الثلاثاء 23 نيسان , 2024 04:05

بعد 200 يوم..الخسائر الاقتصادية للكيان تتفاقم!

الأزمة الاقتصادية في إسرائيل

بعد مرور ما يزيد عن ستة أشهر على اندلاع معركة طوفان الأقصى، يواصل الاقتصاد الإسرائيلي تكبد خسائر فادحة وربما تكون الأكبر له نتيجة تبعات استمرار الحرب في قطاع غزة، وسط توقعات بتفاقمها في حال استمرار أمد الحرب ونطاقها خلال الفترة المقبلة. وينذر استمرار الحرب بمزيد من الخسائر الاقتصادية وانعكاس ذلك بالسلب على مختلف القطاعات والنمو الاقتصادي بشكل عام، ما يشكّل خطرًا على مستقبل الاقتصاد الإسرائيلي، في ظلّ تفاقم فاتورة الحرب اليومية.

التداعيات الاقتصادية لمعركة طوفان الأقصى

- انكماش الاقتصاد الإسرائيلي.

- تضرّر القطاع السياحي، بعد تراجع حاد في حركة السيّاح القادمين من الخارج، مع الإشارة إلى أنّ عددًا من الفنادق تحوّل إلى مراكز إيواء للنازحين الإسرائيليين من مناطق الصراع. وقد تراجع عدد الوافدين من 300 ألف إلى 50 ألف سائح شهريًا.

- تراجعت الزراعة والصناعة بسبب نقص العمالة.

- تراجع حركة الملاحة الجوية كما والبحرية، فميناء إيلات بات "شبه معطل"، في حين أن 40 في المئة من واردات إسرائيل تمر عبر هذا الممر الحيوي.

- إغلاق 60 في المئة من المؤسسات التي تعمل بقطاع التشييد والبناء.

- تعرّض السفن في البحر الأحمر وخليج عدن لهجمات الحوثيين، ما أدّى لتراجع حجم التجارة عبر قناة السويس بأكثر من 40 بالمئة، في ك1 وك2 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وفقًا لبيانات الأمم المتحدة.

- خفضت وكالة التصنيف الائتماني "موديز"، في شهر شباط، تصنيف إسرائيل إلى "A2" من "A1" بسبب المخاطر السياسية المتزايدة وضعف التمويل العام الناجم عن الحرب. وأشارت إلى أنه ربما بعد فترة القتال الفعلي، "قد يكون التأثير السلبي على مؤسسات الدولة والمالية العامة أكثر خطورة من تقديراتنا الحالية".

- ارتفاع تكاليف الحرب، فحتى شهر آذار بلغت حوالي 42 مليار شيكل (11.66 مليار دولار)، إلى جانب مصاريف الحكومة التي تضاعفت خلال الأشهر الماضية.

- ضعف الشيكل وسوق الأوراق المالية، وارتفاع معدلات البطالة، وفقدان ثقة المستثمرين في سندات الحكومة الإسرائيلية. فقد تراجعت الاستثمارات الأجنبية خاصة في قطاع التكنولوجيا الفائقة الذي يمثل حجر الزاوية في الاقتصاد الإسرائيلي، بالإضافة إلى انخفاض القيمة الإجمالية للأسهم المسجلة على المؤشر الرئيسي لبورصة تل أبيب بنحو 19 مليار دولار، وأدت هذه التداعيات إلى ضخ البنك المركزي نحو 30 مليار دولار لدعم الشيكل، ما يشير إلى أن الكيان أمام كارثة اقتصادية حال استمرت الحرب.

- احتمال أن يسجل نمو الناتج المحلي الإجمالي في الكيان خلال عام 2024، ككل، أحد أضعف معدلاته على الإطلاق، وفق ما توقّعته مؤسسة كابيتال إيكونومكس للأبحاث.

- غياب العمالة الفلسطينية أيضًا أثر بالسلب بالتزامن مع استدعاء قوات الاحتياط على حركة وأداء القطاعات.

- قفز الإنفاق الحكومي على الحرب وتعويض الشركات والأسر بنسبة 88.1%.

- بحسب موقع الضمان الاجتماعي الإسرائيلي، فإنّ المؤسسة دفعت مبالغ قيمتها ستة مليون شيكل (نحو مليون و600 ألف دولار) على شكل منح لأشخاص يبلغون من العمر 67 عاماً وما فوق، بعد توقف أعمالهم بسبب الحرب.

- أشار محافظ بنك إسرائيل أمير يارون، إلى إمكانية أن تصل الخسائر الاقتصادية إلى ما نسبته 10 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي، وهو ما يعادل 52 مليار دولار.

ميزانية العام 2024

صوّت أعضاء مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغّر (الكابينت) في كانون الثاني من هذا العام على ميزانية 2024، بزيادة 55 مليار شيكل (15 مليار دولار) كمبلغ إضافي للإنفاق على الحرب. ويشمل التمويل الإضافي، إلى جانب الميزانية العسكرية، تعويضات للمتأثرين بالحرب، وزيادة في ميزانية الرعاية الصحية والشرطة. وقد أظهرت الأرقام الرسمية الأخيرة الصادرة عن وزارة المالية الإسرائيلية، ارتفاع العجز في الميزانية الاقتصادية في إسرائيل، وانخفاضًا في النمو الاقتصادي.

وكشفت وزارة المالية أن إجمالي العجز منذ بداية العام الحالي وصل إلى 26 مليار شيكل (أكثر من 7 مليارات دولار)، في تناقض كبير مع الفائض التراكمي البالغ 14.2 مليار شيكل (3.8 مليارات دولار) المسجل خلال الفترة المقابلة من العام الماضي. وبحسب "جيروزالم بوست" فإن هذا العجز يؤكد الضغوط المالية التي تواجهها إسرائيل وسط التحديات الاقتصادية المتزايدة بسبب حربها على قطاع غزة. ووفق تقديرات الوزارة فإنّ إسرائيل سجلت عجزًا في الميزانية قدره 4.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2023، بسبب ارتفاع الإنفاق الحربي في الربع الأخير من العام، وانخفاض الدخل الضريبي.

تأثير الحرب على اقتصاد الكيان من وجهة نظر المختصين

- مئير مصري: "إن المؤشرات الاقتصادية الإسرائيلية لن تتحسن مباشرةً بعد انتهاء الحرب، ويأتي ذلك في سياق التحديات الاقتصادية العالمية والصعوبات التي تواجه اقتصاد إسرائيل منذ اندلاع الحرب". كما قال إن "الحرب لها تكلفة عالية تقع على عاتق ميزانية الدولة".

- مدير مصلحة الضرائب الإسرائيلية شاي أهارونوفيتش: "إن إسرائيل تتكبد أضراراَ أكبر بستة أضعاف عن تلك التي وقعت خلال حربها مع حزب الله اللبناني عام 2006". ووفقًا لموقع "وللا" العبري، أشار أهارونوفيتش إلى أن طلبات التعويضات عن الأضرار غير المباشرة للإسرائيليين جرّاء الحرب قد تتجاوز 700 ألف مؤكدًا بالفعل تقديم نصف مليون طلب للتعويض حتى الآن. ونقل الموقع عن أهارونوفيتش قوله: "الحرب شكلت تحديًا معقدًا للغاية للتعامل مع الأضرار المباشرة، كما لم نشهدها من قبل". وأضاف: "لم نكن في مثل هذا الوضع من قبل".

- إيلان بيلتو، الرئيس التنفيذي لاتحاد الشركات العامة في إسرائيل، حذّر من تداعيات استمرار خرق الميزانية من أجل الإنفاق المتزايد على الجيش خلال الحرب. وقال: "إذا دخلنا في حالة من الهستيريا واستسلمنا لضغوط الجيش وتم خرق إطار الميزانية بما يتجاوز الحاجة لمرة واحدة، فستكون لذلك عواقب وخيمة، سواء في مجال الضرائب أو مجال الرفاه".

- المكتب المركزي الإسرائيلي للإحصاء قال: "إن الناتج المحلي الإجمالي انخفض بنحو 19% على أساس سنوي في الربع الرابع من 2023 في وقت تراجع فيه مستوى الاستثمار بنسبة 70%. وأضاف بأن "الإنفاق الخاص انخفض بنسبة 26.3%، وانخفضت الصادرات بنسبة 18.3%، وكان هناك انخفاض بنسبة 67.8% في الاستثمار في الأصول الثابتة، وخاصة في المباني السكنية".

- كبير خبراء الاقتصاد في وزارة الاقتصاد الإسرائيلية، شموئيل أبرامسن: "الحرب ستؤدي إلى تغييرات في نظام الاقتصاد وفي إسرائيل على المدى القصير في 2024، وعلى المدى الطويل". وفي ندوة في الجامعة العبرية بمشاركة خبراء اقتصاديين آخرين، في 8 كانون الثاني قال إنّ هذه "الحرب لا تشبه أي شيء شاهدناه في العشرين عامًا الماضية من حيث التأثيرات (على الاقتصاد)". وأضاف أنّ نسبة الإنفاق على ميزانية الدفاع سترتفع من 4.6 في المئة إلى 6 في المئة من الناتج المحلي. وقال إنّ هذا سيمثّل ضررًا بنسبة 1.4 في المئة للناتج المحلي، وإنّ ذلك سيأتي على حساب الميزانية الشاملة ومن ضمنها التعليم العالي والرفاه الاجتماعي والأمن الداخلي. وأشار إلى أنّه على المدى القصير، لن يكون هناك مفرّ من زيادة الديون وإيرادات الدولة بما في ذلك الزيادات الضريبية.

أما على المستوى السياسي، يرى خبراء ومحللون، أن تراجع الأداء الاقتصادي قد يؤثر بدوره على مسار الحرب الدائرة في غزة، إذ يقول أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية في القدس، عضو اللجنة المركزية لحزب العمل، مئير مصري، إن "الحرب لها تكلفة عالية تقع على عاتق ميزانية الدولة". إذ إن المؤشرات الاقتصادية لها دلالات على مدى استمرار هذه الحرب وعلى مسارها، خصوصًا أن بعض المؤسسات تضغط من أجل تغيير سياسات ومسارات المعركة، وذلك بالنظر إلى التأثيرات غير المؤاتية على قطاعات السياحة والاستثمارات والإنتاج. وعليه، سيكون لتراجع الأداء الاقتصادي تأثيرات على الأداء السياسي في الكيان المؤقت في المرحلة المقبلة.





روزنامة المحور