الثلاثاء 19 تشرين ثاني , 2024 03:17

المقاومة تشتت الجهود الهجومية وتستهدف غرفة عمليات الوحدة 8200 الاستخباراتية

الجبهة اللبنانية بين حزب الله وكيان الاحتلال

لا تزال قوات العدو تعمل على محورَي الهجوم الأساسيّين، في الخيام في القطاع الشرقي، وفي شمع في القطاع الغربي. في القطاع الاول، مرّ يوم جديد من دون أن يتمكّن جيش الاحتلال الذي حشد آلياته وجنوده، من اجتياز الأطراف الجنوبية والشرقية والغربية لبلدة الخيام باتجاه أحيائها الداخلية. وجاء الطقس العاصف ليصعّب المهمّة، في ظلّ أمطار غزيرة وضباب غطّى المنطقة. بينما تناقلت الصحف العبرية بأن "القيادة العسكرية في إسرائيل تعتبر أن الجيش أنهى "المهمة" التي حددتها القيادة السياسية في جنوب لبنان، وبات يسعى إلى "الحفاظ على إنجازاته العسكرية"، وسط ترقّب للتوصل إلى تسوية سياسية تجنبه التورط في الوحل اللبناني".

وفي القطاع الغربي، تعرّضت قوات العدو المتوغّلة في أطراف بلدة شمع لنيران كثيفة من المقاومين خلال النهار، وهجمات بالمسيّرات الانقضاضية على تجمّعات الجنود غربي البلدة. تحاول القوات الإسرائيلية السيطرة على شمع بهدف الانتقال منها غرباً نحو البياضة الواقعة على مرتفع يُشرف على ساحل صور ومنطقتها. ولا يزال حتى الآن المقاومون يتصدون للقوة المعادية المتوغلة في البلدة.

أما بخصوص استهداف وسط تل أبيب ورامات غان وضاحية بني براك، فكان الهدف الأساسي المحدد هو قاعدة تابعة للاستخبارات العسكرية أمان في منطقة تل حاييم، في هذا السياق، أوضح الإعلام العبري أن الصاروخ كان موجهاً الى المبنى الذي تقع فيه غرفة عمليات للوحدة 8200 الاستخباراتية.

وخلال النهار، قصفت المقاومة بالصواريخ أهدافًا عسكرية في الشمال، واستهدفت عدة مستوطنات ومدن ضمن دورة القصف اليومي التي ثبّتتها المقاومة منذ أسابيع، ابتداءً من كريات شمونة وصولاً الى الكريوت شمال حيفا، وقد أضافت إليها أمس مستوطنتَي كيرِم بن زِمرا وحوسن، للمرّة الأولى. وبحسب إعلانات العدوّ، تجاوز عدد الصواريخ التي أطلقها حزب الله، أمس، 140 صاروخاً، في حين كان العدوّ قد روّج الى أن الحزب - بفعل ضربات الجيش الإسرائيلي - بات قادراً على إطلاق 40 الى 50 صاروخاً في اليوم فقط.

الوضعية العامة: 17/18-11-2024

المحور الأول: الفرقة 146

بعد تعثر السيطرة على قرية شمع، زاد العدو من استعداداته التي زجها في 4 محاور، ووسع هجومه باتجاه الشمال الشرقي من مثلث (الجبين – طير حرفا – شمع)، وذلك بالتقرب الهجومي من مجدل زون مدخلاً عدداً من السرايا المدرعة وسرايا وحدات خاصة الإضافية بهدف خلق ما يشبه فكي كماشة طرفها الشمالي الشرقي مجدل زون وطرفها الجنوبي الشرقي شمع ومحورها منطقة المثلث.

هدفت هذه المناورة إلى عزل جيوب المقاومة القوية المنتشرة بين شمع ومجدل زون والتي تستمر بتشويش هجومه من خلال الالتحامات والأعمال التعرضية الهجومية والكمائن المرتجلة وتهدد معظم استعداداته بالصواريخ الموجهة والعبوات الخاصة والاستهداف المدفعي والصاروخي لتعطيل أي اندفاعة هجومية له غرباً باتجاه غرب قريتي شمع (لاستكمال هجومه الرئيسي باتجاه البياضة) ومجدل زون (لتطويق جيوب المقاومة القوية المنتشرة بين شمع ومجدل زون وبين البياضة ومجدل زون). وقد تمكنت المقاومة خلال الـ 48 ساعة الماضية من اعطاب 4 ناقلتي جند ودبابات، آخرها ليلة أمس الاثنين 18-11-2024 حيث وقعت قوة مدرعة حاولت التسلل إلى وسط قرية شمع للنفاذ إلى البياضة إلا أنها لم تفلح.

من جهة ثانية، بدأت المقاومة منذ يوم الاحد 17-11-2024 تحريك منطقتها الدفاعية الصلبة غرب وشمال غرب وجنوب غرب هذا المحور الممتدة من (البطيشية – ابو شاش – غرب طير حرفا – شمع – البياضة – مجدل زون) مبقية على اتصال من الجهتين الجنوبية الغربية والشمالية الغربية مع الجيب الواقع بين شمع ومجدل زون الذي يحاول العدو محاصرته منذ 48 ساعة وشكلت محوراً طولياً غرب منطقة كماشة العدو، يمتد من وسط شمع إلى الضهيرة الحدودية جنوباً ويمتد غرباً إلى البحر عند حدود المالكية بيوت السياد متضمناً عارض البياضة.

هذا الترتيب يهدد جميع استعدادت وجهود العدو في كل لحظة ويؤمن استنزافاً له في مناطق انتشاره شرق المحور (الذي يعتبر أقل ارتفاعاً من مناطق انتشار المقاومة) وتنتظر المقاومة أي خطأ تكتيكي كبير من العدو للإطباق عليه ومحاصرته بل وتشتيته وزرع الفوضى فيه. ويبدو أن الميدان يعد بمفاجآت كبيرة في هذا المحور.

المحور الثاني: الفرقة 36

بعد تقسيمه محور توغله الشرقي والجنوبي الذي بدأه قبل أسبوع إلى ثلاثة محاور (عيترون – عيناتا – بنت جبيل) اعتمدت المقاومة مع العدو اسلوب الدفاع المتحرك والقتال اللامركزي التي تعتمد على الاستعدادات الصغرى ومهمتها اشغال العدو على مدار الساعة وتشويش تحركاته وإيقاع أكبر قدر من الخسائر فيه. ويستمر القتال الشرس منذ 72 ساعة تنفيذاً لتدبير دفاعي أعدته المقاومة لغرض جر العدو عند تطويره هجومه إلى كمين كبير سيجبره حتماً على التراجع عن جميع هجماته في ذلك المحور. تنويه إلى أن جنود اللواء 188 المدرع المتواجد على الاطراف الجنوبية الشرقية ليارون باتوا يطفؤون جميع انوار دباباتهم ودروعهم الخارجية بحجة عدم كشفها للمقاومين.

مع ملاحظة أن تشغيل أجهزة تدفئة الدبابات في هذا الطقس العاطل والقارس تجعل منها بصمة حرارية واضحة للراصد والمدافع الجاهز بصواريخه الموجهة. على الجهة الغربية للجبهة لا زال العدو مشتبكاً مع دفاعات المقاومة الصلبة عن حانين ورشاف وبيت ليف التي تمنعه من اختراق المحور من نفطتي دبل وعين إبل للوصول عبر الأولى إلى الطيري وعبر الثانية إلى تخوم بنت جبيل الغربية، فيما يحاول العدو الالتفاف باتجاه رشاف من محور القوزح بيت ليف الذي تدور فيه منذ 72 ساعة معارك ضارية.

المحور الثالث: الفرقة 91

تستمر المعارك شرق مركبا وطلوسة دون أن تستطيع استعدادات العدو التي فاقت كتيبة من الدروع والقوات الخاصة من تجاوز حائط الصد الذي نصبته الوحدة الصاروخية له والتي تمكنت حتى الآن من إعاقة تقدمه بشكل مؤثر ويتولى لواء الكوماندوس 89 وفي رأس حربته وحدة الايغوز محاولات اجتياز عائقي مركبا وطلوسة دون تحقيق أي إنجاز مفيد ومؤثر.

المحور الرابع: الفرقة 210

في المحور الرابع في مدينة الخيام، يعاود العدو منذ ظهر يوم الاحد 17-11-2024 محاولة خرق دفاعات المدينة من الغرب، كما حاول خلال عمليته السابقة التي نفذها قبل اسبوعين. وقد حاول اختبار دفاعاته في ذلك المحور إلى أنه باء في الفشل، وكان العدو قد حاول في اليوم الاول لعمليته الهجومية التوغل بـ 10 دبابات من المنطقة الجنوبية إلى قلب البلدة لاختبار الدفاعات الجنوبية للمدينة، وحاول أن يظهر الامر كأنه استطلاع مستعجل للقوة. إلا أنه وبعد ساعتين من المحاولة تعاملت المقاومة مع قوة الدبابات المتوغلة لتأكدها بأن العملية التي يشنها العدو رئيسية وليست استطلاعية بعد رصد وجود تحشدات كبيرة كافية لاحتلال كامل الخيام في المستعمرات المتاخمة لمسار الهجوم (مرغليوت – كفر يوفال – المطلة – معيان باروخ).

تعاملت المقاومة مع الحشود بقوة عبر الصواريخ والمسيرات واستكملت تعرضها للقوة المدرعة المهاجمة التي فرت بعيداً. حالياً يسعى العدو إلى تنفيذ عدة اختراقات في وقت واحد (التنية – الوطى – وادي العصافير – جنوب شرق الخيام) ويحشد قواته المدرعة والمشاة الميكانيكية وكتيبة من اللواء المظلي 35 يعتقد أنها الكتيبة (202) من أجل تنفيذ ذلك.

رسالة عملية قاعدة تل حاييم في تل أبيب

ما جرى بين التاسعة والتاسعة والنصف ليل أمس عملية تأديبية استهدفت الأعماق أو أحزمة الأمن الثلاثة لدى كيان العدو:

- الساعة 8:45 مساءً تم استهداف العمق الاستراتيجي للعدو بعملية معقدة بعدة صواريخ ومسيرات نوعية استهدفت وسط تل أبيب ورامات غان وضاحية بني براك ووصل معظمها إلى الهدف الأساسي المحدد وهو قاعدة تابعة للاستخبارات العسكرية أمان في منطقة تل حاييم.

- الساعة ٩:٠٥ و٩:٢٠ مساءاً استهداف قاعدتي شراغا ونيشر في العمق التعبوي بسربين من المسيرات.

- الساعة ٩:٣٠ استهداف مجموعة من مستعمرات الحافة (العمق التكتيكي) بصليات صاروخية ومجموعة من المسيرات الانقضاضية.

وتهدف المقاومة من هذا القصف للأحزمة الثلاثة بالطريقة التي استهدفت فيها ابتداءً من العمق وصولاً إلى الحدود لإيصال رسالة بأنها جاهزة للتصعيد اذا حاول العدو ملاقاة زيارة هوكشتاين بالتصعيد كما كرر ذلك في اكثر من زيارة سابقة.

كما هدفت الرسالة إلى إبلاغ من يعنيهم الأمر أن التفاوض تحت النار سيكلف العدو خسائر كبيرة وما ردها الثأري لشهداء العدوان على بيروت أمس واليوم سوى عينة عما يمكنها فعله كرد على أي تصعيد صهيوني قد تكون تخطط له واشنطن و "تل أبيب".

نقاط مهمة:

- استنزاف قوات العدو: عمليات الصد الناجحة المتواصلة في مدينة الخيام وقرية شمع على مدار (72-96) ساعة تُشير إلى نجاح خطة القتال الدفاعي اللامركزي الذي تنفذه المقاومة في محاولة تشتيت واستنزاف قوات العدو وإرباك خططه. هذا الاستنزاف يُمكن أن يُؤثر على معنويات جنود العدو وقدراتهم القتالية فضلاً عن حافزيتهم وجاهزيتهم القتالية.

- اختبار دفاعات المقاومة: من المحتمل أن هجمات العدو المستمرة بحذر رغم فشلها وتسببها بتكبيده خسائر كبيرة تهدف أيضاً إلى اختبار صلابة دفاعات المقاومة في هاتين المنطقتين (الخيام وشمع) وتحديد نقاط الضعف فيها.

- تكتيكات المقاومة: يُظهر تنوع تكتيكات المقاومة، من الاشتباك المباشر إلى استخدام الصواريخ والمسيرات، قدرتها على التكيف مع الوضع المتغير واستخدام الوسائل الأكثر فاعلية في كل مرحلة من مراحل المواجهة. كما أن صمود المقاومين يُشير إلى فاعلية تحصيناتهم وتكتيكاتهم الدفاعية.

- التأثير على المحاور الأخرى: يُمكن أن يُؤثر استمرار القتال في الخيام وشمع على العمليات في المحاور الأخرى. قد يُؤدي تركيز قوات العدو على هاتين المنطقتين إلى تخفيف الضغط على المحاور الأخرى، أو قد يُؤدي إلى إعادة توزيع قوات العدو بين (الفرقتين 146و 36) في الغرب وبين (الفرقتين 91 و210) في الشرق، مما يُوجد فرصاً جديدة للمقاومة.

التقييم العام: يُظهر الموقف العسكري للمقاومة في الجبهة اتباع استراتيجية مركبة تجمع بين الاشتباك المباشر على أطراف الخيام وشمع وفي القرى والبلدات المفتاحية وبين الاشتباك غير المباشر على الحدود وبين ضرب أهداف نوعية وحساسة في الأعماق التكتيكية والتعبوية والاستراتيجية. هذا التنوع في العمليات يُصعّب على العدو التنبؤ بالخطوات التالية ويُشتت جهوده الهجومية.

استشراف وتقدير عسكري للأيام القادمة

بناءً على المعلومات المتوفرة عن الوضع العسكري حتى 19 نوفمبر 2024، يمكن استشراف التطورات المحتملة للأيام السبعة القادمة على النحو التالي:

الافتراضات:

- استمرار العدو في محاولات التقدم والسيطرة على مناطق مفتاحية، خصوصاً شمع والخيام وعيناتا وطلوسة.  

- زيادة كثافة القتال واحتمالية توسع نطاق العمليات بالتناسب والتزامن مع ارتفاع غير مسبوق في نسبة الضغط على الأصول المدنية التي تمثل بيئة حاضنة للمقاومة ليتحول ذلك الضغط إلى عملية يومية ودائمة.

- استمرار المقاومة في تكتيكات صدها ودفاعها المتنوعة، بما في ذلك الاشتباك المباشر، الكمائن، والاستهداف بالصواريخ والمسيرات للمناطق القريبة وللعمقين الاستراتيجي والتعبوي للتأثير على العدو وخططه القادمة.

استشراف لكل محور:

- المحور الأول (الفرقة 146): من المتوقع أن يشهد هذا المحور أشرس المواجهات، حيث سيحاول العدو كسر خطوط دفاع المقاومة في شمع والتقدم نحو البياضة. قد يلجأ العدو إلى تكتيكات جديدة أو زيادة قصفه المدفعي والجوي، أما المقاومة ستركز على الكمائن والاشتباكات المباشرة لإبطاء تقدم العدو واستنزافه.

- المحور الثاني (الفرقة 36): من المتوقع استمرار القتال الضاري في هذه المنطقة، مع محاولات العدو للتقدم نحو بنت جبيل. قد نشهد هجمات مفاجئة من قبل المقاومة لاستهداف خطوط إمداد العدو أو تجمعات قواته.

- المحور الثالث (الفرقة 91): قد يحاول العدو تكثيف هجماته على مركبا وطلوسة بهدف اختراق خطوط دفاع المقاومة. ستعتمد المقاومة على الاستهداف بالصواريخ والمدفعية لصد هذه الهجمات والقيام بعمليات استنزاف عبر التعرض المباشر أو هجمات من خلف الخطوط بالاستفادة من الطقس السيئ وحالة الضباب الكثيف التي تزداد في هذه الأيام.

- المحور الرابع (الفرقة 210): من المتوقع استمرار محاولات العدو لاختراق دفاعات الخيام، وقد يلجأ إلى استخدام قوات خاصة أو إنزالات جوية من جهة الشرق أو الدفع بأرتال من الدبابات باتجاه غربي الخيام.و ستواصل المقاومة استهداف تجمعات العدو بالصواريخ الموجهة وغير الموجهة وبالمدفعية الثقيلة والمسيرات والاشتباك المباشر لصد الهجمات.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور