على وقع الضغط الدولي و"توبيخ" بايدن، انعقد مجلس الوزراء المصغّر في تل أبيب، وكانت أبرز مخرجاته الموافقة على إدخال 500 شاحنة مساعدات إنسانية يوميًا إلى قطاع غزة، باعتبارها ضرورية لضمان استمرار القتال وتحقيق أهداف الحرب. وبحسب موقع "أكسيوس" فإن المجلس وافق على فتح معبر "إيرز" للمرة الأولى منذ هجوم 7 تشرين الأول. السؤال الذي يطرح هنا، ما الذي دفع نتنياهو إلى تعديل موقفه بشأن المساعدات الإنسانية؟
بايدن يطلب من نتنياهو وقفا فورياً لإطلاق النار
نقلت صحيفة معاريف بأن بايدن طلب من نتنياهو وقفا فورياً لإطلاق النار، وذلك للمرة الأولى منذ بداية الحرب. وفي التسريبات قال بايدن لنتنياهو إن وقف إطلاق النار الفوري ضروري لتحقيق الاستقرار وتحسين الوضع الإنساني وحماية المدنيين الأبرياء، وحث نتنياهو على تمكين مفاوضيه من إبرام اتفاق دون تأخير لإعادة المختطفين إلى وطنهم.
من الواضح، أن بايدن ينتهج سياسة متناقضة بشكل صارخ في التعاطي مع الحرب المستمرة على غزة، إذ يوجّه انتقادات لاذعة لنتنياهو وإسرائيل من جهة، وهو ما ظهر مؤخراً في البيان الذي أصدره عقب مقتل عمّال الإغاثة من "المطبخ المركزي العالمي" باستهداف إسرائيلي. ومن جهة أخرى يحافظ على دعمه السياسي الثابت لكيان الاحتلال. فبعد ساعات فقط من تصريح بايدن بأنّه "غاضب ومنكسر القلب" بشأن العمّال، أكد المتحدث باسم البيت الأبيض، جون كيربي، للصحافيين، أنّ دعم الإدارة الصارم لـ"إسرائيل" لن يتغيّر.
ضمن هذا الإطار، يتعرّض بايدن لضغوط كبيرة في الداخل الأميركي من الحزب الديمقراطي، وتحديداً الجناح اليساري في حزبه الذي يستمر باتهامه بالتواطؤ مع بنيامين نتنياهو في ممارسة الإبادة الجماعية، ويدعوه إلى أخذ المخاطر التي يتسبب بها هذا الموقف على سمعة ودور الولايات المتحدة بعين الاعتبار. فضلاً عن استمرار تضرر موقف بايدن في حملة انتخابات الرئاسة الأميركية أمام منافسه الجمهوري دونالد ترامب، وكلما اقترب موعد الانتخابات وطال زمن الحرب كلما أصبح بايدن محرجاً في الداخل الأميركي. من هذا المنطق، لا يجد بايدن أمامه سوى أمرين، تعديل موقفه بشأن الحرب الدائرة مع الإبقاء على المساعدات العسكرية قائمة، أو بمعنى أخذ مواقف متناقضة، أما خياره الثاني فالضغط على نتنياهو لتعديل موقفه بشأن المدنيين وإدخال المساعدات الإنسانية والتي بدأت تجني ثمارها.
ضغوط المجتمع الدولي
نظراً للانتهاكات الفاضحة التي يمارسها نتنياهو بحق المدنيين في قطاع غزة أصبحت إسرائيل عارية أمام المجتمع الدولي أكثر من أي وقت مضى، ما يشكّل ضغطاً سياسياً على حكومة نتنياهو وخصوصاً في الفترة الأخيرة من قبل عدة دول أوروبية، حيث تمت مناقشة مشروع قرار قدمته كل من بوليفيا وكوبا وباكستان إلى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، ويدعو أحد بنوده إلى وقف تصدير الأسلحة إلى "إسرائيل" فوراً. بالإضافة إلى ذلك وقّع 600 محامٍ بريطاني من محامين وأكاديميين وقضاة رسالة لوقف تسليح "إسرائيل" كإجراء لمنع الإبادة الجماعية معتبرين أن تسليح إسرائيل ينتهك القانون الدولي. تجدر الإشارة إلى أنّ الولايات المتحدة تقدم للكيان الإسرائيلي مساعدات بقيمة 3.3 مليار دولار سنويًا، معظمها مساعدات عسكرية، بينما تم توفير تمويل أكبر منذ أكتوبر 2023 للسماح لها بمواصلة حملة القصف في غزة.
دفعت الحرب 85% من سكان الإقليم إلى الخروج من منازلهم، ودمرت أو ألحقت أضراراً بمعظم البنية التحتية للجيب وخلقت الظروف الملائمة للمجاعة حيث لا تزال عمليات تسليم المساعدات غير كافية على الإطلاق. ويواجه الكيان الصهيوني اتهامات بالإبادة الجماعية أمام محكمة العدل الدولية، التي أمرت حكومة ناتنياهو، في حكم مؤقت صدر في كانون الثاني، بوقف أعمال الإبادة الجماعية واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة.
بناء على ذلك، اتخذت حكومة نتنياهو قرارها بالسماح بإدخال 500 شاحنة من المساعدات الإنسانية وفتح معبر"إيرز".
الكاتب: غرفة التحرير