاماً للحماية العامة للممتلكات والأشياء المدنية. إذ يحظر الهجمات، والأعمال الانتقامية أو أعمال العنف الأخرى ضدّ مثل هذه الممتلكات في النزاعات الداخلية والدولية.

كما يحدّد القانون الدولي الإنساني أحكاماً معينة أخرى لتعزيز حماية بعض من هذه الممتلكات. وترتبط هذه الحماية المحدّدة أحياناً بحقيقة أن هذه الممتلكات المعنية تحمل شارة مميزة تحظى بحماية القانون الإنساني، وهذه الحماية تغطيها أحكام القانون الإنساني التي تنطبق على النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية. وأقرت دراسة القانون الدولي الإنساني العرفي التي نشرتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر في عام 2005 بأن هذه الأحكام ملزمة في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية على السواء (ماعدا الاستثناءات النادرة). وبالتالي، فإن هذه الأحكام ملزمة لكل أطراف النزاع حتى لمن لم يوقعوا أو لا يمكنهم توقيع الاتفاقيات مثل الجماعات المسلحة من غير الدول.

وتخصُّ مثل هذه الحماية المعززة ممتلكات مثل:

- الوحدات الطبية، والمركبات، ووسائط النقل الأخرى (البروتوكول 1 المادتان 12 و21، والبروتوكول 2 المادة 11، القاعدتان 28 و29 من دراسة القانون الدولي الإنساني العرفي) ؛

- الأعيان الثقافية وأماكن العبادة (البروتوكول 1 المادة 53، والبروتوكول 2 المادة 16، القواعد 38-41)؛

- حماية الأشياء التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين (البروتوكول 1 المادة 54، البروتوكول 2 المادة 14، القاعدة 54)؛

- البيئة الطبيعية (البروتوكول 1 المادة 55، القواعد 43-45)؛

- الأشغال الهندسية والمنشآت المحتوية على قوى خطرة (البروتوكول 1 المادة 56، والبروتوكول 2 المادة 15، القاعدة 42)؛

- المواقع المجردة من وسائل الدفاع (البروتوكول 1 المادة 59، القاعدة 37)؛

 - المناطق المنزوعة السلاح (البروتوكول 1 المادة 60، القاعدة 36).

تعرَّف الأشياء المدنية بأنها جميع الأشياء التي لا تشكل أهدافاً عسكرية. وتنحصر الأهداف العسكرية في الأهداف التي تشكل بطبيعتها وموقعها وغرضها أو استعمالها مساهمة فعَّالة في العمل العسكري والتي يوفِّر تدميرها الكامل أو الجزئي، أو الاستيلاء عليها، أو تعطيلها ميزة عسكرية محدّدة. وفي حال وجود شك بشأن شيء ما يستعمل عادة لأغراض مدنية، مثل مكان عبادة، أو بيت أو مكان سكن آخر، أو مدرسة، أو مؤسسة تجارية او بنك او جمعية مدنية، يجب على أطراف نزاع ما أن تفترض أن هذا الشيء لا يستعمل لأغراض عسكرية (البروتوكول 1 المادة 52). وتنص القاعدة التاسعة من دراسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر للقانون الإنساني العرفي أن "الأعيان المدنية هي جميع الأعيان التي ليست أهدافاً عسكرية". وتنص القاعدة العاشرة على أنه "تُحمى الأعيان المدنية من الهجوم ما لم تكن أهدافاً عسكرية وطوال الوقت الذي تكون فيه كذلك". وتنطبق هاتان القاعدتان على النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية.

ويحظر القانون الإنساني استعمال العنف، والهجمات وعمليات الانتقام ضدّ أشياء مدنية. ويحظر الهجمات التي توجّه ضدّ الأهداف العسكرية والأشياء المدنية دون تمييز، مثل تلك التي تهدف أساساً إلى بثّ الذعر بين السكان المدنيين (البروتوكول 1 المادة 51). ويحدّد القانون الإنساني احتياطات محدّدة يجب اتّخاذها للحدّ من آثار الهجمات على السكان المدنيين والأشياء المدنية (البروتوكول 1 المادتان 57 و58). وعلى القادة العسكريين التزام بضمان تنفيذ هذه الإجراءات. عملياً هذا ما لا يفعله الجيش الاسرائيلي، حيث يفعّل في كل هجماته استهداف البنى المدنية والمنشآت العامة والخاصة مهما كان نوعها او اطارها او موقعها او نشاطها وعملها، وهو بذلك يجسّد أعلى درجات الانتهاك لكل القواعد التي تنص عليها مدونة القانون الدولي الإنساني العرفي، كما اتفاقيات جنيف لعام 1949.

وتنص القاعدة السابعة من دراسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر على أن أطراف النزاع يجب عليها في كل الأوقات التمييز بين الأشياء المدنية (التي تخضع للحماية) والأشياء العسكرية. وهي تُذكِّر أيضاً بأن الهجمات لا يجوز أن توجَّه إلى أهداف مدنية. وتنطبق هذه القاعدة من القانون الدولي الإنساني العرفي في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية.

يشكّل الاعتداء على هذه المنشآت خطراً شديداً على السكان المدنيين. كما حظر نص المادة (52) كافة صور الاعتداء المتوقع ضد هذه الأعيان، سواء تمثل ذلك في المهاجمة أو التدمير أو النقل أو التعطيل لتلك الأعيان.

أبرز المبادئ التي تقوم عليها حماية الأعيان المدنية والتي كرست لحماية الفئات غير المشاركة في القتال، أو لم تعد قادرة على ذلك، وتشمل هذه الحماية فئة الأشخاص المدنيين، والأعيان المدنية التي لا تسهم مباشرةً في سير العمليات العسكرية. لذلك ترتكز حماية الأعيان المدنية على مبدأ التمييز بين الأهداف العسكرية والأعيان غير العسكرية "المدنية".

يوجب هذا المبدأ على أطراف النزاع في جميع الأوقات ضرورة التمييز، أثناء سير العمليات العدائية وكذلك في حالة الاحتلال، بين الأهداف العسكرية التي تساعد في المجهود الحربي، وبين الأعيان المدنية كدور العبادة والمشافي والمباني التي تأوي المدنيين بشرط عدم استخدامها في الأغراض العسكرية. وهذا ما أكد عليه نص المادة (48) من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 والتي قررت "تعمل أطراف النزاع على التمييز بين السكان المدنيين والمقاتلين وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، ومن ثم توجه عملياتها ضد الأهداف العسكرية دون غيرها، وذلك من أجل تأمين احترام وحماية السكان المدنيين والأعيان المدنية". ويقصد بالأهداف العسكرية طبقاً لنص المادة (52) من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، بأنه الهدف الذي بطبيعته، وبالنسبة لموقعه، وغرضه، أو استخدامه يساعد في العمل العسكري. وبالتالي يحق تدميره كلياً أو جزئياً، أو الاستيلاء عليه، أو تعطيله بما يعطي ميزة عسكرية للمهاجم.

وفر القانون الدولي الإنساني حماية عامة وحماية خاصة للأعيان المدنية تظهر جلية في كل من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 والبروتوكولين الإضافيين الأول والثاني لاتفاقيات جنيف لعام 1977 واتفاقية لاهاي المتعلقة بحماية الأعيان الثقافية في حالة النزاع المسلح لعام 1954.

- بالنسبة للحمايـة العامـة يشكل الاعتداء على الأعيان المدنية اعتداءً مباشراً على السكان المدنيين، لأن الذين يتواجدون أو يعملون في هذه الأعيان هم مدنيون، وبالتالي هم عرضة للخطر. ولذا وجب توفير الحماية للأعيان المدنية التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين. فقد نصت المادة (25) من لائحة لاهاي المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية لعام 1907 على أن "تحظر مهاجمة أو قصف المدن والقرى والمساكن والمباني غير المحمية أياً كانت الوسيلة المستعملة". وتتمثل قواعد الحماية العامة للأعيان المدنية أثناء النزاعات المسلحة في النقاط التالية:

- لا تكون الأعيان المدنية محلاً للهجوم أو لهجمات الردع.

- لا يجوز استهداف أيّ من الأعيان التي لا تساهم مساهمة فعّالة في الأعمال العسكرية ولا يحقق تدميرها الكلي أو الجزئي أو الاستيلاء عليها ميزة عسكرية.

- في حال أن ثار شك حول استخدام أحد الأعيان المدنية لتقديم مساهمة فعالة للعمل العسكري، فإنه يجب أن يفترض أنها لا تستخدم لذلك، وفقاً لنص المادة (52) من البروتوكول الأول.

بالرغم من هذه الحماية، إلا أنه لم تخل أية حرب من الحروب من المساس بالمدنيين والأعيان المدنية، مما دفع المجتمع الدولي إلى تجريم الاعتداء على هذه الأعيان. وقد حددت المادة (147) من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 الانتهاكات الجسيمة للاتفاقية، ويعتبر تدمير واغتصاب الممتلكات دون مبرر يتعلق بالضرورة العسكرية انتهاكاً جسيماً لأحكام الاتفاقية. وتلزم المادة (146) من نفس الاتفاقية الأطراف السامية المتعاقدة باتخاذ أية إجراءات تشريعية تلزم بفرض عقوبات جزائية فعّالة على مرتكبي المخالفات الجسيمة أو الذين يصدرون الأوامر باقترافها، وتقديمهم للمحكمة.

- أمّا الحمايـة الخاصـة للأعيان المدنية فتقوم على مبدأ حماية السكان المدنيين أثناء النزاعات المسلحة. وذلك لأن حماية تلك الأهداف، غير العسكرية، تمنح توفير أكبر قدر ممكن من الحماية للسكان المدنيين. فبالإضافة إلى الحماية العامة، أقر البروتوكول الإضافي الأول حماية خاصة لمجموعة من الأعيان، نظراً لأهميتها في ضمان حماية السكان المدنيين وتراثهم الحضاري ولتفادي تعرضهم للأذى والخطر. وجاءت المادة (27) لتنص على أنه "في حالات الحصار أو القصف يجب اتخاذ كافة التدابير اللازمة لتفادي الهجوم، قدر المستطاع، على المباني المخصصة للعبادة والفنون والعلوم والأعمال الخيرية والآثار التاريخية والمستشفيات والمواقع التي يتم فيها جمع المرضى والجرحى، شريطة ألا تستخدم في الظروف السائدة آنذاك لأغراض عسكرية. ويجب على المحاصرين أن يضعوا على هذه المباني أو أماكن التجمع علامات ظاهرة محددة يتم إشعار العدو بها مسبقاً". وتشمل الحماية الخاصة الأعيان التالية:

-  الأهداف والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين.

- الأعيان الثقافية وأماكن العبادة .

- حماية الأشغال والمنشآت التي تحتوي على طاقات خطرة.

- حماية البيئة الطبيعية.

إنّ استهداف جمعية "مؤسسة القرض الحسن" التي تصنّف وفق نظامها الاساسي والقوانين اللبنانية والتراخيص المعتمدة من قبل وزارة الداخلية اللبنانية هي مؤسسة مدنية وليس هدفاً عسكرياً ولا تنشط بأي شكل من الأشكال في أي نشاط عسكري أو حربي او عمل له علاقة بأعمال عسكرية وبالتالي يعد استهدافها من قبل العدو الصهيوني انتهاكاً واضحاً وصريحاً لكل المواثيق والقوانين العرفية والدولية. وعليه، تستلزم المساءلة الدولية والمحاسبة.

استهداف "مؤسسة القرض الحسن " يعد جريمة حرب يعاقب عليها وفق نظام المحكمة الجنائية الدولية

تمّ اعتماد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في 17 تموز/ يوليو 1998. ودخل حيز النفاذ في أول تموز/ يوليو 2002. وتعرف المادة 8 من هذا النظام الأساسي جرائم الحرب التي للمحكمة سلطة عليها حالما تتوفر شروط إنفاذ المحكمة لسلطتها. وتشمل جرائم الحرب هذه –سواء ارتكبت في نزاع مسلح دولي أو داخلي- ما يلي:

- تعمد توجيه هجمات ضد مواقع مدنية.

- تعمد شن هجمات ضد موظفين مستخدمين أو منشآت أو مواد أو وحدات أو مركبات مستخدمة في مهمة من مهام المساعدة الإنسانية أو حفظ السلام عملًا بميثاق الأمم المتحدة ما داموا يستخدمون الحماية التي توفر للمدنيين أو للمواقع المدنية بموجب قانون المنازعات المسلحة.

- تعمد توجيه هجمات ضدّ المنشآت والمستلزمات الطبية.

- تعمد شن هجوم مع العلم بأن هذا الهجوم سيسفر عن خسائر تبعية في الأرواح أو عن إصابات بين المدنيين أو عن إلحاق أضرار مدنية أو إحداث ضرر واسع النطاق وطويل الأجل وشديد للبيئة الطبيعية يكون إفراطه واضحاً بالقياس إلى مجمل المكاسب العسكرية المتوقعة الملموسة المباشرة.

- مهاجمة أو قصف المدن أو القرى أو المساكن أو المباني العزلاء التي لا تكون أهدافاً عسكرية بأية وسيلة كانت.

- تعمد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة للأغراض الدينية أو التعليمية أو الفنية أو العلمية أو الخيرية، والآثار التاريخية، والمستشفيات وأماكن تجمع المرضى والجرحى شريطة ألا تكون أهدافًا عسكرية.

وانطلاقاً من ثبوت تورط العدو الصهيوني، بل تصريحه وإعلانه استهداف مؤسسة القرض الحسن وفروعها في كامل الاراضي اللبنانية بحجج واهية لا تمنع عن هذه المؤسسة صفة المنشأة المدنية التي تستوجب الحماية العامة والخاصة، فمن الضروري بما كان التوجه الى المحاكم الدولية لإدانة الكيان الصهيوني وتجريمه على الانتهاكات الجسيمة التي يرتكبها في حق المدنيين والمنشآة المدنية دون مراعاة لقواعد الحماية ومبادئها المنصوص عليها في المواثيق والقوانين الدولية والانسانية.





روزنامة المحور