السبت 30 كانون الاول , 2023 10:32

لماذا يدعم الجمهور الإسرائيلي القتل الدموي للمدنيين؟

النازية الصهيونية

أعادت معركة طوفان الأقصى بثّ سردية التساهل في قتل المدنيين بل دعم قتل الإنسان الفلسطيني في عقلية الجمهور الإسرائيلي، الذي ما زال يعيش رعب السابع من أكتوبر، ولا يفكر إلا بالانتقام واستعادة أمنه المفقود، فأصبح أكثر استعداداً ورغبة بسماع أخبار أعداد الشهداء، وتقبّل الخسائر، شرط الرجوع بإنجاز، وإزالة التهديد وتحقيق الأهداف. وإلى أن يتمكن قادة الحرب من تحقيق هذه الغايات، تضيق عليهم مساحة الشرعية بسباق مع الوقت كي يثبتوا أن هذه الأثمان والخسائر مستحقة لتحقيق الانتصار. في هذا الصدد، سنقوم بعرض آراء المستوطنين في 24 تشرين الأول و21 كانون الأول أي في مرحلة بدايات معركة طوفان الأقصى ثم في الوقت الحالي من خلال التعليقات الواردة على مقالين في التاريخين المذكورين.

التعليقات الإجرامية

في مقال بتاريخ 24 تشرين الأول في صحيفة "ynet" بعنوان "الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة والفلسطينيين" وردت التعليقات التالية:

لا تسمحوا للوقود بالدخول إلى القطاع، هذا دفاع عن النفس، وليس إبادة جماعية / لا يوجد مواطنون أبرياء في غزة / ليس هناك مجال للرحمة، فهم لا يفهمون إلا القوة والقسوة / ليس هناك أخلاقاً في الحرب / هل من المفترض أن أشفق الآن؟ / لماذا لا تزال هناك مبانٍ في غزة في الصور؟ / هل هي إبادة جماعية؟ لو أردنا الإبادة الجماعية لكان هناك بالفعل نصف مليون قتيل.

وفي مقال بتاريخ 21 كانون الأول في صحيفة "هآرتس" بعنوان "وقف القتال من أجل عودة المختطفين أحياء" يدل أن الجمهور الإسرائيلي غير راغب بوقف إطلاق النار حتى من أجل تحرير المخطوفين، فوردت التعليقات كالتالي:

لا توقف عن القتال يجب القضاء على حماس! / إن وقف القتال الآن سيضر بشدة بفرص العودة / لا أوافق على وقف الحرب بشكل كامل لإعادة المختطفين، فهل يعني ذلك التضحية بدولة إسرائيل بأكملها من أجل 130 مختطفاً؟ / وقف الحرب يعني خسارة الحرب ضد حماس... وهي معضلة صعبة جداً جداً.

تراوح الدعم الشعبي لتوجهات السلطة الإسرائيلية بداية بين 80% إلى 90% حسب استطلاعات معهد الأمن القومي. ومع عودة العمليات القتالية بعد الهدنة انخفض التأييد الشعبي نسبياً فأصبح 67% حسب استطلاع لصحيفة "معاريف". في إطار ذلك، كانت أمهات المقاتلين من الأشرس دفاعاً عن استمرار العمليات العسكرية فبتاريخ 12 و13 كانون الأول بعد حوالي شهرين على الحرب، طالبت المئات من "أمهات المقاتلين" برفع سقف النيران وعدم الرضوخ للضغوط الدولية لا سيما الأمريكية، ومضاعفة زخم نيران السلاح الجوي، لحماية أرواح الجنود. ومن بعد ذلك بتاريخ 17-12-2023، صرّحت سيما حسون (عضو في مجموعة أمهات المقاتلين): "المباني لا زالت واقفة، والجنود يسقطون، لكن عندما تدمر المباني، الجنود يقفون، أنا من سكان النقب الغربي، ونسمع القصف في قطاع غزة، وأقول لكم إنه انخفض ويجب سماعه بصوت أعلى، هؤلاء هم النازيون الذين يجب سحقهم، فدماء أبنائنا لن تذهب سدى".

أسباب تأييد الإسرائيليين قتل المدنيين الفلسطينيين

يطلب المستوطنون مواصلة العمليات العسكرية في غزة حتى تحقيق الأهداف، من دون إخفاء بهجتهم بسقوط عشرات الآلاف من الضحايا الفلسطينيين نتيجة:

- حجم التهديد غير المسبوق الذي قابله مستوى من الدعم الشعبي رغبة بالانتقام، وبالتالي إزالة التهديد.

- المستوى المرتفع للتأييد الشعبي نسبياً مرتبط برغبة الجمهور وأمله بتحقيق أهداف الحرب بالقضاء على حماس، بالإضافة إلى التغاضي وتبرير حجم الخسائر البشرية على الأرض.

- تأثير الدوافع السياسية لنتنياهو وفريقه المتخوف من المحاسبة بعد الحرب، التي دفعت نتنياهو وفريقه إلى بناء سردية حتمية النصر، واستمرارية الحرب، وتوظيف الإعلام وأهالي القتلى والمقاتلين في مواجهة أهالي الأسرى المطالبين بصفقة تُرجع أبناءهم.

- التضليل الإعلامي الذي مارس حجب شبه مطلق على المعلومات المتعلقة بعدد القتلى والإصابات، كما تم فرض قيود غير مسبوقة على الإعلام شملت تعتيماً شاملاً على مواقع الاستهداف الحسّاسة )بنى تحتية استراتيجية (للهجمات الصاروخية المضادة وزخمها، وحظر كافة المعلومات المتعلقة بالجيش وقدرته، والحديث عن أسلحة الجيش وانظمته الدفاعية والصاروخية أو التطرق إلى نقاط ضعفه، بالإضافة إلى منع نشر كل ما له علاقة بزيارة المسؤولين الإسرائيليين الكبار إلى الميدان، أو بقضية الأسرى وصفقات التبادل. كما جرى تشويه لصورة الإنسان الفلسطيني وهو مسار قديم جرى دعمه وتجديده.

لجأت "إسرائيل" إلى اعتماد القوة المفرطة الدموية لإشباع الغريزة الدموية عند الجمهور، وإعادة ترميم العلاقة مع المستوى العسكري والسياسي والأمني الإسرائيلي، مع عدم تغييب التلاعب الإعلامي بالجمهور ليبقى معبأ توازياً مع استمرارية الحرب والعمليات البرية مع كل ما تحمله من خسائر بشرية.





روزنامة المحور