الأحد 03 كانون الاول , 2023 03:30

العدوان الأمريكي الإسرائيلي يفجّر طوفاناً من نوع آخر

متظاهرون ضد الصهيونية

لن يطول الوقت كثيراً، حتى يكتشف معسكر الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، بأن دعمهم اللامحدود للكيان المؤقت الذي يتولى مصالحهم في منطقة غرب آسيا، قد تحوّل من عدوان مشترك من قبلهم ضد حقوق الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة، الى طوفان عالمي ضدهم حتى داخل دولهم، ضد سياساتهم التي لا يمكن وصفها إلا بالإستكبارية. وبات هناك العديد من المؤشرات حول هذا الطوفان، سنستعرض الأبرز منها وهي: تنامي انجذاب الشباب الغربي وتحديداً الأمريكي للتعرف على الدين الإسلامي، بالتزامن مع تنامي مشاعر المعاداة للصهيونية.

وهذا ما يشكّل ضرباً لكل جهود ومحاولات المعسكر الغربي طوال العقود السابقة (تقريباً منذ انتهاء الحرب الباردة وسيادة القطب الأمريكي على العالم)، الذي كان يسعى لتحقيق نتائج عكسية: فرض الإسلاموفوبيا والترويج لإسلام أمريكي بديل، وتقبّل الشعوب لنشوء إسرائيل وطمس القضية الفلسطينية.

إقبال شبابي أمريكي للتعرف على الإسلام والقرآن

فبشكل لافت، استعرض مقال في صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية، إحدى الظواهر الجديدة التي بدأت إثر العدوان الأمريكي الإسرائيلي على غزة، وهو ما لخصته الصحفية سمدار شيلوني بالتالي: "يبحث الشباب الأمريكي عن المعنى، ولسبب ما يجدونه بالتحديد في الإسلام". وأضافت شيلوني بأن "القتال في غزة بعد هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، بالإضافة إلى معاناة سكان قطاع غزة، أعطى دفعة كبيرة للاهتمام الأمريكي بالإسلام، حيث وجد أعضاء الجيل Z "التقدميين" صلة بين كتابات القرآن ونظرتهم للعالم والتي تشمل قيم الحرية والاشتراكية وتحدي المؤسسة والتمرد ضد الأجيال السابقة". وخلصت شيلوني الى هذه النتيجة، بعد انتشار الكثير من مقاطع الفيديو لشباب أمريكيين في الأسابيع الأخيرة – خاصة النساء – على تطبيق تيك توك وهم يستمتعون بقراءة مبهجة للقرآن ويتعجبون من محتوياته كثيراً، لدرجة أن بعضهم قرر أن يتعرف الى دين محمد ومنهم من اعتنق الإسلام.

واستعرضت شيلوني حالة الشابة الأمريكية من أصل أفريقي ميغان رايس، التي قامت قبل شهر بتحميل منشور على تيك توك أعربت فيه عن إعجابها بصمود وإيمان الشعب الفلسطيني. فنصحها بعض المعلقين بـ"قراءة القرآن لتفهم مصدر الإيمان والصمود". ولم تضيع رايس لحظة واحدة، فبدأت في قراءة سور القرآن وتفاسيره عبر الإنترنت، وأسست "نادي قراء الكتب الدينية العالمية"، وفي غضون أسابيع قليلة قامت بارتداء الحجاب واعتنقت الإسلام. وبيّنت شيلوني من رايس لم تكن الوحيدة، بل بات هناك العديد ممن وصفتهم بشباب جيل Z  منجذبين لاكتشاف القرآن والإسلام، الذين يجدون فيه تعبيرا عن كل ما يؤمنون به، من "القيم التقدمية للحرية والاشتراكية، التضامن الاجتماعي، مقاومة العالم الجشع والاستغلالي، ونعم، أيضًا وسيلة فعالة لتحدي المؤسسة والتمرد على كل ما تقدمه الأجيال السابقة".

وهذا ما يكشف لنا، بأن العدوان الأمريكي الإسرائيلي بطريقة غير مباشرة، بالرغم من الآلام الكبيرة لناحية ارتقاء الشهداء من الأطفال والنساء، كان سبباً مهماً في جذب الشباب للتعرف على الإسلام، بطريقة مغايرة للصورة النمطية، التي دأبت آلة البروباغندا الأمريكية الغربية الترويج لها عن الإسلام (التي تعتنقه حركات المقاومة وشعوب المنطقة).

تنامي المعاداة للصهيونية

أما بالنسبة لمعاداة الصهيونية، فمنذ اندلاع طوفان الأقصى وما جرى بعده من جرائم ومجازر إسرائيلية بحق الإنسانية، حصلت العديد من الحوادث في الدول الغربية في أوروبا وفي أمريكا (خاصةً في الجامعات المرموقة كهارفرد وغيرها)، مثل المظاهرات وحملات الكترونية ورسوم غرافيتي، دلّت على أن هناك تيار شبابي واسع، بات ينظر الى إسرائيل والحركة الصهيونية بطريقة عدائية، والتي تحاول الدول الغربية التصدي لها بشكل ظالم تحت عنوان "معاداة السامية".

وهذا ما أشار إليه الفيلسوف السلوفيني الشهير "سلافوي جيجك" الذي قال في مقالة نُشرت له مؤخراً تحت عنوان: " الجذور الجديدة لمعاداة السامية"، بأن المشروع الصهيوني أصبح مصدرًا رئيسيًا لمعاداة السامية على مستوى العالم، بعد أن أصبح مرتبطًا بالمستوطنات غير القانونية ومقترحات ضم الأراضي الفلسطينية. مشيراً إلى أن هنالك الكثير من الشباب اليساري في الغرب، ممن باتوا يتعاطفون مع حماس، وليس مع إسرائيل. مبيناً بأن هناك تعاطف متزايد مع الفلسطينيين باعتبارهم ضحايا، فضلاً عن الاعتراف بحقهم في مقاومة التعديات التوسعية.


الكاتب:

علي نور الدين

-كاتب في موقع الخنادق.

- بكالوريوس علوم سياسية.

 




روزنامة المحور