زار أعضاء من مجموعة " ناطوري كارتا" اليهودية مدينة جنين ومخيمها في الضفة الغربية المحتلّة، والتقوا بشخصيات من حركتي الجهاد الإسلامي وفتح معزين بشهداء جنين ونابلس والقدس المحتلّة، وهم يرتدون الكوفية ويرفعون العلم الفلسطيني. فيما زعم وزير أمن الاحتلال ايتمار بن غفير أنه "يجب ترحيلهم الى سوريا" وقد فتحت شرطة الاحتلال تحقيقاً بحقهم، وذلك في إطار الضغوط التي يمارسها الاحتلال على هذه المجموعة بسبب مواقفها.
فما هي "ناطوري كارتا"؟
Neturei Karta تعني "حارس المدينة"، استخدم هذا الاسم أول مرة عام 1938 كتعريف لها في الأوساط العالمية. وهي حركة يهودية حريدية تنطلق من شعار "اليهودية لا تساوي الصهيونية" وبالتالي هي ترفض كلّ أشكال الصهيونية ووجود ما يسمى "دولة إسرائيل" وتعتبر أن قيام دولة لليهود لا يكون بسلب شعب آخر أرضه.
تأسست في القدس على يد الحاخام "أمرام بلاو" الذي قاد هذه المجموعة منذ إنشائها حتى وفاته عام 1974، وسعى إلى تأكيد إنكار أن "إسرائيل" دولة قومية يهودية، كما رفض اعتبار أن الصهيونية هي الوكيل المزعوم لمصالح اليهود حول العالم.
رفض تأسيس كيان إسرائيلي ومقاطعته.. إسرائيل خلاف التوراة
أدانت المجموعة قيام كيان الاحتلال عام 1948، واعتقدت بأنه لا يجب أن يقوم اليهود بهجرات جماعية إلى فلسطين المحتلّة. وقد أرسل أحد كبار حاخاماتها، موشيه هيرش الذي تراس المجموعة بعد وفاة "بلاو"، رسالة إلى الأمم المتحدة تتضمن رأي "ناطوري كارتا" الرافض للكيان الإسرائيلي. وقبلها في العام 1924، أجرت "ناطوري كارتا" اتصالات مع عدد من الزعماء والسياسيين في المملكة المتحدة للضغط بهدف إلغاء "وعد بلفور".
في بيان "ناطوري كارتا" الصادر بتاريخ 4 أيلول / سبتمبر 1992، أوضحت المجموعة أن "الشعب اليهودي مكلف بالقسم الإلهي بعدم السعي للاستقلال والتخلص من نير المنفى الذي فُرض عليه" واعتبر البيان أن "الصهاينة تمردوا على هذا المرسوم الإلهي باحتلالهم فلسطين". وقد أقسم أعضاء المجموعة على عدم إقامة بلد أو دولة موحد لهم، سواء في فلسطين أو في أي مكان آخر، وعلى تبعيتهم للبلدان التي يعيشون تحت سلطتها.
حرّمت "ناطوري كارتا" أي نوع من أنواع التعامل مع حكومة الاحتلال، وقاطع أعضاؤها المقيمين في القدس المحتلّة الانتخابات الإسرائيلية، ويرفضون الاستفادة من جميع أنواع المساعدات والدعم، وقد بلغ بهم الأمر الى حدّ رفض التداول بالشيكل. وليس لهذه المجموعة أي ارتباط بقطاعات الكيان، ومعظم أفرادها لديهم جنسيات أجنبية.
في حديث إعلامي سابق، حدّد زعيم منظمة ناتوري كارتا في فلسطين الراف يسرائيل مئير هيرش الموقف من كيان الاحتلال، قائلاً "إن المنتمين للمنظمة يصلون من أجل التفكيك السريع لدولة إسرائيل الصهيونية، ولعودة جميع الحقوق للسكان الفلسطينيين الأصليين... نتمنى زوال الكيان الصهيوني ونناضل من أجل إرجاع الحكم الفلسطيني لكل البلاد من البحر إلى النهر".
واعتبر أن الصهيونية تتذرع باليهودية "للتغطية على مصالحها الباطلة" وهي " أكبر أعداء الشعب اليهودي ودولة الصهاينة هي الأخطر على شعوب العالم". و"نحن نقابل القادة والشخصيات المحترمة من كل أرجاء العالم لنشرح لهم أن الشعب اليهودي الملتزم بالتوراة يعارض أعمال وجرائم الصهاينة ضد الفلسطينيين، ولنشرح لهم أن الصهاينة يكذبون ويتسترون باليهودية ليعطوا شرعية لجرائمهم".
دعم الشعب الفلسطيني
لطالما أعربت هذه المجموعة اليهودية عن تضامنها ودعمها للشعب الفلسطيني رافضةً كلّ أشكال الاعتداءات الإسرائيلية عليه ومؤكدة أن هذه الممارسات الاجرامية مستهجنة في الديانة اليهودية التي تحرّم القتل والظلم. ونظّمت العديد من الفعاليات والأنشطة حول العالم كما التقت بشخصيات عربية وقيادات فصائلية، منهم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية عام 2009 لتشرح موقفها من احتلال فلسطين والممارسات الإسرائيلية.
كذلك شارك عضوان من هذه المجموعة اليهودية بالصلاة على الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في فرنسا، كما شارك الحاخام موشيه هيرش في جنازته. وفي العام 2006، انضمت المجموعة الى مؤتمر مراجعة "الهولوكوست" في العاصمة الإيرانية طهران. وفي العام 2021 نظّمت وقفة بعلم فلسطين، لمواجهة "مسيرة الأعلام الإسرائيلية" في القدس المحتلّة.
يعيش 5 آلاف يهودي من "ناطوري كارتا" في حي "مئة شعاريم" وسط القدس المحتلّة، ويتعرّضون للملاحقات والضغوط من الاحتلال على خلفية مواقفهم ونشاطاتهم. أمّا العدد الكلي للمنتمين لـ "ناطوري كارتا" فيقّدر بعشرات الآلاف يعيش جزء منهم في "حي بروكلين" في ولاية نيويورك الأمريكية.
يقول أحد نشاط هذه المجموعة الحاخام دوفيد فيلدمان أن "من أهم أدوار الحركة حاليًا هو تقديم المعرفة لليهود لمساعدتهم على فهم معتقداتهم وفلسفتهم بشكل صحيح" كما رأى أن عدد المتأثرين بالمجموعة وأفكارها "يزداد عامًا بعد عام، حتى أن بعض اليهود الذين اعتنقوا المبادئ الصهيونية بدأوا يدركون الحقيقة خصوصًا بعدما أصبح واضحًا أن وعود الحركة الصهيونية بحياة آمنة لن تتحقق".
الكاتب: غرفة التحرير