الإثنين 17 تموز , 2023 12:40

الراحل النابلسي: علم من أعلام الحوزة العلمية والمقاومة

الشيخ عفيف النابلسي

العلامة الشيخ عفيف النابلسي، علم من أعلام الحوزة العلمية والمقاومة في لبنان والمنطقة، الذي وافته المنية الجمعة في الـ 14 من تموز / يوليو 2023، بعد صراع مع المرض، وبعد سنوات طويلة من التحصيل العلمي والنشاط التعليمي والتبليغي والمقاوم.

فما هي أبرز وأهم المحطات في مسيرة وحياة آية الله الشيخ النابلسي؟

_ من مواليد قرية البيسارية في جنوب لبنان عام 1941.

_أمضى طفولته في القرية ودرس فيها على الطريقة التقليدية من خلال حفظ القرآن الكريم.

_ منذ صغره كان شغوفاً بالمطالعة وقضى اوقاتاً طويلة في قراءة الكتب التي كان يستعيرها من بعض المتعلمين في القرية والمنطقة المجاورة. كما ظهرت لديه موهبة الشعر باكراً، فنظّم القصائد باللغتين العامية والفصحى، وكان يشارك في المناسبات العامة من خلال إلقاء الشعر والتعريف والخطابة.

_ عند مجيء الإمام المغيّب السيد موسى الصدر إلى لبنان في ستينيات القرن الماضي، سارع إلى التعرف عليه والتحق بمركز الدراسات الإسلامية الذي أسسه الإمام الصدر، واختار مرافقته دارساً عليه الفقه والأصول والتفسير والعقائد الإسلامية، كما لازمه في أيام العطل، فكان يرافقه في العديد من محطاته التبليغية والتنظيمية والجهادية واكتسب منه خبرة وافية في العلاقات الاجتماعية والسياسية واستفاد منه في مواقفه وسلوكه.

كما تابع آنذاك دروساً عند العديد من علماء جبل عامل، كالشيخ موسى عز الدين والسيد هاشم معروف الحسني. ومنذ ذلك الوقت برزت صفاته ونبوغه.

_نتيجة لحاجة الإمام الصدر إلى مساعدين أكفاء على درجة عالية من العلم والفقاهة، كانت رغبة الإمام الصدر تلتقي مع رغبة الشيخ النابلسي لإكمال دروسه الدينية العليا في مدينة النجف الأشرف، فأرسله بوصية خاصة إلى الشهيد المرجع السيد محمد باقر الصدر، الذي اهتم به، وبقي الشيخ ملازماً له في كل دروسه ومجالسه العامة والخاصة. وتتلمذ الشيخ النابلسي عند الشهيد الصدر في الفقه والأصول والتفــسير لمدة 10 سنوات متواصلة، حتى أصبح أحد أبرز طلابه في دفعته ومن أقرب مساعديه.

_ في نفس الوقت، حضر الشيخ النابلسي دروساً عند السيد محمد حسين الحكيم والمرجع السيد أبو القاسم الخوئي. كما تميزت مرحلة النجف بحضوره ومشاركاته في الساحات الأدبية والمجالس الفقهية، وقد كانت له لقاءات عديدة مع الشيخ محمد جواد مغنية.

_مارس التدريس وكتب تقريرات الشهيد الصدر في البحث الخارج، ودوّن العديد من المؤلفات ولكنها صودرت جميعها في العاصمة بغداد، بعدما كان يتولى الوكالة عن الشهيد الصدر. ففي بغداد، روّج الشيخ النابلسي لمرجعية السيد محمد باقر الصدر بقوة كبيرة، من خلال إمامته لمسجد الهادي (ع)، وعند الأطر العلمية والثقافية وطلاب الجامعات.

ونتيجة لنشاطه هذا، تم ملاحقته من قبل أجهزة أمن صدام حسين، ثم اعتقل وتم نفيه مع عائلته إلى خارج العراق.

