الأربعاء 12 حزيران , 2024 04:11

الكنيست يصوت لصالح الحريديم وغالانت يغرّد خارج السرب

الكنيست الإسرائيلي وقانون الحريديم

خيّم قرار البرلمان الإسرائيلي لصالح استمرار العمل بقانون التجنيد الإجباري (قانون إعفاء الحريديم من التجنيد والخدمة العسكرية الإلزامية) على المشهد الإسرائيلي الداخلي، حيث تم التأكيد على وحدة ائتلاف نتنياهو (صوّت 63 عضواً تأييداً للقرار) باستثناء وزير الحرب يوآف غالانت الذي انضم إلى المعارضين للقرار، مبرراً موقفه بالحاجة لتجنيد جميع فئات المجتمع، وتعرض عقب ذلك لانتقادات من مشرعين ونشطاء من حزب الليكود الذين طالبوا بإقالته.

وبذلك استطاع بنيامين نتنياهو تمرير إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية، على أن القانون لم يوضع موضع التنفيذ بعد. ومن المقرر أن يحال إلى لجنة الخارجية والأمن لمزيد من المداولات والتصويت بالكنيست قبل طرحه للتصويت بالقراءتين الثانية والثالثة، حتى يصبح قانوناً نافذاً. وأوضح مشرعو الليكود، الذين تعرضوا لضغوط من جمهورهم أن هذا كان مجرد "تصويت فني".

رسائل سياسية

يقول محلل الشؤون الحزبية في صحيفة هآرتس يوسي فيرتر "بينما كان يتم تشييع الجنود والضباط القتلى في الخيام العسكرية، احتشد ائتلاف حكومة اليمين المتطرف في خيمة التوراة وصوّت مع هذا القانون، لضمان عدم تفكك الحكومة".

ولفت إلى أن المصادقة عليه تحمل رسائل سياسية عديدة، حيث تخاطب الأحزاب الحريدية المتشددة مختلف شرائح المجتمع الإسرائيلي، وتقول لها "موتوا ولن نتجند".

وبشأن الرسالة التي بعث بها 63 من أعضاء الكنيست ممن دعموا القانون، فهي تؤكد - برأيه- أنهم صوتوا من أجل تشكيل شبكة أمان تحمي الائتلاف الحكومي.

وأمام هذا الواقع، لا يستبعد فيرتر اتساع ظاهرة التهرب من الخدمة العسكرية بصفوف الشبان اليهود، قائلاً إنه سيكون من الصعب توجيه انتقادات إلى الأمهات والآباء الذين سيتوسلون لأبنائهم وبناتهم لرفض الخدمة في ظل هذه الحكومة. وفي أول تداعيات لقرار البرلمان (الكنيست) أبلغ أهالي الجنود الوزراء بأنهم يطالبون أبناءهم بإلقاء السلاح فوراً ووقف القتال والعودة إلى منازلهم.

أما المحاضر في جامعة حيفا والمتخصص في دراسة الإدارة والحكم في إسرائيل، عيران فيغودا غادوت علّق بعد انتقاده الحكومة الإسرائيلية، بأن هذا القانون يشكّل أكبر تهديد لنتنياهو ومستقبله السياسي. ووصف غادوت المصادقة على القانون بأنه شيء سيء، وذلك بسبب فرض التجنيد على شرائح معينة من المجتمع، وإعفاء شرائح أخرى ومنحها غطاء للتهرب من الخدمة العسكرية.

طوق نجاة آخر

عزا مراسل الشؤون السياسية شليزنغر تشريع القانون بهدف بقاء نتنياهو قدر الإمكان على كرسي رئاسة الوزراء وتجنب المحاكمة بتهم الفساد وخيانة الأمانة.

من جانبها، قالت محررة الشؤون السياسية في صحيفة هآرتس"، رفيت هيخت، إن القانون الذي ينوي نتنياهو تمريره لا يتناسب مع احتياجات الجيش الإسرائيلي بعد معركة طوفان الأقصى، ومع الواقع الاجتماعي والمدني بإسرائيل الذي أصبح قائما على "التشرذم والانقسام والصراع بين العلمانيين والمتدينين".

وعدّت هيخت أن المصادقة على القانون بالقراءة الأولى قد تشكل طوق نجاة مؤقت لحكومة نتنياهو، وذلك بعد استقالة رئيس "المعسكر الوطني"، بيني غانتس من حكومة الطوارئ (في أكثر من مناسبة أكد زعيم حزب "معسكر الدولة" بيني غانتس رفضه إعادة إحياء المشروع الذي اقترحه بنفسه قبل عامين عندما كان وزيرا للدفاع). بيد أن حكومة اليمين المتطرف -برأيها- ومع استمرار تشريع القانون، ستفقد المزيد من الشرعية العامة، ليبحث نتنياهو عن طوق نجاة آخر.

وبينما تعارض الأحزاب الدينية تجنيد الحريديم فإن الأحزاب العلمانية والقومية تؤيده (تطالب الأخيرة مشاركة جميع مكونات المجتمع بتحمّل أعباء الحرب) مما تسبب لنتنياهو بإشكالية تهدد ائتلافه الحاكم. ولا يبدو أن غالانت عارض القرار من بوابة حاجة الجيش المستنزف لجنود إضافيين، بل غرّد خارج سرب حزب الليكود لاعتبارات سياسية تخص علاقته مع نتنياهو المأزوم بخطر تفكك حكومة الحرب، بعد انسحاب غانتس وأيزنكوت منها، وقد تحمل الأيام القادمة تجدد خلافات نتنياهو-غالانت ضمن لعبة الابتزاز والتناحر بينهم.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور