تؤكد معركة طوفان الأقصى مع مرور الوقت، بفضل صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته، وبالرغم من كل التضحيات (المؤثّرة جداً)، بأن المستقبل هو لفلسطين حتماً، ولن يكون في صالح إسرائيل ولا في صالح داعمة وجوده الولايات المتحدة الأمريكية، بالوقائع وبالإحصائيات أيضاً.
ففي استطلاع جديد للرأي العام العربي حول حرب غزة والسياسة الأمريكية، أجراه المركز العربي واشنطن دي سي، وصف ما يقرب من 100% من العرب السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل وغزة بالسيئة، وهناك نسبة كبيرة منهم اعتبروا أمريكا بأنها تشكّل أكبر تهديد للسلام والاستقرار في المنطقة. كما كان لافتاً ارتفاع نسب رفض التطبيع مع الكيان المؤقت الى مستويات قياسية، في دول مهمة كالسعودية (التي تراهن إدارة بايدن على جرّها الى هذا المستنقع)، أو في دول سبق لها التطبيع مع الكيان كالمغرب والسودان.
فماذا عن باقي تفاصيل استطلاع الرأي الذي قام موقع " Responsible Statecraft" بتحليله في هذا المقال الذي ترجمه موقع الخنادق.
النص المترجم:
ألحقت حرب إسرائيل في غزة - ودعم واشنطن لها - أضرارًا جسيمة بمكانة الولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم العربي، وفقًا لاستطلاع تمثيلي لـ 16 دولة عربية نشره المركز العربي في واشنطن العاصمة يوم الخميس.
ووصف ما معدله 82% من المشاركين في جميع أنحاء المنطقة رد فعل الولايات المتحدة على الحرب بأنه "سيء للغاية"، بينما وصفه 12% آخرون بأنه "سيء". وقال ما مجموعه 72% من المستطلعين إن سياسة الولايات المتحدة تجاه الحرب في غزة ستضر "بصورة" واشنطن في المنطقة إما "إلى حد ما" (22%) أو "كثيرًا" (50%). وقالت نسب مماثلة إن ذلك سيضر "بمصالح" الولايات المتحدة في المنطقة أيضًا. وقال ما مجموعه 76% إن وجهات نظرهم بشأن السياسة الأمريكية في العالم العربي "أصبحت أكثر سلبية" منذ بدء الحرب.
كما قال متوسط إجمالي لأكثر من نصف المشاركين (51٪) إنهم يعتبرون الولايات المتحدة تشكل "أكبر تهديد للسلام والاستقرار في المنطقة" - مقارنة بـ 39٪ الذين وصفوا الولايات المتحدة بأنها التهديد الأكبر في المنطقة في استطلاع أجراه المركز العربي عام 2022. ووصف واحد من كل أربعة مشاركين (26٪) إسرائيل بأنها التهديد الأكبر في المنطقة.
تم إجراء الاستطلاع، الذي شمل 8000 مشارك في 16 دولة تمثل مجتمعة 95% من إجمالي سكان المنطقة العربية، عبر الهاتف في الفترة ما بين 12 كانون الأول / ديسمبر و5 كانون الثاني / يناير؛ أي خلال الشهر الثالث من الحملة الإسرائيلية على غزة. وشملت البلدان المملكة العربية السعودية وعمان والكويت واليمن وقطر في منطقة الخليج العربي الفرعية؛ لبنان والأردن والعراق والضفة الغربية الفلسطينية عبر بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين؛ وموريتانيا والمغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر والسودان في شمال أفريقيا. ولم يتم تضمين البحرين والإمارات العربية المتحدة وسوريا.
وتم حساب الآراء الإقليمية الإجمالية كمتوسط لنتائج البلدان الستة عشر التي شملتها الدراسة، مع إعطاء كل دولة نفس الوزن من أجل ضمان أن آراء المشاركين في البلدان الأكثر اكتظاظا بالسكان لم تهيمن على نتائج الدراسة الاستقصائية.
ومن شأن نتائج الاستطلاع، الذي أجري بالتعاون مع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة بقطر، أن تثير بعض القلق في واشنطن، بحسب شبلي تلحمي، الأستاذ في جامعة ميريلاند.
وقال تلحمي في حفل عرض نتائج الاستطلاع في نادي الصحافة الوطني يوم الخميس: "إنها لحظة تاريخية في بعض النواحي المهمة للغاية. إن حجم ما رأيناه والدور الذي لعبته الولايات المتحدة في هذه الأزمة المؤلمة للغاية كان كبيرًا جدًا، ويُنظر إليه على أنه كبير جدًا لدرجة أنه سيترك بصمة على وعي جيل في المنطقة يتجه نحو الأمام، سيصمد بعد هذه الإدارة ويصمد أمام هذه الأزمة".
ويعتقد المشاركون أن واشنطن هي العنصر الرئيسي الذي يمكن إسرائيل من تنفيذ حربها على غزة، والتي قُتل فيها حتى الآن أكثر من 27 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال. بالضبط نصف الجمهور العربي يعتبر "الدعم العسكري والسياسي الأمريكي" هو العامل الأكثر أهمية، بينما قال 15% أنه ثاني أهم عامل. أما "عدم التحرك الحاسم" من جانب الحكومات العربية تجاه إسرائيل، والذي كان الخيار الشعبي الثاني، فقد اعتبره 14% من المستطلعين العامل الأكثر أهمية و23% باعتباره العامل الثاني الأكثر أهمية.
وأظهر الاستطلاع أيضا زيادة ملحوظة في المعارضة في العالم العربي للاعتراف بإسرائيل في بعض الدول. وقال ما مجموعه 89% من المستطلعين إنهم يعارضون الاعتراف بإسرائيل، في حين يؤيد ذلك 4% فقط، وهي أدنى نسبة منذ طرح السؤال لأول مرة في عام 2011.
وتجدر الإشارة بشكل خاص في هذا الصدد إلى ردود المشاركين في المملكة العربية السعودية. وكان تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل هدفا رئيسيا لإدارة بايدن، التي انخرطت في مفاوضات مكثفة مع الرياض حول شروط التطبيع، بما في ذلك المطالب السعودية بوقف إطلاق النار في غزة. ووجد الاستطلاع أن نسبة المشاركين السعوديين الذين يعارضون الاعتراف بإسرائيل قفزت من 38% في المرة الأخيرة التي طرح فيها السؤال (في عام 2022) إلى 68%، وهي زيادة تُعزى إلى حد كبير على ما يبدو إلى حرب غزة (رفض 29% من المشاركين في المملكة الإجابة على هذا السؤال).
كما ارتفعت معارضة التطبيع بنحو عشر نقاط مئوية على مدار العام في المغرب والسودان – وكلاهما قاما بتطبيع العلاقات مع إسرائيل عام 2020 فيما يعرف بـ"اتفاقيات ابراهام" – إلى 78% و81% على التوالي.
وفي ضربة أخرى لسياسة بايدن، التي شددت مرارا وتكرارا على التزامها بإنشاء دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل منذ بدء حرب غزة، قالت أغلبية كبيرة من المشاركين في كل دولة إنهم لا يعتبرون واشنطن جادة في المتابعة. وقال 68% من المشاركين في الاستطلاع إن واشنطن "ليست جادة على الإطلاق" بشأن التزامها، في حين قال 13% آخرون إن واشنطن "غير جادة إلى حد ما".
وكانت الشكوك مرتفعة بشكل خاص في الأردن ولبنان والضفة الغربية التي تؤوي أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين في العالم العربي، لكن 77% من السعوديين الذين شملهم الاستطلاع قالوا إن واشنطن إما "ليست جادة على الإطلاق" (62%) أو "إلى حد ما غير جدية" (11%).
كما وجد الاستطلاع أن القضية الفلسطينية استعادت مكانتها كأولوية قصوى لدى الجمهور العربي ككل. وعندما سُئلوا عما إذا كانوا يعتبرون القضية الفلسطينية "قضية لكل العرب وليست للشعب الفلسطيني وحده"، اختار ما متوسطه 92% من المشاركين الخيار الأول، أي أعلى بنسبة 16 نقطة مئوية عما كان عليه عندما تم طرح السؤال نفسه في عام 2022. وفي السعودية، قفزت نسبة الموافقة على هذا الرأي من 69% إلى 95%. وتم العثور على زيادات كبيرة مماثلة في العراق ومصر والمغرب.
أما بالنسبة لوجهات النظر حول مواقف الدول العربية الرئيسية تجاه حرب غزة، فقد كان المشاركون أكثر انتقادًا لدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث صنف متوسط إجمالي قدره 67% موقف أبو ظبي إما "سيئ جدًا" (49%) أو "سيئ" (18%). ولم يكن أداء المملكة العربية السعودية أفضل بكثير، إذ وصف 64% من المشاركين وضعها بأنه "سيئ للغاية" (44%) أو "سيئ" (20%). كما رفضت الأغلبية موقفي مصر والسلطة الفلسطينية.
كما قللت الحرب من الأمل في إمكانية تحقيق السلام بين إسرائيل وفلسطين. وقال ما يقرب من 60% من المستطلعين إنهم خلال الحرب "أصبحوا متأكدين من أنه لن يكون هناك إمكانية للسلام مع إسرائيل"، في حين أن 13% فقط ما زالوا يؤمنون بإمكانية السلام.
وفي نهاية المطاف، فإن اختبار ما إذا كان رد فعل الجمهور على الحرب هو كيفية استجابة الحكومات في العالم العربي، كما قال تلحمي في الحدث الذي أقيم يوم الخميس. وقال إن الدليل الأول سيكون ما إذا كانت السعودية تصر على إنشاء دولة فلسطينية كجزء من أي اتفاق تطبيع مع إسرائيل أم لا، ولا تقبل بوعد الدولة في وقت ما في المستقبل. وأضاف: "سيكون هذا هو الاختبار الحقيقي لمعرفة ما إذا كانت هذه الأزمة الرهيبة قد أدت إلى شعور عام نشط للغاية في العالم العربي، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، بأن الحكومات لن تفعل أشياء تتعارض مع مشاعرها".
المصدر: Responsible Statecraft
الكاتب: غرفة التحرير