__ كان الشيخ النابلسي يُردد دائماً حين يُذكر الشهيدين الصدر أمامه، بأنهما كانا له أعظم أستاذين، وهذا يدل على شدة تأثره بهما.

العودة الى لبنان

_ وصل إلى لبنان في فترة تصاعد الثورة الإسلامية في إيران، فانخرط نتيجة لتوصية السيد الصدر بدعم هذه الثورة وحركة الشعب الإيراني ومساندة قائدها الإمام الخميني الراحل، فقدم خدمات كبيرة على هذا الصعيد.

_ عمل في الفترة الأولى لعودته إلى لبنان ضمن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، ونشط في الحقل التبليغي على صعيد جميع المناطق اللبنانية.

_عند اجتياح جيش الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، وقف آية الله النابلسي بقوة في وجه هذا الاجتياح، وكان من بين العلماء الذين دعوا إلى مقاومة الاحتلال. وكان رفيقه في هذه المواجهة الشهيد الشيخ راغب حرب، حيث عملا معاً على تأسيس هيئة علماء جبل عامل التي كانت واحدة من مهماتها الأساسية مقاومة المشروع الصهيوني في لبنان.

_منذ الانطلاقة الأولى للمقاومة الإسلامية في لبنان، انضم إلى جانب الشهيد السيد عباس الموسوي ونخبة من كوادر حزب الله في قيادة العمل الجهادي والتبليغي في الجنوب، وكان لفترة عضواً أساسياً في قيادة الحزب في منطقة الجنوب.

بعد مدة فضّل العلامة النابلسي البقاء في ميدان الحركة العلمائية ومجال التدريس خاصةً في الحوزة التابعة له في مدينة صيدا التي أسسها خلال التسعينيات، والتي خرّج منها مئات العلماء والمبلّغين. كما استمر في التبليغ عبر إمامة الصلاة في مجمع السيدة الزهراء (ع) في مدينة صيدا.

_كما كان من أوائل المواظبين على صلاة الجمعة، وداعياً لها فأقامها بعد مجيئه إلى لبنان أولاً في منطقة حارة صيدا بين عامي 1980-1982، ثم في منطقة الغازية حتى العام 1989، ثم في مدينة صيدا منذ العام 1994.

_بالتزامن ظلّ ملتزماً بالدفاع عن المقاومة والحثّ على دعمها بكافة الوسائل، واستمر بممارسة العمل السياسي من موقع التوجيه العام.

_كما لم يغفل الشيخ النابلسي عن النشاط الاجتماعي، من مساعدة الأيتام والمحتاجين، حيث قام بتأسيس جمعية الأبرار الخيرية.

_ سافر إلى العديد من البلدان الغربية والآسيوية والعربية في إطار جولاته العلمية والتبليغية،كما شارك في العديد من المؤتمرات والندوات داخل وخارج لبنان .

_ موقفه الداعم للمقاومة أدّى الى محاولة إسرائيل النيّل منه، فقامت خلال حرب تموز 2006 باستهداف مجمع السيدة الزهراء (ع) (الذي يضمّ مكان سكنه)، عبر غارة جوية عنيفة سوّت المجمع بالأرض، لكنه بالرغم من ذلك حافظ على مواقفه الداعمة للمقاومة.

_لديه العشرات من المؤلفات الدينية والشعرية، بالإضافة الى عشرات المقالات الدينية والسياسية، وفي مجالات متنوعة.

_ لديه العديد من الأبناء المنتمين لخط المقاومة في شتى ميادينها، مثل مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله الحاج محمد عفيف النابلسي، والشيخ الدكتور صادق النابلسي، وغيرهما.

_ توفي في الـ 14 من تموز / يوليو للعام 2023، عن عمر ناهز الـ 82 عاماً، وقد نعاه قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، كما نعاه العديد من قادة حركات ودول محور المقاومة، ونعته العديد من الشخصيات الدينية والسياسية والاجتماعية في دول المنطقة.

الصلاة على جثمان  العلامة الراحل الشيخ عفيف النابلسي في صيدا


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور